تأثير العلم والإيمان على النفس الإنسانية
تعتبر مراتب الدين والإيمان من المصادر الأساسية التي تغذي النفس البشرية، حيث تسهم حقول المعرفة والعلم في كل المجالات في تشكيل الشخصية الإنسانية. هذه الشخصيات تندمج مع المفاهيم الإسلامية التي أرادها الله تعالى. فما هي أبرز التأثيرات الإيمانية والعلمية على هذه النفس؟ يمكن تقسيم هذه التأثيرات إلى فئتين رئيسيتين، تتضمن كل منهما مجموعة من العوامل المؤثرة:
العوامل الإيمانية
يتوجب على المسلم إدراك مدى تأثير الإيمان في تحسين النفس، من أجل التعرف على مظاهر هذه التأثيرات في سلوكه وأحاسيسه. ويمكن تلخيص تلك التأثيرات في النقاط التالية:
- تأثير الإيمان في طمأنينة القلب وانشراح الصدر: لا يمكن لأي إنسان، بغض النظر عن مكانته، أن ينكر أن البواعث الإيمانية التي تدفعه للأعمال الصالحة تعزز من شعوره بالراحة النفسية والهدوء. فمعرفة أسماء الله وصفاته تُرسخ في القلب أنواعاً من العبادة، مما يمنح الإنسان يقيناً يقوده إلى سعادة وطمأنينة حقيقية. فعندما يدرك العبد أن الله هو الخالق والرازق والمدبر، يتلاشى عنه القلق والهموم، ويستشعر أن ما يصيبه إنما هو بقدر الله.
- تأثير الإيمان على تزكية النفس: يعتبر الإيمان بالله من أعظم الطرق لتطهير النفس وتنقيتها من أدران الشرك ومشتقاته. فالشرك، باعتباره ضد الإيمان، يسبب مرض القلب ويدفع الإنسان نحو المادية، مما يجعل من الصعب عليه إدراك حقائق العبودية. الإيمان يساهم في تطهير القلب من المشاعر السلبية، وبالتالي فإن تصحيح الاعتقاد لدى النفس يجعلها تستعد للارتقاء نحو الكمال والسمو الإنساني شيئاً فشيئاً، حتى تصبح النفس ترفض المنكر بمجرد التفكير فيه، وهو ما لا يتحقق إلا لمن طهرت نفسه وبلغ إيمانه مرتبة عالية.
- تأثير الإيمان على التوازن النفسي، خاصة في الأوقات الصعبة: يمنح الإيمان القلب القدرة على توجيه النفس نحو الخير عند مواجهة المصائب. إذ أن الإنسان في زمن الشدائد قد يتصرف بشكل غير حكيم، مما قد يؤدي إلى تدهور حالته. ومع ذلك، فإن الإيمان بالله يجعل المؤمن يستقبل المصائب والصعوبات برضا واطمئنان، دون أي معارضة أو تذمر، مما يزيد من مكانته عند الله، كما أكد الله تعالى في قوله: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
العوامل العلمية
- تأثير العلم في تهذيب النفس: يمكن للعقل السليم أن يقود النفس نحو الصلاح والتطوير. فعندما يصبح هدف الإنسان هو تحسين ذاته، فإنه يسعى لترويض نفسه من خلال استيعاب الطاعات. بالاستفادة من العلم النافع، يدرك الإنسان هدفه ويتفهم الحقيقة وراء العلم، مما يمكنه من مواجهة المشاعر السلبية. كما جاء في قوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا).
- تأثير العلم في صفاء القلب وطهارة النفس: إذ يعتبر العلم بمعرفة صلاح النفوس من أعظم العلوم وأكثرها فائدة، ينبغي على الفرد أن يتعهد نفسه ويرتقي بها بعيداً عن كل ما يشينها. فعندما يكون لدى الإنسان علم نافذ، يصبح مؤهلاً للتمييز بين ما ينفعه وما يضره، مما يسهم في طهارة النفس وتزكيتها. إنّ مجابهة النفس من خلال المعرفة تعرف جهاد النفس، كما رواه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله: (والمجاهدُ من جاهدَ نفسَهُ).
وفي الختام، هناك العديد من الفوائد التي يتركها الإيمان والعلم على نموذج النفس البشرية، ولكن الشخص الموفق هو من يحرص على تنقية نفسه من الشوائب ويسعى للوصول بها إلى مراتب اليقين والتوازن الفكري والسلوكي، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق الإيمان بالعلم.