الموضوعات الرئيسية في سورة يوسف

المحاور الرئيسية في سورة يوسف

تعتبر سورة يوسف من السور ذات الدلالات العميقة والموضوعات القيمة التي تهم كل مسلم ومسلمة. فهي تتناول ما قد يواجه الإنسان من تقلبات حياتية، من ضغوط إلى انفراجات، ومن غنى إلى فقر، وتعبر عن مشاعر التيه والأمان. تعد هذه السورة مكية، وسنستعرض أبرز مواضيعها في هذا المقال.

الرؤيا الصادقة

من المواضيع الأساسية في سورة يوسف هي الرؤيا التي رأها يوسف -عليه السلام-، حيث قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ). هذه الآية تشير إلى تعليم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قومه من خلال قصة يوسف، حيث يخبر يوسف والده عن رؤياه.

وقد قال ابن عباس عن ابن عمر: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحَيي). أما العدد أحد عشر في الرؤيا فهو إشارة إلى إخوة يوسف، إذ كان عددهم كذلك، والشمس والقمر هنا يمثلان والديه.

مؤامرة الإخوة

كان يحمل إخوة يوسف في قلوبهم مشاعر الحسد تجاهه، ناتجة عن حب والدهم له. ولكن هذا الحقد لم يجتمعوا عليه جميعاً، فتناقشوا في كيفية التخلص منه، حيث اقترح البعض قتله، بينما اقترح آخر عدم قتله ونفيه بعيداً حتى يموت جوعاً أو أن يهجم عليه حيوان مفترس، معتقدين أن هذا سيكون أقل وطأة عليه من القتل.

بعد ذلك، حاولوا إقناع والدهم بأن الذئب قد أكل يوسف. إن أفعالهم تعتبر من أعظم الجرائم، حيث استندت إلى الحسد، وتمثل انتهاكًا للأخلاقيات، وهم من آل النبوة لذا فإن أفعالهم لا تليق بأهل الدين والأخلاق، قال -تعالى-: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).

عفة يوسف

بعد انتهاء هذه المحنة، واجه يوسف -عليه السلام- تجربة جديدة مع زوجة العزيز، الذي أحسن إليه واستقبله في بيته. لكن هذه الزوجة بدأت تطمع فيه بعد أن كبر في منزلها، ولم يذكر القرآن اسمها حرصًا على سترها لأنها تابت بعد ذلك.

لقد مارست عليه أساليب مختلفة للإيقاع به، لكنه -عليه السلام- بفضل تثبيت الله -تعالى- له، تصدى لها. قال -تعالى-: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).

محنة السجن

دخل سيدنا يوسف -عليه السلام- السجن، وكانت له رفقة هناك مع رجلين من خدم الملك. بعد التعارف، وثقا به وأخبراه عن رؤاهما التي حيراهم فأرادوا تفسيرها إذ اعتقدوا أنه يجيد تأويل الأحلام.

هذا يشير إلى أن يوسف -عليه السلام- كان قريبًا منهما، فقد قام بتفسير رؤى كل منهما، وأوصى أحدهما الذي اعتقد أنه سينجو بأن يذكر قصته أمام الملك ليتدخل في قضيته.

قال -تعالى-: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).

الحكم بالعدل

بعد أن ثبتت براءة سيدنا يوسف -عليه السلام- مما نُسب إليه، طلب تكليفه بمسؤولية إدارة شؤون الأمة. لم يسعَ إلى منصب لنفسه، بل طلب أن يتولى خزائن المال ليقوم بتوزيعها بعدل وحكمة. قال -تعالى-: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم).

اجتماع العائلة

بعد سلسلة من الأحداث، تجلى عدل سيدنا يوسف -عليه السلام- في تعاملاته مع إخوته، وظهر أيضًا تحقيق رؤاه لهم. فالسجود في تلك الأوقات كان يعد تحية للملوك، ويُعتبر سلوكًا مقبولًا، لذا سجد له والديه وإخوته، مؤكدًا تحقيق الله -تعالى- لرؤياه.

قال -تعالى-: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top