تأثير الغازات الدفيئة على الغلاف الجوي للأرض
تُعتبر الغازات الدفيئة العامل الرئيسي وراء تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري. عندما تصل أشعة الشمس، المكونة من مجموعة من الفوتونات، إلى الأرض عبر الإشعاع، تتداخل مع الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. تقوم هذه الغازات بامتصاص جزء من طاقة الفوتونات، ثم تنقلها إلى الجزيئات المجاورة من خلال الاصطدامات، مما يؤدي إلى تسخين الغلاف الجوي. بدورها، تشع الغازات الحرارية جزءًا من هذه الطاقة إلى اليابسة والمحيطات، مما يساهم في تسخينها.
تمتص الأرض والمحيطات جزءًا من هذه الطاقة وتعكس ما تبقى منها، لكن التركيز العالي من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي يتسبب في إعادة امتصاص هذه الطاقة وحبسها، كما يحدث داخل جدار بيت زجاجي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة متوسط درجة حرارة الأرض على المدى البعيد، والمعروفة بظاهرة الاحتباس الحراري.
يتأثر المناخ بشكل كبير عند ارتفاع تراكيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ بجانب زيادة متوسط درجة الحرارة، قد تتغير أيضًا معدلات وأنماط هطول الأمطار في مختلف المناطق، مما ينجم عنه العديد من النتائج السلبية:
- ذوبان الثلوج في المناطق القطبية والأنهار الجليدية.
- ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدي إلى غمر المناطق الساحلية وتهجير ملايين السكان.
- رحيل بعض الحيوانات عن مواطنها الأصلية أو انقراضها.
- نقص في الغذاء بسبب صعوبة إنتاج المحاصيل التي تعتمد على مناخ معين.
- انتشار الأمراض الاستوائية بصورة أوسع.
- الجفاف في المناطق التي تشهد انخفاصًا في معدلات الهطول.
ما هي الغازات الدفيئة؟
الغازات الدفيئة هي مجموعة من الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للأرض إما بشكل طبيعي أو نتيجة بعض الأنشطة البشرية. يمكن أن يؤدي تراكم وزيادة تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي إلى ظاهرة الاحترار العالمي، من خلال تأثير يعرف بتأثير البيت الزجاجي. ومن أبرز هذه الغازات:
- ثاني أكسيد الكربون (CO2)
- غاز الميثان (CH4)
- أكسيد النيتروز (N2O)
- غاز الأوزون (O3)
- الغازات المفلورة (CFCs, HCFCs, HFCs)
- بخار الماء (H2O)
مع اندلاع الثورة الصناعية في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، زادت مساهمة الأنشطة البشرية في رفع تراكيز هذه الغازات إلى مستويات غير مسبوقة. حيث ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن مختلف القطاعات بنسبة 70% بين عامي 1970 و2004. ولم يعد وجود هذه الغازات مجرد ضرورة لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، بل أصبح أمرًا يشكل تهديدًا محتملاً لوجودنا وسلامتنا.
مصادر الغازات الدفيئة
مصادر طبيعية
تُطلق بعض الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي عبر ظواهر طبيعية وعمليات حيوية، ومن أبرزها:
- البراكين
- تبخر البحار والمحيطات
تساهم عملية التبخر في إضافة كميات كبيرة من بخار الماء إلى الغلاف الجوي.
- التحلل
ينتج غاز الميثان خلال عملية تحلل الكائنات الحية بعد موتها، مما يزيد تركيزه في الغلاف الجوي.
- التنفس
تؤدي عملية التنفس إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يعزز تركيزه في الغلاف الجوي.
مصادر بشرية
تُعتبر الأنشطة البشرية من كبار المساهمين في انبعاثات الغازات الدفيئة. نعرض فيما يلي أبرز مصادر هذه الانبعاثات:
- حرق ومعالجة الوقود الأحفوري
تُعد هذه العمليات الجاني الرئيسي والمساهم الأكبر في زيادة تركيز بعض الغازات الدفيئة مثل: ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز.
- قطع الغابات وانجراف التربة
تكون الأشجار رئة الأرض، حيث تستهلك غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية البناء الضوئي. يؤدي قطع الغابات إلى تراكم هذا الغاز في الغلاف الجوي.
- تربية الماشية وزراعة المحاصيل
مع زيادة عدد السكان، ارتفع الطلب على الغذاء مما أدى إلى زيادة أنشطة الزراعة وتربية الماشية، وهذه الأنشطة تُنتج كميات كبيرة من غازي الميثان وأكسيد النيتروز.
- التخلص من النفايات
يتطلب التخلص السليم من النفايات، حيث إن المعالجة غير الصحيحة تؤدي إلى إنتاج غازات دفيئة، بما في ذلك الميثان الناتج عن تحلل النفايات العضوية.
- النشاطات الصناعية
نتجت حاجة الصناعة الحديثة إلى مواد جديدة عن زيادة انبعاثات الغازات المفلورة، مثل مركبات الكلوروفلوروكربونات (CFCs) التي لا تُنتج بشكل طبيعي.
الوقاية خير من العلاج
باتت ظاهرتا تغير المناخ والاحترار العالمي مصدر قلق عالمي وجذبت انتباه العلماء لفترة طويلة. حتى اعتُبرت هذه الظواهر مجرد أفكار تخيلية، ولكن اتفاقية باريس المناخية عام 2015 أثبتت للجميع أن تغييرات المناخ هي واقع يجب مواجهته. إذا لم نتخذ خطوات فورية، سنواجه مرحلة صعبة قد تؤدي إلى عدم قدرتنا على عكس التأثيرات السلبية.
يعتقد معظم علماء المناخ أن تقليل انبعاث الغازات الدفيئة هو السبيل الأفضل لتفادي تلك المرحلة. هناك بعض الممارسات البسيطة يمكن اتخاذها على الصعيد الشخصي، ومنها:
- استخدم وسائل النقل العامة أو شارك سيارة مع الآخرين، أو استعمل وسائل نقل بديلة مثل الدراجة الهوائية.
- قلل من عدد رحلاتك السنوية، حيث أن الطيران يُسهم بشكل كبير في انبعاث الغازات دفيئة.
- طبق مبادئ الحفاظ على البيئة الثلاثة: قلل من مشترياتك لتقليل النفايات، استخدم المواد القابلة لإعادة الاستخدام، وأعد تدوير كل ما يمكن.
- ازرع شجرة، وستحصد ثمارها.
- قلل من استهلاكك للكهرباء.
- تناول كميات أقل من اللحوم، حيث تُسهم الأبقار في انبعاث غاز الميثان.
- استغن عن الوقود الأحفوري وابحث عن مصادر طاقة بديلة أكثر استدامة.