قرأتُ عنك في ملامح وجهك
استنتجتُ من ملامح وجهك قصاصة مؤلمة
تُشير لي لخيبة الأمل، تلقيناً
تالله لن أنسى ما مررت به من طفولة
بل ما ذكرت الله في معاناتي.
يوم التقيتنا ولم تكن ابتسامتك الطبيعية
تبتسم كوجه المدين المثقل بالأحزان.
وكيف لي أن أنسى تلك اللحظات القاسية
وأنا لم أنسَ تلك الأوقات الهادئة.
جئت من بعيد فأخدتني ظناً
أنك كنت تلامس شبحاً.
لقد التقيت بك دقيقة واحدة
ذرَّت في عينيك ثقل كسائر الأعباء.
كأنما كنتَ تُعيد إليَّ شبيبتي
كما كان من قبل، وكأنك كنتَ سحابة.
أو تجمع أمواج بحر الصين في لحظات
أو كقوسٍ فوق الأفق وسهول عديدة.
أو جميع ما لم يستطع فعله
عيسى أو موسى بن عمران.
يا صاحب الوجه البهيّ، لقد أذبلتَ
فاضمِم إلى جاذبيتك بعض الإحسان.
أنت تُعاني من قلة الأوقات التي تجمعنا
تبدلُكُ الذكريات ألواناً.
تقطع على الوصل ثم تتركي إلى
من يتوق لوصلٍ يُروّي ظمأه.
حتى إن توصلت إلى وعدٍ بينما تؤلمك
تركتَ له أثر الفراق والهجر.
وتختار أن تعاني مع الوقت دون مرونة،
فتتقمصُ صفاءً مع ما هو معقد.
وتعقد الأمل، لكن تحقيقه
سيظل بعيد المنال إن لم ينضج.
وإذا حصلت على المُراد مرةً،
ستكون مشاعرك مقصرة، تسجل كسرًا.
ومالك إلا حسن النية في الوعود،
ولا الممتنّن من موهبة المنّ.
حذرتني عن الناس، والآن أصبحتُ
لا أؤلف أي إنسان.
لقد أذيتني كثيراً، لكني أنا الآن
أحيانًا أستقوي بفعل الإهانة.
هو الحب، فاستسلم جيدًا
إنه الحب، فاستعد من أعماق قلبك، فليس الهوى سهلاً.
فمن اختاره مُضنياً، وعقله يدرك الصعوبات.
وعش خالياً، فالحب يريح نفسه عن الألم،
وأوله مرض وآخره فراق.
ولكنني أرى في موته نوعاً من الحياة
لمن أحببت، وبفضلها أمارس حريتي.
لقد نصحتك بمعرفة المواقف والعواطف،
فاختر لنفسك ما يناسبك.
إن أردت أن تعيش سعيداً، فاقضِ نحبه
شهيدًا، وإن لم تُرِدْ، فالغرام مدعو.
فمن لم يمت في حبّه، لم يعش به،
فلا يمكنك الحصول على ثمار العسل دون المخاطر.
تمسك بحبال الحب وابتعد عن الحياء
وخلي سبيل الأذكياء حتى وإن كانوا قلة.
قل لقتيل الحب قمت بواجبك،
وللمدّعي، فمن السخف أن تشكّوا في الأمر.
تعرّض الناس للغرام، لكنهم تراجعوا،
وأعرضوا عن تلك المشاعر، فاستغنوا عن صحتهم.
قبِلوا بالخداع، لكنهم بالغوا بغرورهم،
وخاضوا بحار الهوى، لكنهم لم يغرفوا.
فهم في جولات السهر لم يتحركوا
لما وجدوا الفرح عواملاً للنسيان بدلاً من الحكمة.
عشاق قلبي، والمحبة تسندكم،
كما تُريدون، إذا رغبتم نبسط الحبل.
لعل نظرة منك تشفق عليّ،
فقد تعبتُ بيني وبينكم السبل.
أحبائي، أنتم أحسن الأزمان، أم الخسارة؟
فكونوا كما ترون، أنا ذاك الغريب.
إن كان نصيبي الهجر منكم، وكان
فذاك الفراق عندي هو الوصل.
ما الصد إلا ودٌّ، ما لم يكن كُرهٌ،
وأصعب الأمور غير إعراضكم لي.
وعذابكم لديّ مُلاطفة، وجوركم
مثل العدل قد أُحيط به، فأنا في صبري كاره.
عزيتني، لكني لا زلت أشعر بالمرارة.
لقد أخذتم قلبي، وهو جزء مني، فما الذي
يضرّكم لو كان عندكم كل شيء.
ابتعدتم، فغير الدموع لم أرَ شيئاً
سوى زفرةٍ تعبر من لهب الجوى.
فعيوني حية في جفني، وسريري ميتٌ
ودمعي يغسل عمري.
حبُّ عابر، وعبرتي من هذا الطريق،
فقد جرى دمي بين سطوري وسفوحه.
أقراني سخروا مني إذ رأوني مُتيمًا،
وقالوا: قد أصابه الجنون.
وماذا قيل عنّي غير أنه،
بنعمٍ له مشغول، وأنا لي شأنٌ.
وقالت نساء الحي: اذكروا من
غفلني، وبعد العز وجدت الذل.
إذا أنعمتْ عيينٌ عليَّ باهتمام،
فلن إنسانةً تفرحني أو تُجمل.
لقد صدئت عيني برؤية غيرك،
ووضعتُ جفني فوق التراب.
وقد علِموا أني قتيل نظرها،
فإن لها قلباً حاداً في غمرتي.
حديثي قديم في حبها، وما له،
كما علمت، تهت ولم تدم قبلك.
وما لي لقاء في غرام بصورة،
فإن حديثي هو رسالة أرواح.
أنا راضي بما أُعطيت في الحب ودمائي هي نصوصٌ
أعيش بها، فحالتي كما تشاء.
وإن أساءت له فحسنت لي،
لم تحطُ قدري وأحبّها أكثر.
وعنوان معاناتي قساوة، فقضيت
في حبي، ولم أكن غير صادق.
غَضُبِي كان دافعاً لردة فعل،
فكيف ترى العائدين بلا الظلال.
كما عثرت عيوني على أثري، ولم
تترك لي علامة في الحب، تذهب بعيدًا.
ولي همةٌ دفينة، إذا ذكرتها
وكلما قلّت، كلما زاد لكنها تنموا.
تجري محبتها في عروقي،
فصارت مشاغلي بها، وارتقت بها همتي.
فانبذ من النفس هنا لأجل الجمال،
فإني أتمسك بحب العذل في عشق.
ولمن كان صاحب حبٍ، بلصقات لجمالها،
فاهجروا للآخرين وعودوا.
وإن ذُكرت يوماً فالتفت باهتمام،
فالسجود للوجه المحدد، لابد من التعبد.
وفي عشقها ضعت كل شيء،
وأضلتني عقولٌ ليست أنت.
وأخبرتهم برشدي، والانتظار والفن،
ابتعدوا، فقد نفذت قلبي من حب الحياة.
وأخذت فؤادي خالصًا لها،
علني أجد بسبيلها مرحلة.
من أجلك أعمل للبدء، ومواصلة العمل،
وأراها دائمًا رغم رحيلهم.
لذا أرتاح بكل تعبير بينك،
لتعرفي ما قاسيته، وما لم تجدي.
وأحب أن أقرب العذال لأتحادث بها،
كأنهم رسل الهوى.
فإن حدثوا عنك، كلي أذان،
وكُلّي لهم يكلم – فإن كان تُخالفون.
تبادلت الآراء بيننا، وما لها أصل
بسبب اختلاف المراكز بيننا.
فلقد هاجمني بعضهم تحت مصلحة الوصال،
وجماعة أخرى هاجمتني في السُلوان.
فلا أصدق ما يشينه لك، فتعابيرهم
كذبت بكل أقوالهم.
وكيف أحب أن آمل بعودة، من لو اعتقدت،
الصدود ينقلب إليه، إذا ساءت البقاع.
وإن دخلت شغفت بأعمالهم،
فإن القول يتبعه من مستويات.
عديني بمعاملة جيدة، واعتذر عن قليل المساعدة،
فيا كل أملٍ، إن كان ممكنًا فقد يسهل.
وعهدنا لن ينكسر دون تأمل مرة واحدة،
وكما هو وعدٌ علينا، مؤكد.
أنت تشكل مشاعر الغضب ونشوة الحب،
فستظل شغاف القلب عندي، ما أؤمن.
تنظرى إلى رأسي في يوم من الأيام،
والزمن سيلتئم، وستكون عدتي.
وكيف أظل أراهم معي، فإن أقبلوا،
لن يتغيروا بل سيتبعهم الأثر.
لهم مكانة مني، حتى وإن جفوا،
وليس من رأسي لم أكن لأبتعد.
إذا لم تزريني، فقد زارني الطيف
إذا لم تزوري، فقد زارني الطيف،
وقد قضيت لذتي حد الساعات.
قال: لقد ابتعد الحظ، فقلت:
من عارض الشوق لا يبتعد الشوق.
قالت: كذبتَ على طيفي! فقلت:
إذن فقد أؤذيت، يا ذات المخاطر.
ولم أنقل إلى محلاتٍ غير المفضلة،
ولا رميتي لاستخراج النقود، فاختاري.
ولا رأيت شفاهاً منه على شفتي،
فقط أغمضي عينيكِ بالأشواك.
قالت: لقد أقسمتُ يميناً لا كفاءة لها،
ألا تخاف من وعيد الله والنار؟
ما الحياة إلا رحلة فانية
بصراحة، ما الحياة إلا رحلة فانية؛
يكفيك أن الموت هو الغاية النهائية.
فلا تعشق الحياة، أيها الأخ، فهي
كما يبدو العاشق يجازف في ألم.
حلاوتها ممزوجة بمشاعر السوء،
وموقع الراحة مدمج بالجهد.
فلا تمشي يومًا في ثوبٍ كان مُروضًا،
فإنك جُعلت من طينٍ وماء.
نادراً ما تصادف إنساناً يشكر لله؛
وقلما تجد إنسانًا راضيًا بقضائه.
ولله نعمٌ عظيمةٌ علينا،
ولله إحسانٌ يمنح الخير.
فما الحياة إلا لحظات تتبدل
ليس لكل الفتى أيامٌ متشابهة.
وما هي إلا يوم بؤس عابر،
ويوم سعادة مرسوم، وفرحٍ يتسرب.