أحداث معركة بلاط الشهداء
وقعت معركة بلاط الشهداء في منطقة تُعرف ببواتيه، بجوار نهر اللوار في جنوب فرنسا. حيث قام الوالي عبد الرحمن الغافقي، الذي تولى ولاية الأندلس في عام 112 هجري بأمر من الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، بدعوة للفتح في بلاد الغال، المعروفة حاليًا بفرنسا. وقد لبى النداء عدد كبير من العرب من مناطق اليمن والشام، بالإضافة إلى بعض البربر، الذين توجهوا نحو منطقة بواتيه وجمعوا صفوفهم تحت قيادته.
بدأ الجيش الإسلامي في الزحف نحو العديد من المناطق، محققًا انتصارات لافتة، تشمل إقليم إكتانيا وبوردو وبرغونيه. كما اجتازوا جبال البرانس، وعندما دخل عبد الرحمن الغافقي منطقة بواتيه، واجه الأمير شارل مارتل بمعركة شرسة. أدت هذه المعركة إلى استشهاد عبد الرحمن الغافقي والعديد من المجاهدين. تُعتبر معركة بلاط الشهداء واحدة من أبرز وأهم المعارك في التاريخ الفرنسي.
تُعرف معركة بلاط الشهداء بمعركة البلاط أو بواتييه، نظرًا لوقوعها في تلك المنطقة، كما تُلقب بمعركة تور. ويعود مصطلح البلاط إلى الحصن أو القصر قرب موقع المعركة، مما أطلق عليها هذا الاسم.
استمرت المعركة لمدة ثمانية أيام، وشهدت تصعيدًا كبيرًا في النزاع بين المسلمين، الذين أبدوا صبرًا بالغًا، في حين تمكن النصارى والألمان والفرنج من السيطرة على الموقف، ما أدى إلى هجومهم على الغنائم الإسلامية. ونتيجة لهذه الأحداث استُشهد عبد الرحمن الغافقي أثناء محاولته استعادة الأمن، مما اضطر الجيش الإسلامي للانسحاب وتخليهم عن الغنائم.
أسباب هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء
تتعدد الأسباب التي أدت إلى هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء، ومن أبرزها:
- النزاع الكبير بين المسلمين والبربر، مما جعل حسن التنسيق بين الطرفين أمرًا صعبًا، ونتج عن ذلك هزيمة ثقيلة.
- وجود غنائم قيمة من المعارك السابقة، حيث خاف المسلمون من فقدانها، مما استهلك وقتًا طويلاً في جمعها واستغلال الأعداء لهذه النقطة للهجوم على مؤخرة الجيش الإسلامي.
- تكاثف قوات النصارى واحتشادهم في فرنسا، مما أثّر في قوة القتال، إذ كانوا على دراية واسعة بالتضاريس والموقع.
- المسافة البعيدة التي قطعها جيش المسلمين لأكثر من 400 كيلومتر بعيدًا عن أراضيهم ومصادر إمدادهم، الأمر الذي جعل الإمدادات صعبة في ظل قرب خطوط الإمداد للعدو.
- عدم قدرة خيول المسلمين على التحمل بسبب الظروف المناخية القاسية.
أهمية معركة بلاط الشهداء
رغم هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء، فإن هذه المعركة أسهمت بشكل كبير في انتشار الإسلام في الغرب، وخصوصًا في فرنسا. إذ تواصلت الفتوحات الإسلامية بعد انتهاء المعركة، حيث زادت في منطقة فرنسا، خاصة النواحي الجنوبية تحت قيادة القائد عقبة بن الحجاج السّلولي، وفي فترة سابقة تحت قيادة الوالي عبد الملك بن قطن الفهري. تُعتبر معركة بلاط الشهداء واحدة من أقوى وأهم المعارك التي سُجلت في تاريخ الأمة الإسلامية.