يا للمفضل تكسوني مدائحه
يا للمُفضَل تَكسوني مدائحه
لقد تخلصتُ من زينتي الفاخرة
ولم أتعجب، وأثوابُ شبابي جديدةٌ
فكيف أتباهى بثوبٍ من زمنٍ مضى
يكون الفخر لك، يا من تمتلك الخيل الجارية
لقد انتشر العتق ولكن تيه العقود قد خاب
إننا قد بعثناك تطلب قوله من كثبٍ
فأتيتَ بالنجوم مكتوباً من الأفق
وقد قرأته فيك فهماً مشتعلاً
من كل جانب كشرر الفرس في الساق
أيقنتُ أن حبال الشمس تحيط بي
عندما رأيتُ خيط المشرق المتألق
هذا شعرٌ عن الملوك مخفيٌ
فلا تضعفه بكثرة الكلام على السوق
كأنما الرياض تنكشف بجمالها العجيب
وإن اقتربت وهي متفرغة على الطرق
وكم من رياضٍ بحزنٍ لا يزورها
كأسد الشرى وهي مرعى الشاب الضعيف
فاطلب مفاتيح باب الرزق من ملكٍ
أعطاك مفتاح السؤدد المغلق
الفصحى كأن معاني السكر تسكنه
فمن كسب بيتاً منه لم يستفق
قد شرَبتني منه كؤوساً غنت بها
حتى الفناء عن قولٍ ومغتبطٍ
شجاعةٌ تشجع من يأتي له بأساً
فهو الدواء لداء الجبن والقلق
إذا ترنم شادٍ بالعزف عليه
واجه المنون بلا خوفٍ ولا فرق
وإذا تمثلت صاعٍ للصخور به
اضطرت عليه بعذبٍ ليس له شائبة
فترتب النظم كترتيب الحليّ على
بدن الجلي بلا طيشٍ ولا انفعال
وقد وُضع للقدمين تاجٌ مهيب
وعقد من الدر للعُنقِ الحاليم
انطلق إلى أرض قومٍ حيث هواؤهم
يشبه لهيب الجليد مكان المطر الغزير
ينطلق إلى الشغل راعيهم ومحلّبهم
قائمٌ من الذهب أو أُقدح من الفضة
وابتعد عن قومٍ إذا أجدوا على أحدٍ
يشيرون إليه بعينٍ غافرة حنقةٌ
كأنما العرف منهم فهو مُستلبٌ
ما الصيف كاسٍ لشجرٍ من الورق
لا ترضَ حتى ترى يسراك واطئةً
على رحالاتٍ من الإذهاب كالشفق
أمامك الخيول مسحوبة من جليساتها
من نفيس الوشي أو من ناعم السرق
كأنما الموج يجري في مراكبها
في وسط النهار وإن أسري في الغسق
كأنها في نضارةٍ ذائبةٍ سبحت
وأنقذتها بعد أن كادت أن تغرق
ثقيلةُ النهوضٍ مما زُينت بالذهب
فلن تملك سوا المشي والعناق
ترتقي بما قلدتْه من أزرها
منيفة كصوادٍ يثرِبُ السُحُق
وخلّة الضرب لا تبقي له خلا
وحلة الحرب ذات السرد والحلق
ولا تنسَ لي نفحاتي وانسَ لي زللي
ولا يضرّك خلقي واتبعْ خلقي
فرُبما ضَرّ خِلٌّ نافعٌ أبداً
كالرّيقِ يحدث منه عارض الشرَق
وعطفةً من صديقٍ لا تدوم بها
كعطفة الليل بين الصبح والفلق
فإن توافق في معنىً بنو زمنٍ
فإن جل المعاني غير متفقةٍ
قد يبعد الشيء من شيءٍ يشابهه
إن السماء نظير الماء في الزرقة
يا راعي الود الذي أفعاله
يا راعي الوُدّ الذي أفعاله
تغني بظاهر أمرها عن نعتها
لو كنتَ حياً، ما قَطعتُك فاعتذر
عني إليكَ لخُلّةٍ بأمتّها
فالأرضُ تعلم أنني مُتصرّفٌ
من فوقها وكأنني من تحتها
غدرت بي الدنيا وكل صاحبٍ
صاحبتُه غدر الشمال بأختها
شغفت بوامقها الحريص وأظهرت
مقتي لما أظهرتُه من مقتها
لا بدّ للحسناء من ذامٍ ولا
ذامٌ لنفسي غيرَ سيئِ بختِها
ولقد شاركتك في آساك مُشتركاً
وحللتُ في وادي الهمومِ وخبّتِها
وكرهت من بعد الثلاث تجشمي
طرُق عزاءٍ على تغيّر سمتها
وعلي أن أقضي صلاتي بعدما
فاتت، إذا لم آتِها في وقتها
إن الأمور كما علمتَ صوامتٌ
عنا وكل عبارةٍ في صمتها
متفقهٌ للدهر إن استفتته
نفس امرئ عن جُرمه لا يُفتيها
وتكون كالأوراق الذنوب على الفتى
ومُصابُهُ ريح تهبّ لحَتّها
جازاكَ ربكَ بالجنان، فهذه
دارٌ وإن حسنت تغرّ بسُحتها
ضلّ الذي قال البلاد قديمةٌ
بالطبيعة كانتْ والأنام كنبتها
وأمامنا يومٌ تقوم هجودُهُ
من بعد إبلاءِ العظام ورَفتِها
لا بدّ للزمن المُسيء بنا إذا
قويت حبال أخوةٍ من بتّها
فاللّهُ يرحم من مضى متفضلاً
ويقيك من جزل الخطوب وشختها
ويُطيلُ عمرك للصديق فطولُهُ
سببٌ إلى غيظ العُداة وكبتها
أشفقت من عبء البقاء وعابه
- وهذه قصيدة له يخاطب شاعراً يعرف بأبي الخطاب:
أشفقت من عبء البقاء وعابه
ومللت من أري الزمان وصابه
ووجدت أحداث الليالي أولعت
بأخي الندى تثنيه عن آرابه
وأرى أبا الخطاب نال من الحجى
حظاً رواه الدهر عن خطابه
لا تطلبن كلامه متشبهاً
فالدر ممتنع على طلابه
أثني وخاف من ارتحال ثنائه
عني فقيد لفظه بكتابه
كلمٌ كنظم العقد يحسن تحته
معناه حسن الماء تحت صبابه
فتشوفت شوقاً إلى نفحاته
أفهامنا ورنت إلى آدابه
والنخل ما عكفت عليه طيوره
إلا لما علمته من أرطابه
ردت لطافته ودحدة ذهنه
وحش اللغات أوانساً بخطابه
والنحل يجني المر من نور الربى
فتصير شهداً في طريق رضابه
عجب الأنام لطول همة ماجد
أوفى به قصر وما أزري به
سهم الفتى أقصى مدى من سيفه
والرمح يوم طعانه وضرابه
هجر العراق تطرباً وتغرباً
ليفوز من سمط العلا بغرابه
والسمهرية ليس يشرف قدرها
حتى يسافر لدنها من غابه
والعضب لا يشفى امرأً من ثأره
إلا بعقد نجاده وقرابه
والله يرعى سرح كل فضيلةٍ
حتى يروحه إلى أربابه
يا من له قلمٌ حكى في فعله
أيم الغضا لولا سواد لعابه
عرفت جدودك إذ نطقت وطالما
لفظ القطا فأبان عن أنسابه
الأمر أيسر مما أنت مضمره
الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مُضمرُهُ
فاطرَحْ أذاكَ ويسّرْ كلّ ما صَعُبا
ولا يسُرّك إن بلّغته أملٌ
ولا يهمّك غربيبٌ إذا نعبا
إنْ جدّ عالمُكَ الأرضيُّ في نبأٍ
يغشاهُمُ فتصوّرْ جِدّهم لَعبِا
ما الرّأي عندكَ في مَلكٍ تدينُ لهُ
مصرٌ أيختارُ دون الرّاحةِ التّعبا
لن تستقيمَ أُمورُ النّاس في عصر
ولا استقامتْ فذا أمناً وذا رعبا
ولا يقومُ على حقٍّ بنو زمنٍ
من عهد آدمَ كانوا في الهوى شُعَبا