كم قتيل كما قتلت شهيد
كَم قَتيلٍ كَما قُتِلَت شَهيدِ
بِبَياضِ الطُلى وَوَردِ الخُدودِ
وَعُيونِ المَها، وَلَا كَعُيونٍ
فَتَكَت بِالمُتَيَّمِ المَعمودِ
دَرَّ دَرُّ الصِبا، أَيَّامَ تَجْري
ـرِ ذُيولي بِدارِ أَثْلَةَ عودِ
عَمْرَكَ اللّهُ، هَل رَأَيتَ بُدورًا
طَلَعَت في بَراقِعٍ وَعُقودِ
رامياتٍ بِأَسهُمٍ ريشُها الهُد
فَتَشُقُّ القلوبُ قَبلَ الجُلودِ
يَتَرشَّفنَ مِن فَمي رَشَفاتٍ
هُنَّ فيهِ أَحلى مِنَ التَوحيدِ
كُلُّ خَمصانةٍ أَرَقُّ مِنَ الخَمـ
ـرِ بِقَلبٍ أَقسى مِنَ الجَلمودِ
ذاتِ فَرعٍ كَأَنَّما ضُرِبَ العَنـ
ـبَرُ فيهِ بِماءِ وَردٍ وَعودِ
حالِكٍ كَالغُدافِ جَثَلٍ دَجوجِيـ
ـيٍ أَثيثٍ جَعدٍ بلا تَجعيدِ
تَحمِلُ المِسكَ عَن غَدائِرِها الريـ
ـحُ وَتَفتَرُّ عَن شَنيبٍ بَرودِ
جَمَعَت بَينَ جِسمِ أَحمَدَ وَالسُقـ
ـمِ وَبَينَ الجُفونِ وَالتَسهيدِ
هَذِهِ مُهجَتي لَدَيكِ لِحيني
فَاِنقُصي مِن عَذابِها أَو فَزيدي
أَهلُ ما بي مِنَ الضَنى بَطَلٌ صيـ
ـدَ بِتَصفيفِ طُرَّةٍ وَبِجيدِ
كُلُّ شَيءٍ مِنَ الدِماءِ حَرامٌ
شُربُهُ ما خَلا دَمَ العُنقودِ
فَاسقِنيها فِدًى لِعَينَيكِ نَفسي
مِن غَزالٍ وَطارِفي وَتَليدي
شَيبُ رَأسي وَذِلَّتي وَنُحولي
وَدُموعي على هَواكَ شُهودي
أَيَّ يَوْمٍ سَرَرتَني بِوِصالٍ
لَم تَرُعني ثَلاثَةً بِصُدودِ
ما مُقامي بِأَرضِ نَخلَةَ إِلّا
كَمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهودِ
مَفرَشي صَهوَةُ الحِصانِ وَلَكِن
قَميصي مَسْرودَةٌ مِن حَديدِ
لَأمَةٌ فاضَةٌ أَضَاءَت دِلاسٌ
أَحكَمَت نَسجَها يَدا داوُدِ
أَينَ فَضلي إِذا قَنِعتُ مِنَ الدَهـ
ـرِ بِعَيشٍ مُعجلِ التَنكيدِ
ضَاقَ صَدري وَطالَ في طَلَبِ الرِز
قِي قِيامي وَقَلَّ عَنهُ قُعودي
أَبَدًا أَقطَعُ البِلادَ ونجمي
في نُحوسٍ وَهِمَّتي في سُعودِ
وَلَعَلّي مُؤملٌ بَعضَ ما أَب
لُغُ بِاللطفِ مِن عَزيزٍ حَميدِ
لِسَرِيٍّ لِباسُهُ خَشِنُ القُط
نِ وَمَروِيُّ مَروَ لِبَسَ القُرودِ
عِش عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَرِيمٌ
بَينَ طَعنِ القَنا وَخَفقِ البُنودِ
فَرُؤوسُ الرِماحِ أَذهَبُ لِلغَيـ
ـظِ وَأَشفى لِغِلِّ صَدرِ الحَقودِ
لا كَما قَد حَيَّتَ غَيرَ حَميدٍ
وَإِذا مُتَّ مُتَّ غَيرَ فَقيدِ
فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ الذُلـ
ـلَ وَلَو كانَ في جِنانِ الخُلودِ
يُقتَلُ العاجِزُ الجَبانُ وَقَد يَعـ
ـجِزُ عَنْ قَطعِ بُخُنُقِ المَولودِ
وَيُوَقّى الفَتى المِخَشُّ وَقَد خَو
وَضَ في ماءِ لَبَّةِ الصِنديدِ
لا بِقومي شَرُفْتُ بل شَرُفوا بي
وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي
وَبِهِم فَخرُ كُلِّ مَن نَطَقَ الضا
دَ وَعَوذُ الجاني وَعَوثُ الطَريدِ
إِن أَكُن مُعجَبًا فَعُجبُ عَجيبٍ
لَم يَجِد فَوقَ نَفسِهِ مِن مَزيدِ
أَنا تِربُ النَدى وَرَبُّ القَوافي
وَسِمامُ العِدا وَغَيظُ الحَسودِ
أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَـ
ـهُ غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ
يَعلَمنَ ذاكِ وَما عَلِمتِ وَإِنَّما
أَولاكُما بِبُكى عَلَيهِ العاقِلُ
وَأَنا الَّذي اجتَلَبَ المَنِيَّةَ طَرفُهُ
فَمَنِ المُطالَبُ وَالقَتيلُ القاتِلُ
تَخلو الدِيارُ مِنَ الظِباءِ وَعِندَهُ
مِن كُلِّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ
اللاءِ أَفتَكُها الجَبانُ بِمُهجَتي
وَأَحَبُّها قُربًا إِلَيَّ الباخِلُ
الرامِياتُ لَنا وَهُنَّ نَوافِرٌ
وَالخاتِلاتُ لَنا وَهُنَّ غَوافِلُ
كَأَنَّنا عَن شِبَهِهِنَّ مِنَ المَها
فَلَهُنَّ في غَيرِ التُرابِ حَبائِلُ
مِن طاعِني ثُغَرِ الرِجالِ جَآذِرٌ
وَمِنَ الرِماحِ دَمالِجٌ وَخَلاخِلُ
وَلِذا اِسمُ أَغطِيَةِ العُيونِ جُفونُها
مِن أَنَّها عَمَلَ السُيوفِ عَوامِلُ
كَم وَقفَةٍ سَجَرَتكَ شَوقًا بَعدَما
غَرِيَ الرَقيبُ بِنا وَلَجَّ العاذِلُ
دونَ التَعانُقِ ناحِلَينِ كَشَكلَتَي
نَصبٍ أَدَقَّهُما وَصَمَّ الشاكِلُ
اِنعَم وَلَذَّ فَلِلأُمورِ أَواخِرٌ
أَبَدًا إِذا كانَت لَهُنَّ أَوائِلُ
ما دُمتَ مِن أَرَبِ الحِسانَ فَإِنَّما
رَوقُ الشَبابِ عَلَيكَ ظِلٌّ زائِلُ
لِلَّهوِ آوِنَةٌ تَمُرُّ كَأَنَّها
قُبَلٌ يُزَوَّدُها حَبيبٌ راحِلُ
جَمَحَ الزَمانُ فَما لَذيذٌ خالِصٌ
مِمّا يَشُوبُ وَلا سُرورٌ كامِلُ
حَتّى أَبو الفَضلِ اِبنُ عَبدِ اللَّهِ رُؤ
يَتُهُ المُنى وَهيَ المَقامُ الهائِلُ
مَمطورَةٌ طُرُقي إِلَيها دونَها
مِن جودِهِ في كُلِّ فَجٍّ وَابِلُ
مَحجُوبةٌ بِسُرادِقٍ مِن هَيبَةٍ
تَثني الأَزِمَّةَ وَالمَطِيُّ ذَوامِلُ
لِلشَمسِ فيهِ وَلِلرِياحِ وَلِلسَحا
بِ وَلِلبِحارِ وَلِلأُسودِ شَمائِلُ
وَلَدَيهِ مِلعِقيانِ وَالأَدَبِ المُفا
دِ وَمِلحَياةِ وَمِلمَماتِ مَناهِلُ
لَو لَم يُهَب لَجَبُ الوُفودِ حَوالَهُ
لَسَرى إِلَيهِ قَطا الفَلاةِ الناهِلُ
يَدري بِما بِكَ قَبلَ تُظهِرُهُ لَهُ
مِن ذِهنِهِ وَيُجيبُ قَبلَ تُسائِلُ
وَتَراهُ مُعتَرِضًا لَها وَمُوَلِّياً
أَحداقُنا وَتَحَارُ حينَ يُقابِلُ
كَلِماتُهُ قُضُبٌ وَهُنَّ فَواصِلٌ
كُلُّ الضَّرائِبِ تَحتَهُنَّ مَفاصِلُ
هَزَمَت مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلَّها
حَتّى كَأَنَّ المَكرُماتِ قَنابِلُ
وَقَتَلنَ دَفْرًا وَالدُهَيمَ فَما تُرى
أُمُّ الدُهَيمِ وَأُمُّ دَفرٍ هابِلُ
عَلّامَةُ العُلَماءِ وَاللُجُّ الَّذي
لا يَنتَهي وَلِكُلِّ لُجٍّ ساحِلُ
لَو طابَ مَولِدُ كُلِّ حَيٍّ مِثلَهُ
وَلَدَ النِساءُ وَما لَهُنَّ قَوابِلُ
لَو بانَ بِالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ
لَدَرَت بِهِ ذَكَرٌ أَمُ انثى الحامِلُ
لِيَزِد بَنو الحَسَنِ الشِرافُ تَواضُعًا
هَيهاتَ تُكتَمُ في الظَلامِ مَشاعِلُ
سَتَروا النَدى سَترَ الغُرابِ سِفادَهُ
فَبَدَا وَهَل يَخفى الرَبابُ الهاطِلُ
جَفَخَت وَهُم لا يَجفَخونَ بِهابِهِم
شِيَمُ عَلى الحَسَبِ الأَغَرِّ دَلائِلُ
مُتَشابِهِي وَرَعِ النُفوسِ كَبيرُهُم
وَصَغيرُهُم عَفُّ الإِزارِ حُلاحِلُ
يا اِفخَر فَإِنَّ الناسِ فيكَ ثَلاثَةٌ
مُستَعظِمٌ أَو حاسِدٌ أَو جاهِلُ
وَلَقَد عَلَوتَ فَمَا تُبالي بَعدَما
عَرَفوا أَيَحمَدُ أَم يَذُمُّ القائِلُ
أُثني عَلَيكَ وَلَو تَشاءُ لَقُلتَ لي
قَصَّرتَ فَالإِمساكُ عَنّي نائِلُ
لا تَجسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ هَهُنا
بَيتًا وَلَكِنّي الهِزَبرُ الباسِلُ
ما نَالَ أَهلُ الجاهِلِيَّةِ كُلُّهُم
شِعري وَلا سَمِعَت بِسِحرِيَ بابلُ
وَإِذا أَتَتْكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ
فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّي كَامِلُ
مَن لي بِفَهمِ أُهَيلِ عَصرٍ يَدَّعي
أَن يَحسُبَ الهِندِيَّ فيهِم باقِلُ
وَأَما وَحَقِّكَ وَهوَ غايَةُ مُقسِمٍ
لِلحَقُّ أَنتَ وَما سِواكَ الباطِلُ
الطيبُ أَنتَ إِذا أَصابَكَ طيبُهُ
وَالماءُ أَنتَ إِذا اِغتَسَلتَ الغاسِلُ
ما دارَ في الحَنَكِ اللِسانُ وَقَلَّبَت
قَلَماً بِأَحسَنَ مِن نَثَاكَ أَنامِلُ
من أية الطرق يأتي نحوك الكرم
مِن أَيَّةِ الطُرقِ يَأتي نَحوَكَ الكَرَمُ
أَينَ المَحاجِمُ يا كافورُ وَالجَلَمُ
جازَ الأُلى مَلَكَت كَفّاكَ قَدرَهُمُ
فَعُرِّفوا بِكَ أَنَّ الكَلبَ فَوقَهُمُ
لا شَيءَ أَقبَحُ مِن فَحلٍ لَهُ ذَكَرٌ
تَقودُهُ أَمَةٌ لَيسَت لَها رَحِمُ
ساداتُ كُلِّ أُناسٍ مِن نُفوسِهِمِ
وَسادَةُ المُسلِمينَ الأَعبُدُ القَزَمُ
أَغايَةُ الدينِ أَن تُحفُوا شَوارِبَكُم
يَا أُمَّةً ضَحِكَت مِن جَهلِها الأُمَمُ
أَلا فَتىً يورِدُ الهِندِيَّ هامَتَهُ
كَيما تَزولُ شُكوكُ الناسِ وَالتُهَمُ
فَإِنَّهُ حُجَّةٌ يُؤذي القُلوبَ بِها
مِن دينُهُ الدَهرُ وَالتَعطيلُ وَالقِدَمُ
ما أَقدَرَ اللَهَ أَن يُخزي خَليقَتَهُ
وَلا يُصَدِّقُ قَوْمًا في الَّذي زَعَموا
أين أزمعت أيها الهمام
أَينَ أَزمَعتَ أَيُّهَذا الهُمامُ
نَحنُ نَبتُ الرُبى وَأَنتَ الغَمامُ
نَحنُ مَن ضايَقَ الزَمانُ لَهُ فيـ
ـكَ وَخانَتهُ قُربَكَ الأَيّامُ
في سَبيلِ العُلى قِتالُكَ وَالسِلـ
ـمُ وَهَذا المَقامُ وَالإِجذامُ
لَيتَ أَنّا إِذا اِرتَحَلتَ لَكَ الخَيـ
ـلُ وَأَنّا إِذا نَزَلتَ الخِيامُ
كُلَّ يَومٍ لَكَ اِحتِمالٌ جَديدُ
وَمَسيرٌ للمَجدِ فيهِ مُقامُ
وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِبارًا
تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ
وَكَذا تَطلُعُ البُدورُ عَلَينا
وَكَذا تَقلَقُ البُحورُ العِظامُ
وَلَنا عادَةُ الجَميلِ مِنَ الصَبـ
ـرِ لَوَ أَنّا سِوى نَواكَ نُسامُ
كُلُّ عَيشٍ ما لَم تُطَبِّهُ حِمامٌ
كُلُّ شَمسٍ ما لَم تَكُنها ظَلامُ
أَزِلِ الوَحشَةَ الَّتي عِندَنا يا
مَن بِهِ يَأنَسُ الخَميسُ اللُهامُ
وَالَّذي يَشهَدُ الوَغى ساكِنَ القَلـ
ـبِ كَأَنَّ القِتالَ فيها ذِمامُ
وَالَّذي يَضرِبُ الكَتائِبَ حَتّى
تَتَلاقى الفِهاقُ وَالأَقدامُ
وَإِذا حَلَّ ساعَةً بِمَكانٍ
فَأَذاهُ عَلى الزَمانِ حَرامُ
وَالَّذي تُنبِتُ البِلادُ سُرورٌ
وَالَّذي تَمطُرُ السَحابُ مُدامُ
كُلَّما قيلَ قَد تَناهى أَرانا
كرمًا ما اِهتَدَت إِلَيهِ الكِرامُ
وَكِفاحًا تَكِعُّ عَنهُ الأَعادي
وَارِتِياحًا يَحارُ فيهِ الأَنامُ
إِنَّما هَيبَةُ المُؤَمَّلِ سَيفِ الـ
ـدَولَةِ المَلكِ في القُلوبِ حُسامُ
فَكَثيرٌ مِنَ الشُجاعِ التَوَقّي
وَكَثيرٌ مِنَ البَلِيغِ السَلامُ