يعتبر الوضوء من الفرائض الأساسية التي فرضها الله على المسلمين، ويأتي أيضًا كأحد السنن المتوارثة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. تستمد كلمة “الوضوء” دلالتها من مفهوم “الوضاءة”، الذي يعني النظافة والمظهر الحسن.
تمت الإشارة إلى الوضوء في القرآن الكريم من خلال فعله وحركاته، وليس بلفظه. قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين” صدق الله العظيم.
في هذه الآيات، يؤكد الله تعالى على وجوب الوضوء عند أداء الصلاة، كما أن هناك مواقف أخرى يتطلب فيها أن يكون المسلم على وضوء مثل الطواف وقراءة القرآن الكريم وحمل المصحف. في هذا السياق، نستعرض معًا المعلومات الدينية الهامة حول فضل سنن وفرائض أركان الوضوء السبعة.
مفهوم الوضوء
- الوضوء في أصله يعني الوضاءة، والتي تشير إلى المظهر النظيف. تأتي كلمة الوضوء بفتح الواو لتشير إلى الماء المستخدم في عملية الوضوء، بينما تعني بضم الواو المصدر، ويختلف معنى الوضوء حسب تفسيرات علماء الفقه.
- وفقًا لمذهب الشافعية، يعني الوضوء استخدام الماء في أعضاء معينة مع افتتاح النية.
- أما الحنفية فيرون أن الوضوء هو الغسل أو المسح بالماء على الأعضاء المحددة.
- بالنسبة للمالكية، يشير الوضوء إلى تطهير الأعضاء المستهدفة وإزالة الحدث.
- في مذهب الحنابلة، يتركز الوضوء على غسل وتطهير أجزاء محددة من الجسم بالماء الطهور.
فرائض الوضوء وسننه
تنقسم أفعال الوضوء إلى فرائض وسنن، ومن المهم الالتزام بكليهما. الفرائض هي ما جاء به القرآن الكريم، بينما السنن هي توجيهات النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي ينبغي اتباعها. إن معرفة هذه الأمور يعد أمرًا ضروريًا:
- الفرائض تشمل بداية النية المبطنة في القلب، يليها غسل الوجه بالكامل بما في ذلك شعر اللحية والحواجب، ثم غسل اليدين مع تخلل الماء بين الأصابع حتى الكوع ثلاث مرات.
- بعد ذلك، يتم مسح الرأس مرة واحدة فقط، حيث يُسمح بتمرير الماء على أجزاء من الرأس العلوي، ثم يتم غسل القدمين مع تخلل الماء بين الأصابع حتى الكعبين، ويفضل أداء هذه الخطوات باليمنى قبل اليسرى.
- أما السنن، فيجب الالتزام بها، وهي تشمل النية بالبسملة، واستخدام السواك قبل الوضوء، وغسل اليدين ثلاث مرات قبل بدء الوضوء.
- ثم تأتي خطوة مضمضة الفم ثلاث مرات والاستنشاق ثلاث مرات، تليها غسل الوجه ثلاث مرات، وغسل اليدين حتى المرفقين، ثم مسح الرأس والأذنين، وانتهاءً بمسح القدمين إلى الكعبين مع تخلل الماء بين أصابع القدم.
أركان الوضوء السبعة بالتسلسل
يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة أركان الوضوء بالترتيب الصحيح، لضمان صحة وضوئهم وقبول صلاتهم. لنستعرض سويًا الأركان السبعة للوضوء:
- تبدأ أركان الوضوء بوجوب النية، التي يجب أن تكون في القلب، دون الحاجة إلى النطق بها.
- غسل الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، ومن أذن إلى أخرى، ويفضل القيام بذلك ثلاث مرات.
- غسل اليدين، بدءًا بالكف وتخلل الماء بين الأصابع، ثم غسل حتى المرفقين، مع التركيز على غسل اليد اليمنى قبل اليسرى.
- مسح الرأس مرة واحدة، يتطلب وضع الماء على بعض الشعر فقط وليس كامل الرأس.
- مسح الأذن، ببل اليد بالماء، وتمريرها من الداخل إلى الخارج مرة واحدة، مع تفضيل الأذن اليمنى قبل اليسرى.
- مسح القدمين، يشمل تخلل الماء بين الأصابع ثم المسح حتى الكعبين، مع بدء القدم اليمنى قبل اليسرى.
- أهم شرط لصحة الوضوء هو الترتيب، بحيث لا يُقدّم شيء على الآخر، لضمان قبول الوضوء.
نواقض الوضوء
هناك بعض الأمور التي تؤدي إلى نقض وضوء المسلم، مما يتطلب منه إعادة الوضوء قبل استئناف العبادات التي تتطلبه. وتشمل هذه:
- الحدث الأصغر، مثل الخروج من أحد السبيلين (البول أو الغائط)، والذي يستلزم إعادة الوضوء.
- الحدث الأكبر، والذي يتطلب الإغتسال أولاً ثم الوضوء.
- إخراج الريح، الذي يستدعي إعادة الوضوء.
- زوال عقل الإنسان، وذلك في حالات الإغماء أو النوم العميق أو السكر.
- لمس الفرج بدون حائل، ويشمل ذلك لمس فرج الطفل في زريين وتطهيرهما.
- أكل لحم الإبل، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الوضوء بعد تناول لحم الإبل أو أجزاء من كبده.
عبادات تشترط الوضوء:
توجد بعض العبادات التي تتطلب من المسلم إجراء الوضوء قبل القيام بها، وتشمل:
- لمس المصحف، الذي يُحرّم إلا على المتطهرين، إذ لا يجوز للمحدث لمسه، لكن يمكن قراءة القرآن عن بُعد.
- الصلاة، حيث لا يُقبل صلاة المسلم بدون وضوء.
- الطواف حول الكعبة، الذي يُعتبر من العبادات التي يجب أن يتم وهو على وضوء، فإذا حدثت أحداث تتطلب إعادة الوضوء، يجب أن تتم إعادة الوضوء قبل إتمام الطواف.
فضل الوضوء على المسلم:
للوضوء فضل كبير على المسلم، كما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من أحاديثه:
- مغفرة الذنوب، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره.”
- دخول الجنة، حيث أخبر النبي أن من أحسن وضوءه ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فُتحت له ثمانية أبواب للجنة.
- رفع الدرجات يوم القيامة، فقال النبي: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.”
- إيمان كامل، فعلمنا الرسول أن الطهور شرط من شروط الإيمان.
- حفظ الملائكة، حيث يُخبرنا النبي أن من بات طاهرًا بات معه ملك يدعو له بالمغفرة حتى يستيقظ.