من هو أبو زكريا الفراء؟
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف باسم الفراء، يعتبر أحد أعلام الكوفيين ومؤسسي علم النحو واللغة والأدب. حصل على لقبه “الفراء” لأنه كان يحسن صياغة الكلام وإصلاحه، بينما يخطئ الكثيرون في فهمهم بأنه كان يعمل في مهنة الفراء.
نشأة وحياة أبو زكريا الفراء
وُلِد الفراء في الكوفة عام 144هـ، ثم انتقل إلى بغداد، العاصمة التي كانت مركز الخلافة في فترة عيشه. عُرف بتقواه وأخلاقه العالية وبره بوالديه وعائلته وقومه. اشتهر الفراء بشغفه في تحصيل الرزق حيث كان يعمل بلا كلل، وفي نهاية كل عام يعود إلى عائلته وقبيلته ليقضي بينهم أربعين يومًا يوزع ما جمعه تكريمًا لهم. توفي خلال سفره إلى مكة عن عمر يناهز 63 عامًا، وذلك في عام 207هـ، تاركًا وراءه إرثاً ثقافياً وعلمياً ساهم في استمرار ذكره حتى عصرنا الحالي.
شيوخ أبو زكريا الفراء وتحصيله للعلم
بدأ الفراء رحلة طلب العلم منذ صغره، وزار عددًا من المشايخ الذين استفاد من معارفهم. ومن أبرز هؤلاء الشيوخ كان أبو الحسن الكسائي، الذي كان له تأثير كبير على علم الفراء. وقد أظهر الفراء تفوقًا في حفظ علوم الكسائي، حيث أبدع في الاحتفاظ بمعرفته وأخلاقه ونوادره، حتى أنه حفظ مما لم يستطع غيره حفظه.
كما تعلّم الفراء من يونس بن حبيب، وقيس بن الربيع، ومندل بن علي، بالإضافة إلى أبي الكلاب، وأبي جعفر الرؤاسي، والفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك. تميز الفراء بعمق معرفته باللغة، وخاصة في النحو، حيث أبدع وأتقن قواعده. كما كان له اهتمام كبير بالجانب الأدبي ووسع اطلاعه في هذا المجال.
من بين المرات الذي أثنى فيها على الفراء كان أبو العباس ثعلب، الذي قال: “لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه قام بتصحيحها وتنظيمها”. وحسب سلمة بن عاصم، فقد أملى الفراء جميع كتبه من ذاكرته، باستثناء كتابين: “ملازم” و”يافع ويفعة”، في حين ذكر أبو بكر الأنباري أن مجموع كتب الفراء بلغ ثلاثة آلاف ورقة.
مذهب أبو زكريا الفراء وآراؤه العقائدية
نشأ الفراء في بغداد في زمن كانت فيه الصراعات الفكرية حادة بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة. اختلفت الآراء حول معتقداته، لكن العديد من المترجمين له وصفوه بالميل إلى الاعتزال، رغم أنه لم يكن عميقًا في هذا المذهب. وقد أشار ابن خلكان إلى أن الفراء كان على اعتقاد أهل السنة والجماعة، حيث أكد أن الفراء لم يكن يقيم وزناً لآراء المعتزلة، ونقلت أقوال عن أبي العباس ثعلب أنه كان يجمع الناس في مسجده ويتناول الفلسفة في مؤلفاته بأسلوب الفلاسفة.
مؤلفات أبو زكريا الفراء وأعماله الأدبية
ورد أن الخليفة المأمون طلب من الفراء إعداد مؤلف يتناول أصول النحو والعربية، حيث أتاح له مكانًا للاقامة وخصص له طاقمًا لخدمته. وقد بدأ بإملاء كتاب “الحدود”، ثم واصل تأليف كتاب “معاني القرآن”، الذي وصل عدد أوراقه نحو ألف ورقة. وفيما يلي أبرز مؤلفات الفراء:
- كتاب المذكر والمؤنث.
- كتاب الأيام والليالي والشهور.
- كتاب المقصور والمدود.
- كتاب لغات القرآن.
- كتاب مجاز القرآن.
- كتاب المصادر في القرآن.
- كتاب الجمع واللغات.
- كتاب الجمع والتثنية في القرآن.
- كتاب ما تلحن فيه العامة.
- كتاب البهي أو البهاء.
- كتاب مشكلة اللغة الصغيرة أو اللغة الكبير.
- كتاب التحويل.
- كتاب التصريف.
- الكتاب الكبير في النحو.
- كتاب الوقف والابتداء.
- كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف.
- كتاب آلة الكتاب.
- كتاب النوادر.
- كتاب الفاخر في الأمثال.