يُعتبر نزار قباني واحدًا من أعظم شعراء العرب، وُلد في دمشق في عائلة تهتم بالعلم والفن بشكل ملحوظ، حيث كان عمه الشاعر الكبير أبو خليل القباني. يُعرف نزار بحبّه للشعر، وقد قام بنشر العديد من الدواوين التي منها “قصتي مع الشعر”. كما أنه يُعدّ من أفضل من تغنوا في وصف جمال وغموض العيون. من خلال موقعنا، سنستكشف بعض القصائد التي تتناول سحر العيون.
قصيدة “العين الخضراء”
تتناول هذه القصيدة جمال العيون الخضراء، حيث يروي نزار عن فتاة ذات جمال فائق جاءت إليه لتطلب منه كتابة شعر يصف جمال عينيها الخضراوتين. فيقول:
جاءت وفي يدها دفتر صغير ** ورغبت إلى الشاعر أن يكتب شعراً في عينيها
فإلى صباح عينيها الخضراوين هذه الحروف ** قالت: ألا تكتب في محجري؟
وانشق لي حرجٌ ودربٌ ثري ** انهض لأقلامك لا تعتذر من يعص قلب امرأةٍ يكفر يلذ لي يلذ لي أن أرى خضرة عيني على دفتري
هنا نرى كيف يعبر الشاعر بطريقة غير مباشرة عن أن الشعراء هم وحدهم من يقدّرون جمال الأشياء وقدرتهم على التعبير عنها، لذا اختارت الفتاة الشاعر ليصف جمالها. بدأ الشاعر بتدوين أفكاره في دفترها بعد أن شعر بالحرج من إصرارها، وقام بتشبيه عينيها بزهرة خضراء تزين جزيرة مغطاة بالطبيعة، التي تضيء الغيوم برائحتها العطرة.
قصيدة “ذات العينين السوداوين”
في هذه الأبيات البديعة، يتحدث الشاعر عن محبوبته ذات العيون السوداء، حيث استخدم التكرار في عبارة “ذات العينين” لتأكيد جمال عينيها، قائلاً:
ذات العينين السوداوين المقمرتين ** ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبداً من ربّي إلّا شيئين ** أن يحفظ هاتين العينين
ويزد بأيامي يومين ** كي أكتب شعراً في هاتين اللؤلؤتين
وقد شبه عينيها بالقمر الذي يضيء الليل، وبالمطر الذي يروي الأرض وينبت العشب. استخدم الشاعر أسلوب القصر بالنفي (لا- إلا) ليظهر أنه لا يرغب في شيء سوى رؤية عيني محبوبته، ويترجى الله أن يحفظ له عينها، وأن يمد في عمره تكريماً لقدرته على تعبير عن جمالها.
قصيدة لنزار قباني في وصف سحر العيون
يتحدث الشاعر في هذه الأبيات عن روعة العيون وسحرها الفريد. يشبه عيون محبوبته بالبحر، حيث ينغمس فيها كما لو أنه يبحر في مركبته، وتوجهه أمواج عينيها بعيدا عن المرسى، ليبدأ عيش حالة من العشق والغموض. يقول:
أسوح بتلك العيون على سفنٍ من ظنون ** هذا النقاء الحنون أشق صباحاً. أشق وتعلم عيناك أني أجدف ** عبر القرون جزراً فهل تدركين أنا أول المبحرين على حبالي هناك
فكيف تقولين هذي جفون تجرح صدر السكون تساءلت** والفلك سكرى أفي أبدٍ من نجومٍ ستبحر
هذا جنون قذفت قلوعي إلى البحر ** لو فكرت أن تهون على مرفأٍ لن يكون عزائي إذا لم أعد أفي أبدٍ من نجومٍ ستبحر هذا جنون… قذفت قلوعي إلى البحر
قصيدة تتحدث عن الحب في عيون العشاق
برزت في قصائد الشاعر الكثير من الألفاظ التي تتعلق بالطبيعة، حيث يرى أن الحب يحيط به من كل جانب. تتراءى له العيون وكأنها ترقص وتغني أغاني الحب، حيث يصف الحب بأنه مرسوم على أوراق الشجر. يقول:
الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر ** الحب منقوش على ريش العصافير وحبات المطر
لكن أي امرأة في بلدي ** إذا أحبت رجلا ترمى بخمسين حجر
يا رب قلبي لم يعد كافياً لأن من أحبها تعادل الدنيا ** فضع بصدري واحدًا غيره
يكون في مساحة الدنيا ** ما زلت تسألني عن عيد ميلادي
سجل لديك إذن ما أنت تجهله ** تاريخ حبك لي تاريخ ميلادي
وفي هذه الأبيات يطلب من محبوبته الرأفة به، مشيرًا إلى أن جمال عينيها جعله لا يرى سواها، لذلك تعتبر رفيقته المثالية في هذا العالم. بالنسبة له، فإن لحظاته السابقة بلا قيمة، إذ أنه وُلِد من جديد في اليوم الذي رآها فيه.
في الختام، تعد لغة العيون هي لغة العشاق، والتي لا يدركها إلا المحب الذي عاش تجربة الحب. لكل امرأة سحرها الخاص بلون عينيها، سواء كانت عيون خضراء تشبه العشب الأخضر، أو عيون زرقاء كالسماء، وصولاً إلى العيون البنية التي لها نكهة خاصة كالقهوة.