الاستراتيجية
من الضروري تسليط الضوء على مفهوم الاستراتيجية، وذلك قبل الخوض في التفاصيل المتعلقة بالتحليل الاستراتيجي وأدواته. تُعرف الاستراتيجية بأنها خطة متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى، وهي تمثل جوهر الإدارة الاستراتيجية. تسهم الاستراتيجية في تمكين المنظّمة من تنفيذ الأنشطة المطلوبة وفق طبيعة عملها، وتساعدها أيضاً في التنافس بنجاح مع المنظمات الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، توضح كيفية جذب العملاء وإرضائهم من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. تشمل الاستراتيجية مجموعة متنوعة من الأفكار والمفاهيم والتصورات الشخصية، بالإضافة إلى الخبرات والتوقعات، والتي تشكل مرجعاً عاماً يساعد في تنفيذ أعمال محددة لتحقيق أهداف معينة.
تاريخياً، ترسخ هذا المفهوم في السياق العسكري، حيث يُشير إلى وجود طرفين متعارضين، يسعى كل منهما لاستغلال كل الموارد المتاحة له للتفوق على الآخر. ويتوجب على كل طرف دراسة الظروف الداخلية والخارجية لتحقيق التميز الذي يؤهله للنجاح. بعد ذلك، انتقل هذا المفهوم إلى عالم الأعمال، حيث اعتمدت المؤسسات الصناعية والتجارية الحديثة استراتيجيات تهدف إلى تحقيق ميزات تنافسية وتحقيق حصة أكبر من السوق، وبذلك تعظيم أرباحها.
التحليل الاستراتيجي
يشكل التحليل الاستراتيجي النموذج الشامل لعمليات الإدارة الاستراتيجية، ويتألف من مجموعة من المراحل الرئيسية، تبدأ بتحليل البيئة الداخلية والخارجية، يليها صياغة الاستراتيجية، ثم القيام بالتحليل الاستراتيجي باستخدام الأداة المناسبة. تشمل العملية أيضاً تحديد طرق تنفيذ الاستراتيجيات وتقييمها، وصولاً إلى التغذية الراجعة. يُوجد العديد من أنواع الاستراتيجيات، بما في ذلك الاستراتيجية العليا للمنظمة، واستراتيجيات الأعمال، واستراتيجية الوظائف. وفيما يتعلق بالأدوات المستخدمة، فهي تتضمن ما يلي:
- التحليل الرباعي (SWOT Analysis): يتناول هذا التحليل رصد جوانب القوة والضعف في البيئة الداخلية للمنظمة، بالإضافة إلى التعرف على الفرص والتهديدات في البيئة الخارجية. يمتد التحليل إلى دراسة عناصر القوة (Strengths) التي تُعتبر عوامل استراتيجية داخلية تعزز من قدرة المنظمة على تحسين ميزتها التنافسية وتحقيق أهدافها. كما يعنى تحليل عناصر الضعف (Weaknesses) التي تمثل العقبات التي تواجهها المنظمة. وبالنسبة للفرص (Opportunities)، فهي عوامل خارجية يمكن استغلالها لتحسين وضع المؤسسة، وأخيرًا تشمل التهديدات (Threats) التي قد تعيق تحقيق الأهداف.
- النمو المتكامل: يسعى هذا النهج إلى اكتشاف فرص جديدة للنمو والاستمرارية، ويعتبر من الأدوات الفعالة التي تقدم مجموعة من الاستراتيجيات البديلة، مما يمكّن المنظمة من اختيار الأنسب أو التبديل بينها وفق المتغيرات الداخلية والخارجية التي تواجهها.
- وحدات الأعمال: تضم الخيارات الاستراتيجية في هذا المستوى إدارة أنشطة وحدات العمل الاستراتيجية بهدف تحقيق تنافسية فعالة في مجالات معينة. تدعم وحدات الأعمال الأهداف العامة للمنظمة، وتطرح العديد من الأسئلة المهمة، مثل: ما هو المنتج أو الخدمة التي ستقدمها الوحدة؟ من هم الفئات المستهدفة من العملاء؟ وكيف يمكن للوحدة تحقيق ميزة تنافسية في سوق محدد؟ تشمل الخيارات الاستراتيجية لوحدات الأعمال نوعين رئيسيين هما الاستراتيجية التنافسية والتعاونية.