تعتبر أحوال مصر الاقتصادية خلال العصر العثماني موضوعًا مهمًا يجذب اهتمام العديد من الباحثين والمؤرخين. سنستعرض في هذا المقال الجوانب الاقتصادية في تلك الفترة وكيفية إدارة الحكم العثماني.
الاقتصاد المصري في العهد العثماني
شهدت مصر خلال فترة الحكم العثماني تدهورًا كبيرًا في حالتها الاقتصادية، حيث ارتفعت الضرائب بشكل ملحوظ مع تراجع النشاط الزراعي. يُرجع بعض المؤرخين هذا التدهور إلى ضعف الحكم في الدولة العثمانية، إذ كان الولاة يعملون على زيادة الضرائب دون أي اهتمام بتحسين الوضع الاقتصادي أو تطوير الزراعة.
كانت الأراضي الزراعية تُعتبر ملكًا للسلطان العثماني، وكان الفلاحون مطالبين بدفع أموال مقابل العمل في هذه الأراضي دون أي جهود لتطوير الزراعة أو تحسين أساليب العمل.
أسس العثمانيون نظام احتكار للموارد، حيث منع السلطان سليم الأول زواج الأتراك من المصريات. ومع ذلك، في أوائل القرن الثامن عشر، بدأ الأتراك في الزواج من المصريات. كذلك، يُذكر أن السلطان سليم الأول قام بإرسال مجموعة من الفلاحين والتجار والعلماء المصريين إلى القسطنطينية لخدمة الدولة، مما يعكس الفوضى والمعاملة السيئة التي تعرض لها المصريون خلال هذه الفترة العصيبة.
إدارة الحكم العثماني في مصر
دخل العثمانيون مصر عام 1517 واعتبروها ولاية تابعة لهم، حيث عُين يونس باشا كوالي على البلاد. ومع ذلك، فقد تعرض يونس للاتهامات بالرشوة وتم إقالته بعد فترة قصيرة، ليُعَيَّن مكانه خاير بك الذي كان قد شغل منصب المملوك في حلب.
تكررت تغيرات الولاة في مصر بشكل متقارب، حتى أنه قد يحدث تغيير في فترة أقل من عام.
مظاهر الحكم العثماني في مصر
تجلى الحكم العثماني في مصر من خلال عدة مظاهر بارزة تعكس وجود نظام حكم جديد، تشمل:
- انضمام مصر إلى الحكم العثماني.
- التركيز في السلطة القضائية بيد القضاة العثمانيين.
- ظهور هيئات الحكم المحلية مثل الباشا والوالي.
- تعيين قاضي القضاة من الدولة العثمانية.
- فرض تصدير المنتجات الزراعية مع الفدية المفروضة على المصريين.
- تشكل الممالك من الأمراء المتبقين نظرًا لخبرتهم في إدارة الدولة.
- اعتماد نظام الالتزام لجمع الضرائب المفروضة في الوقت المحدد.
هيكل الحكم العثماني في مصر
بعد هزيمة المماليك وتولي العثمانيين الحكم، تغير النظام الإداري ليتألف من ثلاثة سلطات رئيسية:
- السلطة الأولى: الوالي، الذي يتلقى الأوامر من السلطان ويشرف على تنفيذها من قِبَل باقي الحكومة.
- السلطة الثانية: جيش الحامية، الذي يتكون من ستة فرق ومقره القلعة، ويضم ضباطًا عثمانيين للمساعدة في إدارة البلاد.
- السلطة الثالثة: تتعلق بالأمراء المتبقين من المماليك نظرًا لخبرتهم في شؤون الدولة.
آثار الحكم العثماني على مصر
كل ثقافة جديدة تترك آثارًا في المكان الذي تدخل إليه، والثقافة العثمانية لم تكن استثناءً. ومن آثارها خلال الحكم العثماني:
- ظهور المدفع الرمضاني الشهير، الذي كان يستخدم للإشارة إلى موعد بدء شهر رمضان ووقت الإفطار.
- الاهتمام بتزيين المساجد وزخرفتها.
- اكتساب المصريين العديد من المصطلحات التركية.
- تبني بعض العادات التركية، مثل وضع مطرقتين على الباب، واحدة خفيفة للنساء وأخرى ثقيلة للرجال.
انضمت مصر إلى الحكم العثماني بعد صراع كبير بين الأتراك والمماليك، وبعد هذه الحرب، ألقى السلطان العثماني سليم الأول خطابًا في القاهرة أعلن فيه أن مصر تحت ولايته، وعين الوالي الجديد، مما أدى إلى تدهور الحياة الاقتصادية والزراعية للمصريين في تلك الفترة.