دموع النساء والأطفال
- قصيدة الشاعر إبراهيم طوقان حول مأساة نابلس:
دموع النساء والأطفال
تجرح القلب بدلاً من دموع الرجال
بلدٌ كان يتمتع بالأمان والاستقرار
إلا أن القضاء أصابه الزلزال
هزة تلو الأخرى تركته
أطلالاً دارسة من المآل
لقد تمايلت الأرض ثم ثارت وأفرغت
ما على ظهرها من أثقال
فتهاوت بعض بيوت يومئذٍ
فتحملت مع ذويها عبء الرمال
بينما أوقدت عواصف الرياح
المشهد خلفها ظلامٌ والشمس بالمغيب
فأصبح كل بيت إما قبرٌ
أو أنقاضٌ تخفي أهلها
وكم من نسيم يمر بأجواء الأنقاض
يرسل شذاه ولكنه ضائع
لا تسأل عن نابلس المنكوبة
فلا أحد يجيب عن السؤالات
أترى الطيور تنفرت من خوف
نتيجة زلزالٍ خُيلَّ أنه ثقيل
هكذا تفرقت الأسر عن دورها
لتلتجئ إلى كهوف الجبال
أهذا هو ما كان يمثله منازلهم؟
صروحٌ شامخة على وقع الزمان
فانظرنا للسماء من دون ستر
ومشاهد ذابلة، وملابس ممزقة
فليالي الأفراح، فيا لوعة قلبي
أُفرغت من بهجتها بمسير الأيام
أضحك الزمان يا صديقي، وأبكي
في زمن لم يخطر الحزن فيه بال
وكان وادٍ به كأنه النهر
الذي يزهو بجماله وهدوئه
كان النسيم ينشر الأنوار
بينما تغني الطيور بألوان الشدو
تتراقص على الأغصان في شروق الشمس
ألحانٌ تحمل ذوات رسائل مؤثرة
يا طيور الوادي، لقد أصبحت قلباً حزيناً
كان يداوي أحزاني بلمسة ظلك
يا طيور الوادي، حكايات بلادي
مزجت لي الغناء بالنواح
كنت وجهتي للسرور، فأساءت الأقدار
كان جبل عيبال صوت الأنس يهتز
فماذا سمعت من أعلى الجبل؟
كان جبل جرزيم ملاذاً لأهله
في ظلاله ومياهه الغزيرة
دموعٌ لم تُنسَ ولا تُمحى
صداها زفرات الأرامل والأثقال
يا يد الموت، ما عهدت ألوفاً
منك تخرج للاغتيال
طغت الحروب، ومرت بلا قتال
وتبقى أمام الأهوال كل الوجوه
من وحيدٍ لأمه وأبويه
جمعوا بين الأشلاء والأرواح
ومكباً على بنيه وجهٌ
مزج الدمع بالتراب المتناثر
فتاةٌ كانت تختبئ تحت جناح أبيها
يرتعد من الاستغاثة
ورجلٌ يرى ابنه يسلم الروح
قريبٌ منه بعد المسافة
ومريضٌ قد زُجّ به في الحبس
والأطفال قد زاد حزنهم
رأينا في لحظةٍ كيف تلعب المنون بالأجل
فهنا نساءٌ جائعات بلا مأوى
تستر أجسادهن بالأردية الممزقة
وهنا أسرة تحت ضغوط التهجير
ترتبط بالأثاث فوق الأسفار
وهنا مُبتلى بفقدٍ عائلته
وهناك العديد من العائلات
ملأ الحزن كل قلب وتجري
عواصف اليأس تؤثر على الآمال
إنهم غزاة البلاد، ففلسطين
ترابها كنوز من الأوجاع
فخذوه بعيداً عن أبنائها
وأذنوا برحيل أهلها
يا رب، ألطف بنا فقد أتانا نذير
من وباءٍ بعد هذا المصير
ومصائر تتوالى، وكلها قريبة
ألا تنتهي الأوجاع منها
يا رب، إن الكروب تتوالى علينا
حسبنا كرب الهجرة والاحتلال
ثلاث مفاجآت لامرأة رومانسية
- قصيدة للشاعر نزار قباني في حب المرأة:
ستُفاجئين – سيدتي – لو علمتِ
أنني أجهل تعريف الحب!
وستشعرين بالحزن العميق.. حين تكتشفين
أن الشاعر ليس بعالم الغيب!
أنا آخر رجلٍ في هذا العالم
يستطيع التنبؤ بحالة القلب.
سيدتي،
عندما أحبك،
لا أحتاج لأداة التعريف.
سأكون غائباً إن حاولت،
وهل يمكن لشمس أن تشرق من ثقب؟
إذا كان لديكِ تعريف للشعر
فإني أملك تعريفاً للحب..
ستُفاجئين سيدتي لو علمتِ
أنني أفتقر كثيراً في فن التفسير.
إن كنت قد نجحت كتابياً في فن الحب
فما فائدة التنظير؟
هل يصدق أحدٌ أن ملك الحب، والصياد للكلمات
هو ابن الأنس أقوى في كل التحديات
لا يعرف كيف وكيف تتساقط أمطار الشوق؟
ولماذا هند تدخلنا في زمن الشعر،
ولا تُدخلنا دعد؟
أيصدق أحدٌ أن شيخ الحب ومرجعه
لا يُحسن تفسير الآيات؟
ستُفاجئين سيدتي لو علمتِ،
أنني لا أهتم بتحصيل الدرجات
وأنني رجلٌ لا يرعبه مرور السنوات
وستُفاجئين أكثر
عندما تعلمي أنني رغم الشيب ورغم التجارب
لم أتخرج من جامعة الحب.
أنا تلميذكِ سيدتي،
وسأبقى – حتى يأذن ربي – طالب علم.
وسأظل دائماً طائراً
يتعلم في مدرسة الأحلام.
عن إنسان
- قصيدة للشاعر محمود درويش عن ظلم الفلسطينيين:
وضعت القيود على لسانه
وربطت يديه بحجر الموتى
وقالوا: أنت قاتل!
أخذوا طعامه والملابس والرايات
ورموه في زنزانة الحياة
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
وأخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين والكفين!
إن الليل لن يدوم
لا غرفة التوقيف باقية
ولا الحديد المتكسّر!
نيرون مات، ولم تمت روما
بعينيها تقاتل!
وحبّات السنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل..