يُعتبر النوم حالة من الهدوء والاسترخاء تصيب الإنسان بشكل لا إرادي، ولا يمكن وصفها على أنها فقدان للوعي، بل هي مجرد تغيّر في الحالة الواعية للدماغ، حيث تصنف كظاهرة طبيعية تهدف إلى استعادة نشاط الدماغ.
أسباب التشنج أثناء النوم لدى البالغين
- في الدين الإسلامي، يُشار إلى النوم بالـ”الموتة الصغرى”، وهو مصطلح يعني أن الحياة لا تنقطع فيها. وقد ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى: “الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى”.
- توضيحًا لهذه الفكرة، ترد الآية الكريمة في سورة [الزمر: الآية 42]، ويقول الله جل وعلا: “وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار”، كما ورد في سورة [الأنعام: الآية 60].
- مع تقدم العلم في مجالات متعددة، بما فيها العلوم العصبية والاختبارات الكهربائية للدماغ، تمكنا من فهم بعض الجوانب المتعلقة بما يحدث أثناء النوم.
- رغم ذلك، لا يزال هناك العديد من الأمور التي لا نعلم عنها الكثير، ومن المعروف أن النوم يشتمل على نشاطات دماغية تساهم في إجراء عمليات بيولوجية كثيرة.
- من بين هذه العمليات دعم وتعزيز الذاكرة، بالإضافة إلى تنشيط خلايا الدماغ. وقد تمكن العلم من إدراك حدوث بعض الاضطرابات الحركية خلال النوم، المعروفة بخطال النوم.
- تشمل هذه الاضطرابات المشي أثناء النوم، الذي قد يصيب بعض مرضى الفصام الحاد، وأيضًا الاضطرابات التي تصاحب مصابي الصرع الليلي، وهو ما سنتناوله بالتفصيل لاحقًا.
تعريف النوبة
- النوبة هي اضطراب كهربائي مفاجئ يحدث في الدماغ، وهو اضطراب لا يمكن السيطرة عليه، ويمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السلوك والشعور ومستوى الوعي والحركات.
- عندما يصاب الشخص بنوبات متكررة، أو لديه قابلية التعرض لها، فإن ذلك قد يشير إلى احتمال إصابته بالصرع، حيث تختلف شدة النوبات.
- تختلف أنواع النوبات وفق طريقة ظهورها في الدماغ أو موقعها، وعادةً ما تمتد معظم النوبات لفترة تمتد من ثلاثين ثانية إلى دقيقتين. وتعتبر أي نوبة تتجاوز الخمس دقائق من النوبات الطارئة والخطيرة.
- يمكن أن تحدث النوبات الأكثر شيوعًا نتيجة للإصابة في الرأس، مثل الإصابات المغلقة، أو السكتات الدماغية، أو التهاب السحايا، وغالبًا تكون أسباب بعض النوبات غير معروفة.
تقسيم مراحل النوم بتفصيل
- يمر الإنسان خلال نومه بثلاث مراحل مختلفة، المرحلة الأولى هي مرحلة الخمول، حيث تكون حركة العينين غير سريعة، وتعرف باسم “Nrem”، وتمثل حوالي 75% من إجمالي وقت النوم.
- أما المرحلة الثانية والثالثة المعروفة بالنوم العميق، فهي التي يظل فيها الإنسان غير مدرك لما حوله، وأحيانًا قد يستعيد حركة العينين أثناء الأحلام.
- ثم تأتي مرحلة الحركات السريعة للعينين، والمعروفة باسم “Rem”، والتي تشكل النسبة المتبقية من وقت النوم، أي 25%.
- لقد حدد العلماء أن الإنسان يمر بأربع إلى ست دورات نوم أثناء الليل، حيث تختلف مدة كل دورة بين تسعين دقيقة إلى مائة وعشر دقائق.
- علمياً، ينام الإنسان عادةً من ست إلى ثماني ساعات يوميًا، مما يترجم إلى أربع إلى ست دورات نوم تقريبًا، حيث تكون مراحل النوم أطول في كل دورة.
علاقة النوم بالصرع
- تشير الأبحاث إلى وجود ارتباط وثيق بين النوم والصرع، حيث يمكن أن تحدث نوبات الصرع في عدة متلازمات مرضية عادةً، سواء أثناء النوم أو اليقظة.
- يظهر أن المصابين بالصرع غالبًا ما يعانون من زيادة النعاس خلال النهار، مما قد يعود إلى اضطرابات النوم المصاحبة للصرع الليلي.
- كذلك يمكن أن يحدث انقطاع للتنفس أثناء النوم نتيجة بعض الاضطرابات، مما يستدعي ضرورة علاج النوبات على وجه السرعة.
- تُسهم سرعة علاج نوبات الصرع في تحسين الأعراض وتقليل تكرار النوبات أثناء النوم.
- تشير الدراسات إلى أن الأدوية المضادة للصرع قد تزيد من تفاقم اضطرابات النوم، حيث أظهرت أبحاث في القرنين التاسع عشر والعشرين أن حوالي 20% من مرضى الصرع يعانون من نوبات ليلية.
- غالبًا ما يصعب التفريق بين نوبات الصرع واضطرابات النوم، مثل أحلام الحركة وسير النوم، نظرًا للتشابه الكبير في الأعراض، مما يمثل تحديًا للأطباء.
- بينما تظهر الشحنات الكهربائية للصرع أثناء تخطيط الدماغ بشكل أكبر خلال النوم، حيث تمثل 75% خلال مراحل النوم الخفيف و25% خلال النوم العميق، ونادرًا ما تحدث خلال حركة العين السريعة.
- يعود ذلك إلى أن الدوائر العصبية المسؤولة عن توليد الشحنات الكهربائية في الدماغ هي نفسها التي تولد الإمكانات أثناء مرحلة عدم الحركة السريعة للعينين.
صرع الفص الجبهي الليلي
- يعتبر صرع الفص الجبهي أحد الأنواع الهامة للصرع الليلي، حيث تنتج جميع التشنجات من الفص الجبهي خلال النوم، مما يطلق عليه صرع الفص الجبهي الليلي.
- يجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الصرع لا يعتبر مرضًا متجانسًا نظراً لتعدد أشكاله وأسبابه، مثل العوامل الوراثية والعائلية.
- عادةً ما تكون الأعراض السريرية للصرع في هذه الحالة غير خطيرة، إذ تحدث النوبات غالبًا أثناء النوم وتكون بشكل مستمر تقريباً.
- الإمكانات العلاجية تضمن السيطرة على المرضى باستخدام الأدوية ومضادات الصرع، رغم وجود أشكال حادة وغير مستجيبة للعلاج لدى بعض مرضى نقص القدرات العقلية.
الأعراض السريرية لصرع الفص الجبهي الليلي
- تشمل أعراض هذا المرض: نوبات انقباض العضلات الليلية، المعروفة باسم خلل التوتر، حيث تحدث انقباضات مستمرة في جزء أو عدة أجزاء عضلية مثل الساقين والذراعين.
- تحدث أيضًا نوبات الاستيقاظ المفاجئ من النوم، وغالبًا ما تكون بسيطة، وقد تظهر على شكل فتح العين فجأة أو تعبيرات وجه تشير إلى الخوف، وقد يُصاحبها أحيانًا صراخ أو حديث غير واضح.
- قد تظهر أعراض التجول أو المشي أثناء النوم، وتستمر لفترة تتراوح بين دقيقة وثلاث دقائق، حيث تترافق مع حركات متوترة وتحريك الحوض بشكل عصبي.
- في بعض الحالات، قد يصرخ المصابون أو يدخلون في حالة هستيرية من الضحك أثناء النوبة، ويمكن أن تظهر لديهم أعراض متعددة في نفس الوقت.
أعراض الاضطرابات المشابهة لمرض الصرع
- تحدث الاضطرابات الثلاثة الرئيسية، مثل المشي أثناء النوم واضطراب الأحلام الحركي السلوكي، خلال مرحلة النوم العميق، وغالبًا ما تصيب الأطفال وتختفي مع تقدمهم في السن.
- تشير الدراسات إلى أن قلة النوم والتوتر واضطرابات النوم مثل توقف التنفس أثناء النوم قد تسهم في تسريع هذه الاضطرابات، والتي تكون أكثر شيوعًا عند الأطفال.
- بالرغم من ذلك، يمكن أن تحدث لدى البالغين، لكنها بصورة أقل، وعادةً ما تحدث في الثلث الأول من الليل، عند الدخول في مرحلة النوم العميق.
- قد تظهر لدى المصاب سلوكيات حركية معقدة مذهلة، مثل تناول الطعام أو جلب الأشياء، وعادةً ما تكون مدة هذه الأعمال قصيرة، تتراوح من عدة دقائق إلى نصف ساعة.
- تحدث حالات رعب ليلي للمصابين، حيث ينتابهم الصراخ ويظهر نشاط مفرط في الجهاز العصبي السمبثاوي، مما يؤدي إلى زيادة معدل نبضات القلب واتساع حدقات العين.
- عادةً ما ينسى المريض هذه الحوادث عند الاستيقاظ في صباح اليوم التالي، ويكونون في حالة من التشويش والتوتر.
- غالبًا ما يكون صعباً التمييز بين اضطرابات خطل النوم وصرع الفص الجبهي الليلي، بناءً على التاريخ المرضي فقط، دون النظر إلى أعراض أخرى.
- يمكن أن يصاب المريض أيضًا بحالة من الارتباك الذهني أو نوبات تحديق في الفراغ، أو حركات عصبية غير قابلة للتحكم تظهر في بعض الأحيان.
- يمكن أن يحدث فقدان للوعي أو حالة من الإغماء، فضلًا عن الاضطرابات المعرفية والعاطفية مثل القلق والخوف والاضطرابات السلوكية.
اضطراب الأحلام الحركي السلوكي
- يعتبر هذا الاضطراب غير حميد، ويستهدف غالبًا المرضى كبار السن، حيث تُعد نسبة إصابة الرجال بالاضطراب أعلى من النساء، خصوصًا بين مرضى الأمراض العصبية المركزية التنكسية.
- تتضمن هذه الأمراض: مرض باركنسون (الرعاش)، وكذلك الحالات الناتجة عن الإصابات الشديدة في الرأس والجلطات الدماغية، وتتشابه أعراضه مع أعراض صرع الفص الجبهي الليلي.
- أظهرت دراسة طبية حديثة أن 34% من مرضى صرع الفص الجبهي الليلي يعانون من اضطرابات خطل النوم، مما يمثل أحد أهم المستحدثات الطبية.
- يعتبر تمييز هذا النوع من الاضطرابات تحديًا للأطباء، بسبب صعوبة التفريق بين الصرع الليلي ومرض خطل النوم الذي يحدث أثناء النوم.
أساليب التشخيص
- عند محاولة تشخيص الحالة، قد لا تكون إفادة حديث أفراد الأسرة كافية، لذا قد يقوم الطبيب بإدخال المريض إلى وحدة مراقبة الصرع.
- يمكن للطبيب أيضاً إحالة المريض إلى مراكز متخصصة لإجراء رسم كهربائي للدماغ مصحوباً بفيديو توثيقي لمدة 24 ساعة.
- تلك الوسائل تعزز قدرة الطبيب على التعرف وتحديد الحالة بدقة، وتساعد في اختيار العلاج المناسب.
- في بعض الأحيان، قد تحدث ظروف ليلية تشير لوجود اضطرابات ناتجة عن النشاط الصرعي.
- وقد تكون هذه الاضطرابات نتيجة لبعض الاختلالات البسيطة في النوم، مما يصعب التفريق بين مرض خطل النوم وصرع الفص الجبهي الليلي.
ما هي النوبات البؤرية؟
- تنتج النوبات البؤرية عن النشاط الكهربائي غير الطبيعي الذي يحدث في منطقة محددة من الدماغ، وقد تصاحبها حالة فقدان الوعي.
- تشمل النوبات البؤرية تلك التي يترافق معها ضعف في الوعي، ناتجة عن تغيير في الإدراك أو فقدانه، وقد يُظهر المصاب حركات عينية متكررة أو القيام بحركات عصبية بشكل غير إرادي.
- تتمثل الحركات العصبية فيها فرك اليدين أو المشي بشكل دائري بلا هدف أو التحديق في الفراغ أو عدم الانتباه لحديث شخص ما.
- أما النوبات البؤرية غير المصحوبة بفقدان الوعي، فإنها قد تؤدي إلى تغييرات في المشاعر أو في ردود الأفعال، أو إجراء تغيرات في حواس اللمس أو الشم أو السمع أو التذوق.
- لكنها لا تتسبب في فقدان الوعي، بل قد تظهر حركات انتفاضية عضلية أو تشنجات خفيفة، أو شعور بالوخز والإحساس المفرط، بالإضافة إلى الدوار.
ماذا عن نوبات الصرع المعممة؟
تحدث نوبات الصرع المعممة في جميع أجزاء الدماغ، وتتضمن عدة أنواع من النوبات، مثل:
النوع الأول
- نوبات مصاحبة للغيبة، وغالبًا ما تحدث مع الأطفال، تُعرف بنوبات الصرع الصغرى.
- أعراضها تشمل: الرمش المتكرر للعين، القضم على الشفاه، أو التحديق في الفضاء، وقد تظهر في شكل مجموعات تؤدي لفقدان الوعي الكامل.
النوع الثاني
- ننوه لنوع آخر هو نوبات الصرع التوتري، والتي تؤدي لتيبس العضلات، وغالبًا ما تؤثر على عضلات الظهر والساقين والذراعين، وقد تؤدي إلى السقوط على الأرض.
النوع الثالث
- تُعرف نوبات الصرع الارتخائي بأنها تسبب انهيار المريض فجأة، وفقدان السيطرة على العضلات، مما يؤدي لسقوط مفاجئ.
النوع الرابع
- تتسم نوبات الصرع الارتعاشي بتكرار الحركات العضلية الارتعاشية، ويمكن أن تكون منتظمة، وتؤثر على الوجه والرقبة والذراعين.
النوع الخامس
- وفي نوبات الصرع العضلية الرمعية، تظهر الرعشات الصغيرة والانقباضات الفجائية القصيرة، مما يؤدي إلى تشنجات في الساقين والذراعين.
النوع السادس
- تُعرف نوبات الصرع الرمعية التوترية بنوبات الصرع الكبيرة، وهي تُعد من أكثر الأنواع تأثيرًا، حيث تصاحبها فقدان الوعي، وتصلب الجسم، ورعشة، وغالبًا ما تُسبب عض اللسان.
أهمية زيارة الطبيب
- يوجد بعض الحالات التي تستدعي زيارة الطبيب بشكل عاجل، حيث يتطلب الأمر وصف الدواء المناسب لحالة المريض سريعًا لعدم تفاقم حالته.
- من الأعراض التي تستدعي الإسراع إلى الطبيب: استمرار النوبة لأكثر من خمس دقائق، ارتفاع شديد في درجة الحرارة، وحالة الحمل.
- كما يجب لحظ الحالات التي تعقبها نوبة أخرى مباشرة بعد الأولى، أو صعوبة بالتنفس أو فقدان الوعي بعد انتهاء النوبة.
- الأفراد المصابون بالسكري أو الذين تعرضوا لإصابة أثناء النوبة يحتاجون لرعاية طبية عاجلة، وكذلك الحال عند التعرض لأولى نوبة من نوعها.
هل تصاحب نوبات الصرع مضاعفات؟
- يمكن أن تتسبب النوبات في تعرض المريض لمخاطر، مثل السقوط، مما يعرضه لإصابات في الرأس.
- وتشكل حالات الغرق خطرًا حقيقيًا، خصوصًا إن حدثت أثناء السباحة أو في الحمام، كما تتزايد فرص التعرض لحادث سير نتيجة فقدان الوعي أثناء القيادة.
- يجب الحذر أيضاً عند استخدام الآلات أو المعدات، حيث يمكن أن تتسبب النوبة في حوادث غير متوقعة.
- تعاني النساء الحوامل أيضًا من مضاعفات بسبب الأدوية التي تتناولها والتي قد تؤثر على الأم والجنين، وقد تؤدي لحدوث تشوهات.
- كذلك المشاكل النفسية والضغوطات قد تؤدي لنوبات صرع، مما يتسبب في مشاعر الاكتئاب والقلق للمرضى.