أحكام الدية وأسباب مشروعيتها
تعتبر الدية واجبةً في حالات القتل الخطأ أو القتل شبه العمد، ما لم يعفُ أولياء المقتول. وفي حالة القتل العمد، تكون الدية واجبة في حال وفاة القاتل أو إذا عفى أهل المقتول عن القصاص. تُعتبر الدية مسؤولية تقع على عاتق كل من يتسبب في إتلاف نفس إنسان، سواء كان ذلك بفعل مباشر أو غير مباشر، بغض النظر عن سن الشخص المتسبب (صغيراً كان أم كبيراً)، أو عقله (عاقلاً أم مجنوناً)، أو ما إذا كانت نيته متعمدة أم غير متعمدة، كما تشمل الدية جميع الأفراد، سواء كانوا مسلمين أو ذميين أو مستأمنين أو متعاهدين. وعليه، تُعتبر الدية بمثابة عقوبة للجاني وتعويض للمجني عليه أو عائلته. ومن ضمن حكمتها تحقيق الزجر والردع للجناة، مما يسهم في حماية الأرواح، بالإضافة إلى تقديم تعويض مالي عن الأرواح أو الأعضاء المتضررة.
أنواع الدية
تقسّم الدية إلى نوعين: مغلظة ومخففة. فالدية المخففة تكون واجبة في حالات القتل الخطأ، في حين يجب أن تكون الدية مغلظة في حالة القتل شبه العمد. بالنسبة للقتل العمد، يرى الشافعية والحنابلة أن الدية تكون مغلظة إذا عفى ولي الدم، بينما يرى أبو حنيفة عدم وجوب الدية في هذه الحالة، حيث يجب عنده ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، ويكون مستحقاً دون تأجيل. أما الدية المغلظة، فتُحَدّد بمئة من الإبل، ويجب أن تحتوي على أربعين من الأجنة في بطونها. وتجدر الإشارة إلى أن التغليظ يكون محصوراً في الإبل فقط، استنادًا إلى أحكام شرعية واضحة، مما يجعلها من الأمور المحددة شرعاً، ولا مجال للاجتهاد فيها.
أقسام الأشخاص المسؤولين عن تحمل الدية
تنقسم جهات تحمل الدية إلى ثلاثة كما يلي:
- ذمة القاتل: حيث يُلزم القاتل بتحمل الدية من ماله الخاص في حالة القتل العمد، إذا تنازل أولياء المقتول عن القصاص.
- عاقلة القاتل: تتحمل الدية في حالات القتل الخطأ أو شبه العمد.
- بيت المال: يتحمل بيت المال الديون والديات في بعض الحالات، ومنها:
- إذا توفي أحد المسلمين وعليه دين، فعلى ولي الأمر قضاء الدين من بيت المال.
- إذا كانت عاقلة القاتل معسرة في حالات القتل الخطأ أو شبه العمد، فتكون الدية من مال القاتل، وإن كان معسراً، تُتحمل من بيت المال.
- إذا كانت الدية واجبة بسبب خطأ ولي الأمر في الأمور المتعلقة بعمله.
- إذا حكم القاضي بالقسامة وامتنع الورثة عن حلف اليمين دون موافقتهم على يمين المدعى عليه، فإن ولي الأمر يقوم بسداد الدية من بيت المال.
- إذا لم يُعرف القاتل، فتكون دية كل مقتول لم يُكتشف قاتله من بيت المال.