كم يعاني العاشق في لقاءاته
إنني لأستمتع بالخلال الرفيعة
كطرب الغريب عندما يلتقي بمن يحب
وتغريني ذكريات النبل والكرم
كاهتزازة الشوق القوي
فإذا أُكرمت بخصال طيبة
فقد اختارك الله، موزع الأرزاق
فالناس منهم من حظه المال ومنهم
منه علم ومعارف سامية
تتحمل النفس ما تتحمله
إن النفس ما حملتها، تتحمل
وللزمن أيام تجور وتعدل
وعاقبة الصبر الطيب جميلة
وأفضل أخلاق الرجال هي التفضل
هيئتي الأخلاق لا أجدها إلا بجهد
لم أجد الأخلاق إلا تخلقًا
ولم أجد الفضل إلا بالتفضل
ألا إن أخلاق الرجال
ألا إن أخلاق الرجال، وإن نمت
فأربعة منها تفوق على الجميع
وقار بلا كبر، وصفح بلا أذى
وجود بلا منّ، وحلم بلا ذل
ريم على القاع بين البان والعلم
صلاح أمرك في الأخلاق المرجع
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
والنفس من خيرها في خير عافية
ومن شرها في أرض خلاء
لما عفوت ولم أحقد على أحد
عندما عفوت ولم أكن حاقدًا على أحد
أراحت نفسي من هموم العداوات
إني أحيّي عدوي عند رؤيته
لأدفع الشرّ عني بالتحيات
وأظهر البشر للشخص الذي أبغضه
كما لو كان حبٌ قد امتلأ به قلبي
الأخلاق تنمو كالنبات
الأخلاق تنمو كالنبات
إذا سُقيت بماء المكرمات
تقوم إذا عُهدت بالمربي
على ساق الفضيلة مثمرة
وتسمو للمكارم بتناغم
كما اتسقت أنابيب القناة
وتنعش من صميم المجد روحًا
بأزهار تفوح برائحة العطور
ولم أجد للخلائق من مكان
يُهذبها كحضن الأمهات
فحضن الأم مدرسة ارتقت
بتربية البنين والبنات
وأخلاق الوليد تُقاس جمالًا
بأخلاق النساء الوالدات
وليس ربيب العلا كمثل ربيب
سافلة الأخلاق
وليس النبت ينبت في جنان
كمثل النبت ينبت في الفلاة
إذا مازت الناس أخلاق يعاش بها
إذا مازت الناس أخلاق يمكن العيش بها
فإنهم عند سوء الطبع سيئون
أو كان كل بني حواء يشبهونني
فبئس ما وُلِدت في الناس حواء
بعدي عنهم شفاء من علاتهم
وقربهم للذكاء والدين أدواء
كالببيت الذي فرد لا إطعام يدركه
ولا سند ولا في القول إقواء
نديت فأنزل لا يُراد، آتٍ
سيري لوى الرمل بل للنبت إلواء
وذاك أن سواد الفود قد غيّرهم
في غرة من بياض الشيب أضواء
إذا نجوم قمرٍ في الدجى طلعت
فللجفون من الإشفاق أنواء
أخ طاهر الأخلاق كأنه
أخ طاهر الأخلاق عذب كأنه
جنى النحل ممزوج بماء غمام
يزيد على الأيام فضل مودته
وشدة إخلص ورعا لذمام
إذا رُزِق الفتى وجهًا وقاحًا
إذا رُزِق الفتى وجهًا وقاحًا
تقلّب في الأمور كيف شاء
ولم يكن للدواء ولا لشيءٍ
يعالجه إلا الحياء
وربما قبيحة ما حال بيني
وبين ركوبها إلا الحياء
وكان هو الذي ألهى ولكن
إذا ذهب الحياء فلا دواء
ولرُب نازلة تضيق بها الفتى
ولربما نازلة تضيق بها الفتى
ذرعًا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
لكل امرئ من دهره ما تعودا
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليد
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وموضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضرٌ كموضع السيف في موضع الندى
تُرد رداء الصبر عند النوائب
ترد رداء الصبر عند النوائب
تنل من جميل الصبر حسن العواقب
وكن صاحب الحلم في كل مشهد
فما الحلم إلا خير خدن وصاحب
وكن حافظًا لعهد الصديق ورعيًا
تذوق من كمال الحفظ سمو المشارب
وكن شاكرا لله في كل نعمة
يثيبك على النعمى جزيل المواهب
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
فكن طالبًا في الناس أعلى المراتب
وكن طالبًا للرزق من باب حلةٍ
يضاعف عليك الرزق من كل جانب
وصن منك ماء الوجه لا تبذلنّه
ولا تسأل الأذلاء فضل الرغائب
وكن موجهًا حق الصديق إذا أتى
إليك ببرٍ صادق واجب
وكن حافظًا للوالدين وناصرًا
لجارك التقوي وأهل الاقتراب
وعاذلة هبت بليل تلومني
وعاذلة هبت بليل تلومني
وقد غاب عيوق الثريا فعردا
تلوم على إعطائي المال ضلةً
إذا ضنّ بالمال البخيل وصردا
تقول: ألا أمسك عليك، فإنني
أرى المال، عند الممسكين، معبدًا
ذريني وحالي، إن مالك وافرٌ
وكل امرئ جارٍ على ما تعودا
أعاذل! لا آلوك إلا خليقتي،
فلا تجعلي فوقي لسانك مبرّدًا
ذريني يكن مالي لعِرضي جنةً
يقي المال عرضي، قبل أن يتبدد
أريني جوادًا مات هزلاً، لعلني
أرى ما ترين، أو بخيلاً مخلدًا
وإلا فكفي بعض لومك، واجعلي
إلى رأي من تلحين، رأيك مسندًا
ألم تعلمي، أني، إذا الضيف نابني،
وعز القرى، أقري السديف المسرهدًا
أسود سادات العشيرة عارف
ومن دون قومي في الشدائد مذودًا
وألفى لأعراض العشيرة حافظًا
وحقه، حتى أكون المسودًا
لا افتخار إلا لمن لا يُضام
لا افتخار إلا لمن لا يضام
مدرك أو محارب لا ينام
ليس عزمًا ما مرّض المرء فيه
ليس همًا ما عاق عنه الظلام
واحتمال الأذى ورؤية جانٍ
غذاء تضوى به الأجسام
ذل من يغبط الذليل بعشٍ
رب عيش أخف منه الحمام
كل حلم أتى بغير اقتدارٍ
حجة لاجئ إليها اللئام
من يهن يسهُل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
ضاق ذرعًا بأن أضيق به ذرعًا
زماني واستكرمتني الكرام
واقفًا تحت أخمصي قدر نفسي
واقفًا تحت أخمصي الأنام
أقرارًا ألذ فوق شرارٍ
ومرامًا أبغي وظلمي يرام
دون أن يشرق الحجاز ونجدٌ
والعراقان بالقنا والشام
شرق الجو بالغبار إذا سارت
علي بن أحمد القمقام
الأديب المهذب الأصيل الذكي
الجعد السري الهمام
والذي ريب دهره من أسارا
ومن حاسدي يديه الغمام
يتداوي من كثرة المال بالإقلاص
جودًا كان ماله سقام
حسن في عيون أعدائه أقبح
من ضيفه رأتهم السوام
لو حمى سيدا من الموت حامٍ
لحماه الإجلال والإعظام
وعوار لامعة دينها الحُلو
ولكن زيها الإحرام
كتبت في صحائف المجد: بسمٌ
ثم قيس وبعد قيس السلام
إنما مرة بن عوف بن سعدٍ
جمارات لا تشتهيها النعام
ليلها صبحها من النار والإصباح
ليل من الدخان تمام
همم بلغتكم رتبًا
قصرت عن بلوغها الأوهام
ونفوس إذا انبرت لقتالٍ
نفدت قبل ينفد الإقدام
وقلوب موطنة على الروان
كأن اقتحامها استسلام
قادة كل شطبة وحصانٍ
قد براها الإسراج والإلجام
يتعثرن بالرؤوس كما مرّ
بتاءات نطقه التمتام