أبو علي الفارسي: عالم النحو واللغويات في العصر العباسي

أبو علي الفارسي

هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان، ويعرف بأبي علي الفارسي، النحوي المعروف. يُعدّ من أبرز العلماء في مجال علم النحو، وُلد عام 288هـ في مدينة فسا، الواقعة بمحافظة فارس في إيران. وتُعزى والدته إلى قبيلة ربيعة الفارسية.

تعليم أبو علي الفارسي

كان أبو علي الفارسي إمامًا في النحو ولغة العرب، وقد روى عن العديد من العلماء مثل إسحاق بن راهويه، كما تلقى العلم على أيدي شخصيات بارزة في هذا المجال، مثل إبراهيم بن محمد الزجاج، وأبو بكر مبرمان، وأبو بكر السراج، وأبو بكر الخياط. بفضل اجتهاده أصبحت له مكانة مرموقة في علم النحو، وقد تخرج على يديه عدد من المشاهير مثل ابن جني وعبد القاهر الجرجاني.

انتقل الفارسي إلى بغداد في عام 307هـ، حيث تعلم على يد كبار العلماء، وبعد ذلك جاب البلاد العربية حتى استقر في مدينة طرابلس ببلاد الشام. ثم أقام في مدينة حلب تحت رعاية سيف الدولة بن حمدان عام 341هـ، حيث جرت مناقشات عديدة بينه وبين الشاعر المعروف أبو الطيب المتنبي. عقب ذلك، انتقل إلى فارس وأصبح صديقًا لابن بويه، الذي أبدى إعجاباً كبيراً بعلمه في النحو، حتى قال: “أنا غلام أبي علي الفسوي في النحو”.

تميز أبو علي الفارسي بقدرته الفائقة على فهم القياس، حيث أكد أنه قد يُخطئ في خمسين مسألة لغوية لكنه لن يخطئ في واحدة من القياس.

نوادر أبو علي الفارسي اللغوية

كان الفارسي برفقة ابن بويه في ميدان شيراز، وقد سأل الأخير: “لم انتصب المستثنى في قولنا: قام القوم إلا زيدًا؟”، فأجابه الشيخ بأن ذلك بفعل مقدر، فسأله ابن بويه عن كيفية تقديره، مما أثار حوارًا ممتعًا بينهما. وفور عودته إلى بيته، كتب تعليقًا حول الموضوع وأرسله لابن بويه الذي استحسنه، موضحًا في كتابه “الإيضاح” كيف جعل الفعل المتقدم منصوبًا بواسطة حرف “إلا”.

شعر أبو علي الفارسي

رغم أنه لم يكن شاعرًا بارعًا، إلا أن لديه بعض الأبيات المقيدة، فقال في إحدى جلسات الشعر: “إني لأغبطكم على قول الشعر، فإن خاطري لا يوافقني على قوله رغم سعيي وراء المعرفة في هذا المجال”. وعندما ناقشه أحدهم حول قصائده، أشار إلى أنه لا يعرف إلا ثلاثة أبيات تتعلق بالشيب، وهي:

خضبت الشيب لما كان عيبًا….. وخضب الشيب أولى أن يعابا
ولم أخضب مخافة هجر خِل…. ولا عيبًا خشيت ولا عتابا
ولكن المشيب بدا ذميما… فصيرت الخضاب له عقابا

رأي العلماء في أبو علي الفارسي

كان هناك العديد من الآراء حول أبو علي الفارسي، ومن بين العلماء الذين قدموا آرائهم:

  • ابن خلكان: اعتبر أبو علي الفارسي شخصية بارزة لا يحتاج ذكر فضله.
  • ياقوت الحموي: وصفه بأنه أشهر العلماء، ومشهور بمعرفته وتصانيفه وأعماله، وكان يُعتقد بأنه فوق المبرّد في علم العربية.
  • التنوخي: أثنى عليه، قائلًا إن مكانته في النحو كانت عالية، وأن من تلامذته كانوا يرون أنه أفضل من المبرّد.
  • أبو طالب العبدي: أشار إلى أنه لا يوجد أحد أكثر إلمامًا بالنحو من أبو علي.
  • ابن جني: اعتبر أن قياسه كان قويًا للغاية،وكأنه مخلوق لهذا الفن.

مؤلفات أبو علي الفارسي

تشمل مؤلفات أبو علي الفارسي ما يلي:

  • التذكرة في علوم العربية.
  • المقصور والممدود.
  • المسائل العسكرية.
  • الحجة في علل القراءات.
  • الإيضاح.
  • التكملة.
  • جواهر النحو.
  • العوامل المائة.
  • المسائل الحلبيات.
  • المسائل البغداديات.
  • الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني.
  • المسائل الشيرازيات.
  • المسائل القصريات.
  • المسائل البصرية.
  • المسائل المجلسيات.
  • التعليقة على كتاب سيبويه.
  • الحجة للقراء السبعة.
  • كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب.

وفاة أبو علي الفارسي

توفي أبو علي الفارسي في 17 ربيع الأول عام 377هـ، المصادف ليوم الأحد، وذلك أثناء وجوده في بغداد. وقد دُفن في مقبرة الشونيزي، كما أوصى بترك مبلغ قدره 30 ألف دينار يُخصص بعد وفاته لدعم علماء النحو في بغداد، وهو ما يُشكل ثلث ثروته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top