خالد بن زيد الأنصاري
يُعرف الصحابي الجليل خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار، بلقب أبي أيوب الأنصاري. وُلِدَ من أمّ تُدعى هند بنت سعيد بن عمرو، التي تنتمي إلى بني الحارث بن الخزرج. يُعتبر أبو أيوب من أبرز رواة الأحاديث النبوية الشريفة، وشارك في العديد من الغزوات مع الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل غزوتي بدر والعقبة. كما أنه كان له الكثير من المواقف النبيلة مع الرسول ومع الصحابة. وزوجته، أم أيوب الأنصارية، هي ابنة قيس بن سعيد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس.
إسلام أبو أيوب الأنصاري
أسلم أبو أيوب الأنصاري في زمن مبكر مع الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقبل الهجرة إلى المدينة المنورة. انطلق رضوان الله تعالى عليه إلى مكة مع وفد المدينة الذين بايعوا النبي في بيعة العقبة الثانية. وشارك في جميع الغزوات والمعارك التي خاضها الرسول، ولم يتخلّف عن أي منها إلا واحدة.
سمات أبو أيوب الأنصاري
يمتاز أبو أيوب الأنصاري بصفات نادرة وأخلاق راقية يجب أن يتحلى بها كل مسلم، وأهمها:
- الصدق والزهد في الحياة، مع تواضع لله ومودة للناس.
- التسامح ومساعدة المحتاجين، بالإضافة إلى احترام الأكبر سناً.
- سمو الأخلاق وتجنب التكبر، حيث كان محبوبًا من الجميع.
- الإيثار وتقديم الآخرين على النفس، وحرصه على قضاء حوائج الناس.
- dedication to spreading Islam and engaging in jihad in the name of Allah.
بطولات أبو أيوب الأنصاري
شارك أبو أيوب الأنصاري في كل المعارك مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن أبرزها غزوة بدر التي منحته مكانة رفيعة عند الله -سبحانه وتعالى-، حيث هؤلاء الذين شاركوا في بدر لهم مقام خاص. كما كان له دور محوري في غزوة خيبر، إذ تولى مهمة حراسة خيمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- طوال ليالي المعركة. ودعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يحميه الله من كل شر تقديرًا لجهوده في حمايته.
كما شهد أبو أيوب بيعة العقبة وجميع الفتوحات، وعندما خرج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لمواجهة الخوارج، لحق به أبو أيوب للمشاركة في القتال. واستمر في الجهاد بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى استشهد خلال مشاركته في فتح القسطنطينية.
رواية أبو أيوب الأنصاري للحديث
كان أبو أيوب أحد العشرة الذين حفظوا القرآن في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ كان يُعد من كُتَّاب الوحي، وتتلمذ على يديه مجموعة من الصحابة، من بينهم أنس بن مالك والبراء بن عازب. يذكر أن أبا أيوب الأنصاري سافر إلى مصر مرة واحدة من أجل التأكد من حديثٍ واحد. ويختلف الباحثون حول عدد الأحاديث التي رواها عنه رسول الله، حيث يرى النووي أنه روا بـ150 حديث، بينما يرى نور الدين القرافي أنها تصل إلى 210، أما الحافظ العزي فيرى أنها حوالي 50 حديثًا.
مواقف أبو أيوب الأنصاري
قدم أبو أيوب الأنصاري العديد من المواقف الرائعة في التاريخ الإسلامي، وفيما يلي أبرز هذه المواقف:
استضافة الرسول
اكتسب أبو أيوب شهرة كبيرة عندما استضاف الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منزله فور وصوله إلى المدينة المنورة. ولقبه الأتراك بـ”مهماندار رسول” والذي يعني مضيف رسول الله. وعند دخول الرسول -صلى الله عليه وسلم- المدينة، تلقاه الناس بفرح وعزيمة للحصول على شرف استضافته. تواجدت ناقة الرسول عند منزله، وأقام الرسول في منزله في الطابق السفلي بينما أقام أبو أيوب وزوجته في الأعلى، إذ لم يكن يُحب إزعاج النبي.
كان أبو أيوب وزوجته يقدمان للرسول كُل ما يحتاج إليه من طعام. وفي إحدى المرات، أرسلوا له عشاء فيه بصل وثوم وقد أعاده ولم يتناول منه، وعند استفسارهم قال لأنَّه يُناجي ربه، وامتنعوا عن وضعها في طعامه بعد ذلك. وبقي الرسول في بيت أبي أيوب شهرًا كاملًا.
موقفه في حادثة الإفك
كان لأبو أيوب موقف بارز في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك، إذ استغل المنافقون تلك الحادثة لنشر الإشاعات الباطلة. وكان أبو أيوب من الذين أحسنوا الظن بها، حيث قال لزوجته إن هذه الأقاويل لا تعدو كونها أكاذيب، وأوضح لها أنه لا يُمكن لعائشة أن تفعل شيئًا من هذا القبيل. وفي تلك الحادثة نزلت الآية الكريمة: (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ).
أبو أيوب والانضباط
شهد مروان بن الحكم رجلاً يُقبل على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورفع رأسه ليجد أنه أبو أيوب الأنصاري، فأنكر عليه ذلك وسأله: “هل تَدري ماذا تفعل؟”، فأجابه أبو أيوب أنه لم يفعل إلا ما تطلبه روحه من زيارة الرسول، ثم ذكر حديثًا عن الرسول يتعلق بأهمية الالتزام بالأخلاق سواء كان الدين في رعاية أهله أو غيرهم. يمكن اعتبار هذه الرواية ضعيفة ولا يتم الاعتماد عليها كثيرًا.
مكانة أبو أيوب عند الصحابة
يذكر ابن عباس -رضي الله عنه- أنه عندما كان أميرًا على البصرة، أكرم أبو أيوب الأنصاري مُعاملته، مُتشكرًا له على استضافته للرسول، فأعطاه أربعين ألفًا وعشرين مملوكًا ومتاع البيت تقديرًا لعمله.
وفاة أبو أيوب الأنصاري
شارك أبو أيوب في فتح القسطنطينية، حيث سمع النداء للجهاد وذهب حاملاً سيفه ورمحه رغم بلوغه من العمر ثمانين عامًا. وعندما طالب أبناؤه بعدم المخاطرة بكونه شيخًا، رد عليهم بأن الله تعالى يأمرهم بالجهد. وخرج مع الجيش نحو الجهاد حيث أوصى أصحابه إن قُتِلَ أن يدفنوه تحت أسوار المدينة. في المعركة استمر في القتال حتى استشهد ودُفن وفقًا لوصيته. وبذلك، حظي بلقب شهيد القسطنطينية -رضي الله عنه-.