تتناول آيات القرآن الكريم قضاء حوائج الناس، وهذا ما سنستعرضه معكم في موضوعنا اليوم، حيث سنوضح الكم الهائل من الفضل الذي يناله المؤمنون عند توفير المساعدة لإخوانهم المسلمين.
كما هو معروف، فقد تطرق الله عز وجل لكل ما يهم المسلمين عبر آيات القرآن الكريم، وموضوع قضاء حوائج الناس من أهم هذه المواضيع. تابعونا لمعرفة المزيد.
آيات قرآنية تتحدث عن قضاء حوائج الناس
يعتبر قضاء حوائج الناس من أفضل الأعمال التي يقوم بها المسلمون، فهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى. نستعرض هنا بعض الآيات القرآنية التي تبرز فضل هذه العبادة:
- قال الله تعالى: “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين.”
- تشير هذه الآية العظيمة إلى الجزاء الكبير الذي يناله المحسنون والمنفقون في سبيل الله.
- قال الله عز وجل في سورة المائدة: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.”
- هذه دعوة من الله عز وجل للتعاون على الخير ومساعدة الآخرين.
- قال سبحانه وتعالى في سورة النساء: “مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا.”
- هذا يدل على أن كل عمل خير يعود على فاعله بالخير سواء في الدنيا أو الآخرة.
- لا شك أن قضاء حوائج الناس يعد من الأعمال الصالحة المحبوبة إلى الله، كما جاء في سورة الكهف: “فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.”
- قال الله في سورة الحج: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون.”
- هنا يطلب من المؤمنين العمل على فعل الخيرات ونشر الأعمال الصالحة فيما بينهم.
أحاديث نبويّة تبرز فضل قضاء حوائج الناس
إن فضل قضاء حوائج الناس عظيم، ومن خلال القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نجد العديد من الشواهد على أهمية هذا الفعل. لنستعرض بعض الأحاديث في هذا السياق:
- روى النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: “إن لله خلقًا خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله.”
- هذا حديث صحيح كما رواه الطبراني.
- جاء عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من مشى في حاجة أخيه كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين. ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله، جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق.”
- يمكنك أن تتخيل عزيزي القارئ كيف يكون لهذا الفعل عظمة عند الله.
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن لله عند قوم نعماً أقرها عندهم ما داموا في حوائج المسلمين.”
- فإذا ملوا منه، نقلها إلى غيرهم.
- قال صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس. وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربته، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعًا.”
- ومن المشي مع أخ في حاجة أحب إلي من اعتكاف في هذا المسجد شهراً. ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى.”
- ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له، ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام.
فضل قضاء حوائج الناس
ينعكس فضل قضاء حوائج الناس بوضوح في القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وسنوضح ذلك فيما يلي:
- الحديث يبين النعمة التي تحل على المؤمنين الذين يهتمون بقضاء حوائج الآخرين.
- فمن يساعد الآخرين، يبعث الله له الخير الذي يتمناه طالما كان يسعى لقضاء حاجات الناس.
- الله سبحانه يسهل لمن يسعى في قضاء حوائج الناس من الأجر العظيم ورزق وفير في الدنيا.
- وينبغي على الشخص ألا يتخاذل، حيث إن النعمة ستنتقل لغيره ممن يقوم بقضاء الحوائج.
- يجعل الله عز وجل من الخير الكثير في الآخرة لهؤلاء الذين يسعون لقضاء حوائج الناس، ويؤمنهم من عذاب الآخرة كما جاء على لسان النبي.
- يدخل كل من يقوم بقضاء حوائج الناس في خانة أحباب الله وأحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كما روي أن فضل القائمين على قضاء حوائج الناس أعظم من فضل الاعتكاف في المسجد، رغم عظمة الاعتكاف.
- الله دائمًا في عون المؤمنين الذين يسعون لقضاء حوائج الناس، وهم من المصطفين عنده عز وجل.
أثر قضاء حوائج الناس
يترك قضاء حوائج الناس أثرًا جميلاً في نفوس المؤمنين ومن يحتاج المساعدة، وسنستعرض هذه الآثار فيما يلي:
- يساهم قضاء حوائج الناس في نشر روح الوحدة بين أبناء المجتمع.
- كما روي عن سيدنا أبي موسى رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه.”
- تشير هذه المعاني إلى أن المسلم لا يستطيع التماسك في أمور دينه ودنياه إلا من خلال مساعدة أخيه.
- يساهم قضاء الحوائج في نشر المودة والرحمة بين الأفراد.
كما قال النبي: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.”
- هذا الحديث يعظم مكانة المسلم تجاه أخيه المسلم، ويشدد على أهمية نشر روح الألفة والمحبة وفعل الخيرات دون التفكير في المعصية.
تحذيرات من التخاذل في قضاء حوائج الناس
حذر الله ورسوله الكريم من التخاذل عن قضاء حوائج الناس، خاصة لمن يستطيع، وذلك كما جاء في حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
روى الترمذي عن سيدنا عمرو بن مرة الجهني أنه قال لمعاوية بن أبي سفيان: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخُلَّة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خُلّته وحاجته ومسكنته.”
كلنا نسعى لكسب رضى الله عز وجل ليفتح لنا أبواب رحمته ورزقه، لذا يجب التحذير من رد مساعدة الآخرين ليبقى باب الله مفتوحاً لجميعنا.
أمثلة على قضاء حوائج الناس
موسى مع ابنتي شعيب عليهما السلام:
- القصة: عندما هرب موسى عليه السلام من مصر خوفًا على حياته بعد قتل رجل مصري، وصل إلى مدين ورأى امرأتين تمنعان أغنامهما من الشرب بسبب ازدحام الرجال على البئر. شعر موسى بحاجة المساعدة فتقدم وسقى لهما دون أن يطلب شيئًا. بعد ذلك، دعا والد الفتاتين، شعيب عليه السلام، موسى إلى بيته كمكافأة، وانتهت القصة بزواج موسى من إحدى الفتاتين.
- الدروس المستفادة: هذا الموقف يعكس الأخلاق العالية لقضاء حوائج الناس بدون انتظار مقابل، ويظهر التواضع والشهامة التي يجب أن يتحلى بها المؤمن.
السيدة خديجة رضي الله عنها:
- القصة: كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تاجر ناجحة في مكة، وكانت معروفة بكرمها ومساعدتها للمحتاجين. عند زواجها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كانت دائماً تدعمه في نشر الدعوة الإسلامية، ومع ذلك استخدمت مالها لتلبية حاجات الناس خاصة في الأوقات الصعبة مثل الحصار الذي فرضته قريش على المسلمين.
- الدروس المستفادة: تعتبر السيدة خديجة نموذجًا رائعًا للمرأة المؤمنة التي تستخدم مالها وجهدها في خدمة الآخرين، مما يدل على أهمية العطاء والتضحية في سبيل الله.
عمر بن الخطاب يطوف على بيوت الأرامل يسقي الماء:
- القصة: كان الخليفة عمر بن الخطاب يهتم شخصيًا بقضاء حوائج الرعية، حيث كان يخرج ليلاً بنفسه ليطوف على بيوت الأرامل والمساكين ليعرف أحوالهم ويلبي حاجاتهم. كان يحمل الماء للأرامل والضعفاء بحرية دون أن يعلم الناس بأعماله الخيرية.
- الدروس المستفادة: تعكس هذه القصة حرص عمر رضي الله عنه على قضاء حوائج الناس، ويظهر تواضعه رغم منصبه الجليل، حيث كان يشعر بالمسؤولية تجاه حاجات الناس.
ابن عباس رضي الله عنه:
- القصة: كان عبد الله بن عباس المعروف بـ”حبر الأمة”، من الصحابة المعروفين بكرمهم وسعيهم لقضاء حوائج الناس. كان يجلس في المسجد لتعليم الناس، ولكنه كان يترك ذلك فورًا عندما يأتيه أحد في حاجة ليستمع إليه ويساعده. وكان يقول: “إني لأن أستحي من الله أن أرى مسلمًا له حاجة فلا أُقضيها.”
- الدروس المستفادة: يقدم ابن عباس مثالًا ملموسًا في التواضع وحب الخير للآخرين، ويظهر كيف يجب على العلماء والمصلحين أن يكونوا قريبين من الناس ويهتموا بحوائجهم.
صور قضاء حاجات الناس
يعتبر قضاء حاجات الناس من الأعمال الصالحة التي تشجع الشريعة الإسلامية على أدائها، وهناك عدة أشكال لهذا القضاء، منها:
- المساعدة المالية: مثل تقديم الأموال للفقراء والمحتاجين، أو سداد الديون عن المدينين الذين لا يستطيعون السداد.
- المساعدة الجسدية: مثل کمک شخص في حمل أغراضه الثقيلة، أو تقديم العون في بناء أو إصلاح منزل لشخص محتاج.
- المساعدة المعنوية: مثل تقديم نصيحة صادقة لشخص يحتاج التوجيه، أو الاستماع لمشكلة شخص ثم تقديم الدعم النفسي.
- تيسير الأمور: مثل التدخل لتسهيل الأمور المعقدة لشخص ما، مثل حل نزاع أو تقديم مساعدة في إجراءات قانونية أو إدارية.
- التعليم والإرشاد: تقديم المعرفة أو المهارات لشخص يحتاج إليها، مثل تعليم القراءة والكتابة أو التدريب على حرفة معينة.
- الدعاء: الدعاء لشخص بظهر الغيب، خاصةً لمن يعاني من صعوبات أو يحتاج إلى عون من الله.
- العمل التطوعي: المشاركة في الأعمال الخيرية والتنموية التي تعود بالنفع على المجتمع ككل، مثل بناء المدارس، حفر الآبار، أو تنظيم حملات طبية مجانية.