قمر أعار الصبح جمال ابتسامته
يقول ابن رواحة الحموي:
قمرٌ أعار الصبحَ جمالَ ابتسامته
وأعارَ منه الغصنَ لينَ تأوّده
اخضرّ شاربه فبان لغُلطتي
منه اخضرارُ الروض حولَ المورد
ومتى يُباحُ لعاشقيه مُقبلٌ
كالدُرّ في الياقوت تحتَ زبرجدَ
يا ساحر العيون ليلى، ما له سحر
يقول ابن النطروني:
يا ساحرَ العيون ليلى، ما له سحرٌ
وقد أضرّ بجفني بعدك السهرُ
ولستُ أدري وقد صوّرتُ جانبك في
قلبي المشوق، أشمسٌ أنت أم قمرُ
ما صوّرَ الله هذا الحُسن في بشرٍ
وكان يُمكن ألّا تُعبَدَ الصورُ
أنت الذي نِعمت عيني برؤيتك
لأنها شقيت بعدك فكَرُ
أموتُ وجداً ومالي منك رحمةٌ
وكم حذِرت ولم يُجدي الحذرُ
أستغفر الله، لا والله ما خُلِقَت
عيناكَ إلّا لكي يفنى بها البشرُ
وغزال لاح لي في حلة
يقول ابن الساعاتي:
وغزال لاح لي في حلةٍ
جمعت من كل لونٍ مقترحْ
أشرقت ألوانها من وجههِ
فهو مثل الشمس في قوس قزحْ
عيون المها، ما لي بسحركِ من يد
يقول ابن الساعاتي:
عيونَ المها، ما لي بسحركِ من يدِ
ولا في فؤادي موضع للتجلّدِ
رويداً بقلبٍ مستهامٍ متيمٍ
ورفقاً بهذه الجفون المسهدة
قفي زوّدينا منك يا أمّ نالكِ
فغير كثيرٍ وقفة المتزوّد
ففي الظعن ألوى لا يرقُّ لعاشقٍ
سرى منجداً لكنّه غير مُنجد
وبيض الطلا حور المناظر سودها
وما كحلتْ أجفانهنّ بإثمدٍ
لعل رجاءً فات في اليوم نيله
يداركه حظٌ فيدرك في الغد
بليت بفعل الرّدف لدنٍ قوامهُ
ضعيفٌ مناط الخصر أهيفٌ أغيد
ترى يجتني كفّ الهوى ثمرة المنى
بهِ من قضيب البانة المتأود
ذللت لسلطان الهوى بعد عزّةٍ
وليست لذلٍ قبلها بمعوّد
لقد عذبتني يا حب لبنى
يقول قيس بن ذريح:
قد عذبتني يا حب لبنى
فاقع إما بموتٍ أو حياةِ
فإن الموت أروح من حياةٍ
ندوم على التباعد والشتاتِ
وقال الأقربون تعزّ عنهم
فقلت لهم إذن حانت وفاتي
وجهك مثل مطلع القصيدة
يقول نزار قباني:
وجهك مثل مطلع القصيدة
يسحبني
كأنني شراع
ليلاً إلى شواطئ الإيقاع
يفتح لي أفقاً من العقيق
ولحظة الإبداع
وجهك وجهٌ مدهشٌ
ولوحةٌ مائيةٌ
ورحلةٌ من أبدع الرحلات
بين الآس والنعناع
وجهك
هذا الدفتر المفتوح ما أجمله
حين أراه ساعة الصباح
يحمل لي القهوة في ابتسامته
وحمرة التفاح
وجهك يستدرجني
لآخر الشعر الذي أعرفه
وآخر الكلام
وآخر الورد الدمشقي الذي أحبه
وآخر الحمام
بانت سعاد ففي العينين ملمول
يقول الأخطل:
بانت سعادُ فَفي العَينَين مَلمولُ
من حبِّها وصحيحُ الجسم مَخبولُ
فالقلبُ من حبِّها يعتاده سَقَمٌ
إذا تذكّرتها والجسمُ مَسلولُ
وإن تناسيتُها أو قلتُ قد شحَطت
عادت نواشطُ منها فهو مكبولُ
مرفوعةٌ عن عيون الناسِ في غرفٍ
لا يَطمَعُ الشمِط فيها والتَنابيلُ
يخالطُ القلبَ بعد النوم لذّتها
إذا تنبّه واعتَلّ المتافيلُ
يُروي العطاشَ لها عذبٌ مقبولُ
في جيد آدم زانَتهُ التياهيلُ
حَلِيٌ يشتبُّ بياضَ النحر واقعُهُ
كما تُصوّرُ في الدير التماثيلُ
أو كالعسيب نَمَاهُ جدولٌ غدِقٌ
وكأنه وهجَ القيظِ الأظاليلُ
غراءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها
كأنها أحوَرُ العينين مكحولُ
أخرقَهُ وهو في أكنافِ سِدرتِهِ
يومٌ تضرّمُهُ الجوزاءُ مشمولُ
وغزال ترى على وجنتيه
يقول ابن الرومي:
وغزالٍ ترى على وجنتيه
قطرَ سهمَيْهِ من دماء القلوبِ
لهف نفسي لتلك من وجناتٍ
وردُها وردُ شارقٍ مهضوبِ
أنهلت صبغَ نفسها ثم علَتْ
من دماءِ القتلى بغير ذنوبِ
بل أتى ما أتى إليهم من الأمـ
ر بوترٍ لديهم مطلوبِ
جرحتْهُ العيونُ فاقتصَّ منها
بجوىً في القلوب دامي النُّدوب
لم يُعادِلْهُ في كمال المعاني
توأمُ الحسن من بني يعقوبِ
أعطيت من أعشقها وردة
يقول إيليا ابو ماضي:
أعطيت من أعشقها وردةً
من بعد أن أودعتُها قلبي
فجعلت تنثرُ أوراقها
بِأناملٍ كالغنمِ الرطبِ
لا تسألوا العاشق عن قلبهِ
قد ضاع بين الضحك واللعبِ
لم أقطف الوردة من غصنها
لو لم تكن كالخدّ في الإتقاد
ولم تمزّق هندو أوراقها
لولا اشتباهٌ بينَها والفؤاد
طيف الحبيب ألم من عدوائه
يقول البحتري:
طيفُ الحبيبِ ألمّ من عدوائِهِ
وبعيدِ موقعِ أرضهِ وسماهِ
جزعَ اللِوى عجلاً ووجّهَ مسرعاً
من حزنِ أبرقهِ إلى جَرعائِهِ
يهدي السلامَ وفي اهتداء خيالهِ
من بعدهِ عجبٌ وفي إهدائِهِ
لو زار في غير الكرى لشفاكَ من
خبلِ الغرام ومِن جَوى بُرَحائِهِ
فدعِ الهوى أو مت بدائك إن من
شأن المتيّمِ أن يموتَ بدائِهِ
وأخٍ لبستُ العيشَ أخضرَ ناضراً
كرِيمِ عشرةٍ وفضلِ إخوتهِ
ما أكثرَ الآمالَ عندي والمُنى
إلّا دفاعُ اللهِ عن حَوَائِهِ
وعلى أبي نوحٍ لباسُ محبّةٍ
تعطيهِ مَحضَ الوّدِ من أعدائِهِ
غضي جفون السحر أو فارحمي
يقول حافظ ابراهيم:
غُضي جُفونَ السِحرِ أو فارحمي
مُتَيَّماً يَخشى نِزالَ الجُفون
ولا تَصولي بالقوام الذي
تَميسُ فيهِ يا مُنايَ المَنون
إني لأدري منكِ معنى الهَوى
يا جوليا والناسُ لا يعرِفون
يا حسنها حين تجلت
يقول خليل مطران:
يا حسنها حين تجلّت على
عبادِها في عِزّةٍ لا تُرام
بين نُجيمات بدت حولها
لها رفيف قطرات السّجام
تسقي عيون الناس شَبَهَ الندى
من نورها الصافي فتشفي الأوَام
كأنما الزهراء ما بينها
ملكةٌ في موكبٍ ذي نظام
والقومُ جاثُونَ لدى حسنها
سجودَ حبٍّ صادقٍ واحترام
مطهّرو الإيمان من شبهةٍ
منزّهوا الصبوة عن كلّ ذام
ورامشة يشفي العليل نسيمها
يقول ابن زيدون:
ورامشةٍ يشفي العليل نسيمها
مُضمّخة الأنفاس طيّبة النشر
أشار بها نحوي بَنانٌ مُنعّمٌ
لِأغيدَ مكحولي المدامع بالسحر
سرت نضرةٌ من عهدها في غصونها
وعلت بمسكٍ من شَمائِلِهِ الزهر
إذا هو أهدى الياسمين بكفّةِ
أخذتُ النجومَ الزهرَ من راحةِ البَدر
له خلقٌ عذبٌ وخَلقٌ مُحسّنٌ
وظرفٌ كعَرفِ الطيب أو نشوةِ الخمر
يعّقلُ نفسي من حديثٍ تَلذُّهُ
كمثلِ المُنى والوصلِ في عقبِ الهجر