قصيدة ألما على الربع القديم بعسعسا
- يذكر الشاعر امرؤ القيس:
ألما على الربع القديم بعسعسا
كأني أنادي أو أكلم أخرسا
فهل كان أهل الدار فيها كعهدنا
وجدت مقيلاً عندهم ومعرسّا
فلا تنكروني إنني ذلك
ليالي حل الحي غولاً فألعسا
فإما تريني لا أغمض ساعة
من الليل إلا أن أكبّ فأنعسا
تأوبني دائي القديم فغلّسا
أحاذر أن يرتد دائي فأُنكسّا
فيا رب مكرّوب كررت ورائه
وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
ويا رب يوم قد أروح مرجّلاً
حبيباً إلى البيض الكواعب أملسّا
يرعن إلى صوتي إذا ما سمعنه
كما ترعي عيط إلى صوت أعيَّسا
أراهن لا يحببن من قلّ ماله
ولا من رأين الشيب فيه وقوّسا
وما خفت تبريح الحياة كما أرى
تضيق ذراعي أن أقوم فألبسا
فلو أنها نفس تموت جميعة
ولكنها نفس تساقط أنفُسَا
وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة
فيا لك من نعمى تحوّلت أبؤساً
لقد طمح الطامح من بعد أرضه
ليلبسني من دائه ما تلبسا
ألا إن بعد العدم للمرء قنوة
وبعد المشيب طول عمر وملبسا
قصيدة إذا قنع الفتى بذميم عيش
- يقول الشاعر عنترة بن شداد:
إذا قنع الفتى بذميم عيش
وكان وراء سجف كالبنات
ولم يهجم على أسد المنايا
ولم يطعَنْ صدور الصفنات
ولم يقرِ الضيوف إذا أتوه
ولم يروِ السيوف من الكماة
ولم يبلغ بضرب الهام مجداً
ولم يكن صابراً في النائبات
فقل للنائحات إذا بكته
ألا فاقصرن ندب النادبات
ولا تندبن إلا ليْث غابٍ
شجاعاً في الحروب الثائرات
دعوني في القتال أموت عزيزاً
فموت العز خير من حياتي
لعمري ما الفخار بكسب مال
ولا يُدعى الغني من السُرَاة
ستذكرني المعامع كل وقت
على طول الحياة إلى الممات
فذاك الذكر يبقى ليس يفنى
مدى الأيام في ماض وآت
وإني اليوم أحمي عرض قومي
وأنصر آل عبس على الأعداء
وأخذ مالنا منهم بحرب
تخر لها متون الرّاسيات
وأترك كل نائحة تنادي
عليهم بالتفرق والشتات
قصيدة أأجمع صحبتي
- يقول الشاعر عمرو بن كلثوم:
أأجمع صحبتي سحر ارتحالاً
ولم أشعر ببين منك هالا
ولم أر مثل هالة في معد
تشبه حسنها ألا الهلالا
ألا أبلغ بني جشم بن بكر
وتغلب كلها نبأ جلالاً
بأن الماجد البطل ابن عمرو
غداة نطاع قد صدق القتال
كتيربته ململمة رداح
إذا يرمونها تنبئ النبالا
جزى الله الأغر يزيد خيراً
ولقاه المسرة والجمالا
بمأخذه ابن كلثوم بن سعد
يزيد الخير نازله نزالا
بجمع من بني قُران صيد
يجيلون الطعان إذا أجالا
قصيدة تعلم أن شر الناس حيّ
- يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى:
تعلم أن شر الناس حيّ
ينادى في شعارهم يسار
يبربر حين يعدو من بعيد
إليها، وهو قبقاب، قطار
لطفل ظل يهدج من بعيد
ضئيل الجسم يعلوه انبهار
إذا أبزت به يوماً أهَلت
كما تبزي الصعائد والعشار
فأبلغ إن عرضت لهم رسولاً
بني الصيداء إن نفع الجوار
بأن الشعر ليس له مرد
إذا ورد المياه به التجار
قصيدة بلينا وما تبلى النجوم الطوالع
- يقول الشاعر لبيد بن ربيعة:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع
وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
وقد كنت في أكناف جار مضنّة
ففارقني جار بأربد نافع
فلا جزع إن فرّق الدهر بيننا
وكل فتى يوماً به الدهر فاجع
فلا أنا يأتيني طريف بفرحة
ولا أنا مما أحدث الدهر جازع
وما الناس إلا كالدير وأهلها
بها يوم حلوا وغدوا بلاقع
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه
يحور رماداً بعد إذ هو ساطع
وما البر إلا مضمرات من التقى
وما المال إلا معمرات ودائع
وما المال والأهلون إلا وديعة
ولابد يوماً أن ترد الودائع
ويمضون أرسالاً ونخلف بعدهم
كما ضمّ أخرى التاليات المشايع
وما الناس إلا عاملان: فرفاعل
يتبّر ما يبني، وآخر رافع
فمنهم سعيد آخذ لنصيبه
ومنهم شقي بالمّعيشة قانع
أليس ورائي، إن تراخت منيّتي،
لزوم العصا تُحْنَى عليها الأصابع
أخبر أخبار القرون التي مضت
أدب كأني كلما قمت راكع
فأصبحت مثل السيف غير جفنه
تقدّم عهد القين والنصل قاطع
فلا تبعد إن المنيّة موعد
عليك فداني للطّلوع وطالع
أعاذل ما يدريك، إلا تظنيّاً،
إذا ارتحل الفتيان من هو راجع
تُبكي على إثر الشباب الذي مضى
ألا إن أخدان الشباب الرعاع
أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى
وأي كريم لم تصبه القواعر
لعمرك ما تدري الضواريب بالحصى
ولا زاجرات الطير ما الله صانع
سلن إن كذبتموني متى الفتى
يذوق المنايا أو متى الغيث واقع