تعتبر الأسباب التي دفعت المسلمين لاستخدام التاريخ الهجري محورية في تاريخ الحضارة الإسلامية. فالتقويم الهجري، المعروف أيضًا بالتقويم الإسلامي، هو تقويم قمري يعتمد على دورة القمر ويستخدمه المسلمون لتحديد كافة المناسبات الدينية.
تاريخ نشأة التقويم الهجري
تعود القصة إلى زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وبالتحديد في عام 17 هجريًا، عندما وصل كتاب إلى الصحابي أبي موسى الأشعري.
كان أبو موسى قد كتب في شعبان، وأرسل رسالة إلى عمر بن الخطاب يبلغه فيها: “يا أمير المؤمنين، تصلنا الكتب مذكورًا فيها شعبان، ولكننا لا نعلم أي شعبان هو، هل هو من السنة الماضية أم الحالية؟”
تفكر عمر بن الخطاب في الأمر، واجتمع مع الصحابة لبحث حل لهذه القضية. اقترح بعضهم أن يبدأ التقويم من تاريخ ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في حين اقترح آخرون البدء من تاريخ وفاته. لكن استقر الرأي على أن يكون بداية التقويم الهجري من تاريخ هجرة الرسول.
تدارس عمر مع كل من علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان ووافقوا على هذا القرار، وكان ذلك في عام 622 ميلادي.
ما زالت بعض الدول العربية تستخدم التقويم الهجري كمؤشر أساسي على تواريخها وتوثيق الأحداث، مثل المملكة العربية السعودية والجزائر، بينما يرجع استخدام بعض الدول الأخرى للتقويم الميلادي إلى تأثير الاستعمار الغربي.
أشهر السنة الهجرية
تتكون السنة الهجرية من 12 شهرًا، تتفاوت فيهما مدة الشهور ما بين 29 و30 يومًا، ما يجعل مدة السنة الهجرية 354 يومًا، مما يؤدي إلى وجود فارق يبلغ حوالي 11 يومًا بينها وبين السنة الميلادية.
أسماء الأشهر الهجرية وأسباب تسميتها
- محرم: هو أول أشهر السنة الهجرية، وسمي بذلك لكون العرب قبل الإسلام كانوا يحرمون القتال فيه.
- صفر: سمي بهذا الاسم نظرًا لأن العرب كانوا يغادرون ديارهم تاركين إياها “صفراء” أي خالية ليذهبوا نحو الغزوات.
- كما قيل إنه سمي بهذا الاسم لأن العرب كانوا يغزون القبائل ويتركون من ليس لديه شيء ليأخذه.
- ربيع الأول: سمي بذلك نسبة إلى فصل الربيع، حيث كان هذا الشهر يأتي في هذه الفترة الزمنية.
- ربيع الآخر: هو الشهر التالي لربيع الأول.
- جمادي الأول: هو مؤنث الكلمة، وسمي بهذا الاسم لحدوثه في فصل الشتاء عندما يتجمد الماء، وكان العرب قبل الإسلام يسمونه “جمادي خمسة”.
- جمادي الآخر: جاء هذا الاسم نتيجة وقوعه بعد جمادي الأول.
- رجب: سمي بهذا الاسم بسبب منع القتال فيه، حيث كان العرب يترجبون الرماح منعًا للقتال، وهو أحد الأشهر الحرم.
- شعبان: سمي بذلك لأنه يتشعب بين رجب ورمضان، كما ورد أنه سمي لأن العرب كانوا يتشعبون للقتال بعد فترة الانتظار في شهر رجب.
- رمضان: هو شهر الصيام عند المسلمين، وقد خصه الله بالفضل حيث أنزل فيه القرآن. سمي بهذا الاسم بسبب شدة حرارة الشمس خلال هذا الشهر.
- شوال: هو الشهر الذي يحتفل فيه المسلمون بعيد الفطر، وسمي بهذا لأن الإبل تضعف ويقل لبنها.
- ذو القعدة: سمي بذلك لأنه كان ينتهي فيه القتال، وهو أيضًا من الأشهر الحرم.
- ذو الحجة: سمي بهذا الاسم لأن العرب كانوا يذهبون للحج خلاله، وهو شهر الحج بالنسبة للمسلمين إلى بيت الله الحرام.
تاريخ اعتماد التقويم الهجري
اجتمع العرب قبل بعثة النبي محمد بمقدار 150 عامًا، في زمن كلاب بن مرة، وهو جد النبي الخامس. حينها، اتفق العرب على تحديد أسماء الأشهر العربية، حيث كانت كل قبيلة تُسمّي الأشهر بأسماء مختلفة.
استخدم المسلمون التاريخ الهجري كدلالة على فخرهم بسنة النبي، وتم اعتماد هذا التقويم بعد عامين ونصف من تولي عمر بن الخطاب للخلافة، في ربيع الأول من عام 16 هجريًا.
وكان الأول من محرم عام 17 هجريًا هو بداية السنة الهجرية بعد اعتماد هذا النظام.