أحكام الوصيّة
تعتبر الوصيّة مستحبّةً للأفراد الذين يمتلكون ثروة كبيرة وليس لديهم في حاجة ورثتهم إليها. يحق لهم توجيه جزء من أموالهم لتخصص في مجالات الخير والبرّ، ليصل ثواب هذه الأعمال إليهم بعد وفاتهم، شرط ألا تتجاوز الوصيّة ثلث التركة. وتصبح الوصيّة واجبة في حال كون الشخص مثقلاً بدين لله -عز وجل- أو للآخرين، أو إذا كان لديه أمانة لدى شخص آخر؛ فينبغي عليه حينها كتابتها وتحديدها حتى تُحفظ الحقوق. بالإضافة إلى ذلك، في حال ترك المسلم أموالًا طائلة، يتعين عليه تخصيص ما لا يزيد عن ثلث تلك الأموال لأقاربه الذين لا يرثون. تكون الوصيّة غير جائزة إذا كانت موجهة لأحد الورثة، مثل الابن الأكبر أو الزوجة، مما يؤدي إلى تفضيل أحدهم دون باقي الورثة.
شروط الوصيّة
تتطلب الوصيّة وجود ثلاث عناصر: الموصي، الموصى له، والموصى به. وفيما يلي الشروط اللازمة لكل منهم:
- شروط الموصي: يجب أن يكون الموصي قادرًا على التبرع، ويتحقق ذلك من خلال كونه عاقلًا، بالغًا، حرًا، ومختارًا، وغير محجوز عليه بسبب السفه أو الغفلة.
- شروط الموصى له: يتعين أن يكون الموصى له غير وارث من ورثة الموصي، وألا يكون قد ارتكب قتلًا محرمًا ضد الموصي.
- شروط الموصى به: يجب أن يكون الموصى به قابلًا للتمليك بعد وفاة الموصي لأي سبب من أسباب التمليك، وأن يكون مالًا له قيمة قانونية تجمع بين العاقدين.
الحكمة من مشروعيّة الوصيّة
من بركات الله -سبحانه وتعالى- على عباده أنه جعل الوصيّة مشروعًا؛ فهو يوفر للمسلم فرصة لتعويض ما فاته من أعمال البر والخير، وبالتالي يزداد أجره عند الله. يمكن للمسلم من خلال الوصيّة تخصيص جزء من ماله للفقراء والمحتاجين، مما يعود عليهم بالكثير من النفع. كما يستطيع المسلم أن يكافئ من أسدى له معروفًا، أو يعزز صلة الرحم مع أقاربه غير الوارثين، ليكتسب المزيد من الثواب والعمل الصالح حتى بعد وفاته.