عزيزي القارئ، نقدم لك أجمل قصائد الرثاء عن الأب، الذي يُعد السند والداعم الأول للأبناء خلال مسيرة حياتهم، وذلك منذ الطفولة وحتى نهاية عمره.
أجمل قصائد الرثاء للأب
يعتبر الرثاء من أبرز مجالات الشعر، إذ يعبر الشاعر من خلاله عن مشاعر الألم والشوق للمفقود، خصوصاً عندما يكون المتوفي هو الأب، الذي يمثل الداعم الأساسي في حياة أسرته. ومن نماذج الرثاء للأب، نجد ما يلي:
كيف أنسى من كان حبّي وقلبي وحياتي وجنّتي وارتِيَاحي
كان في ليلنا سراجاً منيراً فتوارى بنوره في الصباح
قد سما للسماء والروح صارت في جوارِ العليمِ بالأرواح
في جوارٍ أنعم به من جوارٍ هو أهل الثناء والأمداح
رَبِّ ألهمْه ثابت القول واجعل حوله القبرَ من جنانٍ
فِساحِ وتقبّله صابراً وشهيداً ورفيقاً أهلَ التقى والصلاحِ
فزْتَ يا والديْ بقولٍ سديدٍ وبوجهٍ يُنيرُ كالمصباحِ
لكَ فرضٌ وواجبٌ في صلاتي بدعاءٍ بوافِ الإلحاحِ
لكَ خيرُ الدعاءِ ما دامْتُ حياً ورجائيْ في فالقِ الإصباحِ
أنت حيٌ أراك في كل دربٍ من دروبي وحَيثما كنتُ ناحي
شرح الأبيات
يعبر الشاعر في هذه الأبيات عن شعوره بعدم القدرة على نسيان والده العزيز.
كما يشبه إنارته لحياتهم بالمصباح الذي انطفأ في الصباح، وهو تعبير مجازي عن وفاته.
ثم يُشير إلى أنه قد انتقل إلى خالقه في السماء وأصبح جزءًا من الأرواح المحلقة.
ينتقل بعد ذلك إلى الدعاء له بالثبات عند قبره ويأمل أن يُرزق بجنات النعيم.
ويواصل بالدعاء له بأن يكون من الصابرين والشهداء، نظير ما فعله في الدنيا.
يؤكد أيضًا عزيمته على الدعاء له في كل أوقاته، سواء كان ذلك في الصلاة أو في الصباح.
ثم يُطمئن نفسه بأن والده سيظل حيًا في مسارات حياته المختلفة.
أجمل قصيدة رثاء من نزار قباني في الأب
قد عبر الشاعر الكبير نزار قباني من خلال إحدى قصائده عن حزن الفراق والألم الكبير الذي يسيطر على الفرد عند فقدان الأب. إليك بعض الأبيات منها:
أماتَ أَبوك؟! ضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي….
ففي البيت منه روائحُ ربٍّ وذكرى نَبي
هُنَا رُكْنُهُ… تلكَ أشياؤهُ… تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي
جريدتُه، تَبْغُهُ، مُتَّكَاهُ… كأنَّ أبي بَعْدُ لم يذْهَبِ
أجولُ الزوايا عليه؛ فحيثُ أمرُّ، أمرُّ على مُعْشِبِ
أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ، أُصلِّي على صدرهِ المُتْعَبِ
أبي لم يَزلْ بيننا، والحديثُ حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ
يسامرنا فالدوالي الحُبالى تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ
هل يعود أبي في تموز؟!
حَمَلْتُكَ في صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..
أشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي، فكيف ذَهَبْتَ ولا زلتَ بي؟
إذا فُلَّةُ الدار أعطَتْ لدينا ففي البيت ألفُ فمٍ مُذْهَبِ
فَتَحْنَا لتمُّوزَ أبوابَنا ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي..
شرح الأبيات
يتساءل الشاعر في هذه الأبيات عن وفاة والده، مما يقود القارئ إلى مرحلة من الإنكار التام لموت الأب، حيث يشعر بأن رائحته لا تزال موجودة في المنزل.
ويشير إلى أغراضه التي يراها كل يوم وكأنها تعكس استمرارية وجوده، معرباً عن اعتقاده بأن الوفاة ليست سوى غياب مؤقت، سيعود الأب بعده.
ثم ينتقل لتوضيح أن الأب قد رحل وأن هناك ضرورة للاعتراف بهذا الواقع، ويستمر في التعبير عن حزنه من خلال كلمات الفراق.
وبذكرياته عن يوم الفراق، يتمنى أن يكون فداءً له لتتحوّل أحزانه إلى أفراح مجدداً.
أجمل قصيدة رثاء من أحمد شوقي في الأب
يبدأ الشاعر أحمد شوقي قصيدته بالسؤال عن سبب عدم رثائه لأبيه، مشبهاً رثاء الأب بالدين الذي يجب سداده.
يقول: ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ
أَيُّها اللُّوّامُ ما أَظلمَكم! أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌ، كلُّ نفسٍ للمنايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى ونَعى الناعون خيرَ الثقلين
يا أبي والموتُ كأسٌ مرةٌ لا تذوقُ النفسُ منها مرتينْ
كيف كانت ساعة قضيتها كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعةً أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكا، جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عينْ
أنت قد علمتني تركَ الأسى كلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْن
ليت شعري هل لنا أن نلتقي مَرّةً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟
وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى أَنلقَى حُفرةً أَم حُفْرتين؟
شرح الأبيات
- يبدأ الشاعر بالرد على جميع اللائمين بشأن عدم رثائه لأبيه، موضحاً أن رثاء الأب يشبه الدين المستحق للإنسان.
- يتحدث عن والده، مشيراً إلى أنه ليس بالأب الأول الذي انتقل إلى الآخرة.
- يبين أن الموت يحدث في كل وقت، وأن الناس ينُعَون باستمرار.
- يسترجع ذكرياته عن لحظة وداعه لوالده وكيف أن تلك اللحظات كانت قصيرة لكن أثرها سيبقى طويلاً.
- يشرح أن حزنه استمر حتى نفذت دموعه كناية عن حجم المصاب الذي تعرض له.
- يخاطب والده بأنه تعلم منه كيفية التغلب على الحزن، لكن وفاته أعادته إلى حزنه.
- وفي النهاية، يتمنى أن يلتقي بوالده مجدداً، معبراً عن أمله في لقاء القبر الذي سيجمعهما.