أحدث أزواج الرسول
ميمونة بنت الحارث الهلالية تُعتبر آخر زوجة تزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث تم الزواج في مكة بعد انتهاء عمرة القَضاء.
نبذة عن ميمونة بنت الحارث
ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ترجع أصولها إلى قبيلة هوازن، وهي أخت لبابة التي تزوجت العباس عمّ النبي، كما أن زينب بنت خزيمة، التي تزوجت النبي وتوفيت بعد فترة قصيرة، هي أيضاً من أخواتها. قد تزوجت ميمونة قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتين؛ الأولى كانت من قبيلة ثقيف التي طلقها، والثانية من قريش التي توفي قبلها. قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بخطبتها في السنة السابعة من الهجرة، وتم الزواج في منطقة تُعرف بسرف، التي تقع شمال مكة، حيث تفضل عدم إتمام مراسم الزواج في مكة بسبب مخاوف قريش من إمكانية الإقامة لفترة طويلة في المدينة. كان العباس هو وليُّها في الزواج، حيث طلبت أن يتولى أمر زواجها أختها لبابة التي وكلت العباس. في ذلك الحين، كان عمر ميمونة -رضي الله عنها- سبعة وعشرون عاماً.
مميزات ميمونة بنت الحارث
كانت أم المؤمنين ميمونة -رضي الله عنها- من أوائل من آمن برسالة النبي -عليه الصلاة والسلام- منذ بداية دعوته، حيث تعتبر ثاني امرأة تدخل الإسلام بعد السيدة خديجة -رضي الله عنها-. شاركت ميمونة في الحروب التي قادها النبي، حيث كانت تساعد الجرحى وتقدم الرعاية للمرضى، بالإضافة إلى توصيل الماء والطعام للجنود المجاهدين. تعرضت لجراحة في غزوة تبوك من سهم كاد يودي بحياتها لولا رحمة الله. وتُعتبر ميمونة أول من أسس فرقة لإسعاف الجرحى أثناء المعارك.
عاشت ميمونة -رضي الله عنها- في بيت النبوة مطمئنة وعبادة، وكانت تعيش مع أختها سلمى زوجة عمّ النبي حمزة -رضي الله عنه-، حيث كانت ترافقها في البيت بعد استشهاده. وقد كانت -رضي الله عنها- من الراويات للأحاديث النبوية، حيث نقلت الكثير من الأحاديث بدقة، خاصة في موضوع الشمائل، وقد بلغ مجموع ما روته ستة وسبعين حديثاً، تم الاتفاق على سبعة منها في الصحيحين، ولهذا العدد ما مجموعه ثلاثة عشر حديثاً، وروى عنها أبناء أخواتها.
تم ذكر ميمونة في القرآن الكريم، حيث كان المنافقون يسخرون منها عندما وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أشار عمّه العباس برغبتها في الزواج منه. وقد نزلت الآية كالتالي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
وفاة ميمونة بنت الحارث
توفيت ميمونة -رضي الله عنها- في منطقة سرف، وهي ذات المنطقة التي تزوجت فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، عن عمر يناهز إحدى وخمسين سنة، في السنة الواحدة والستين من الهجرة، وفق رواية أخرى توضح أنها توفيت في السنة الثالثة والستين. وصلى عليها عبد الله بن العباس وعدد من الصحابة.
توفيت ميمونة أثناء زيارتها لمكة، لكنها غادرتها قبل وفاتها بناءً على ما أخبرها به النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها لن تموت فيها. وقد توفيت في فترة خلافة معاوية -رضي الله عنه-، حيث دفنها أبناء أخواتها، مثل عبد الله بن عباس ويزيد بن الأصم وعبد الله بن الهاد. ووصّى عبد الله بن عباس بنعشها أن يعتنوا به، وأن يحملوه برفق دون أي اهتزاز أو حركة شديدة.
مكانة أمهات المؤمنين
رفع الله -سبحانه وتعالى- من قيمة أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعلهن أمّهات المؤمين. وتأتي هذه الأمومة من عدة جوانب؛ منها أنهن محرّمات على الرجال بعد وفاة النبي، فضلاً عن أنه يجب محبتهن وطاعتهن وتقديرهن. وتعتبر برّهن ومودتهن أمراً واجباً كذلك، لذا يُنظر إليهن كأمهات للمؤمنين من حيث ما ذُكر، وليس من ناحية الميراث أو الخلوة أو النظر. لأمهات المؤمنين مكانة عظيمة في الآخرة، كما أن لهُن مكانتهن في الدنيا؛ لأنهن زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة.