تتميز اللغة العربية بتعقيدها اللغوي وقواعدها المتعددة، حيث يتجلى فيها أسلوب الاستفهام من خلال وسائل متنوعة. تتنوع أدوات الاستفهام إلى حروف وأسماء، حيث تتطلب عملية الاستفهام توضيحًا أو تحديدًا. يُعرف الاستفهام بأنه أسلوب لغوي يتم من خلاله طرح الأسئلة لطلب المعرفة أو توضيح المعلومات.
مفهوم الاستفهام
- تشتق مفردة الاستفهام من كلمة الفهم، وتدل على معرفة الشيء وإدراكه.
- ففي مثال، نقول: “فهمت هذا الموضوع”، مما يعني أنني أدركت معناه. وعندما نستخدم الاستفهام نقول: “استفهَمتُه عن الموضوع”، مما يدل على طلب الشرح.
- هنا يتطلب الأمر من المتحدث أن يوضح له شيئًا لم يكن على دراية به ويستأني له بالجواب.
أدوات الاستفهام
تنقسم أدوات الاستفهام إلى أسماء استفهام وحروف استفهام، وسنقوم بتوضيحها فيما يلي:
حروف الاستفهام
توجد مجموعة معينة من الحروف المستخدمة للاستفهام، حيث يتم استخدام كل حرف منها لأغراض مختلفة، نذكر منها:
-
الهمزة:
تستخدم الاستفهام عن المفرد، وعادة ما تكون الإجابة بتحديد أحد الخيارين، ويجب أن تتبع بـ”أم” كعطف، كما في (أمحمد فاز أم أحمد؟).
تستعمل الهمزة أيضًا لطلب التصديق أو الاستفسار عن حقيقة معينة، حيث تكون الإجابة غالبًا ب”نعم” أو “لا”، كما في (أقرأت كتاب الأدب؟).
تأتي الهمزة في الصدارة الجملة، مما يجعلها تتقدم على حروف الجر، حروف العطف، والمفعول به، لهذا فهي تفتح الجملة سواء كانت فعلية أو اسمية.
هل
- حرف الاستفهام “هل” ذُكر في القرآن الكريم حوالي 80 مرة، ويأتي عمومًا مع الجمل الفعلية، مثل: (هل قرأت المجلة؟).
- يمكن أن تدخل “هل” أيضًا على الجمل الاسمية إذا لم يكن خبرها جملة فعلية، مثل: (هل السؤال صعبٌ؟).
تستخدم “هل” فقط لطلب التصديق، فيكون جوابها عادةً “نعم”، وإذا دخلت على الفعل المضارع، فإنها تشير إلى المستقبل.
على سبيل المثال، يصبح السؤال حول المستقبل، كما في (هل تدرس؟)، التي تعني (هل ستدرس؟).
أيضًا، لا يجوز أن تأتي “هل” بعد حرف العطف أو الفاء، بل يجب أن تكون بعدهما، كما في: (وهل كنتَ مع أحمد؟)، ومن الخطأ صياغة السؤال كـ (هل وكنت مع أحمد؟).
أم
- تعتبر “أم” من أدوات الاستفهام التي يمكن أن تدخل على المفرد، كما في (أمحمد عندك أم أحمد؟).
- كما تستعمل أيضًا في الجمل، مثل: (أقام محمد أم علي؟)، وتستعمل أيضًا لموازنة “أي”، كما في: (هل أياً من سارة لديكِ أم نهى؟).
- هنا تؤدي “أم” نفس وظيفة “أي”، حيث يتطلب الجواب تحديد المسؤول عن الفعل، وهو الحال نفسه مع “أي”، فلا يكون الجواب “نعم” أو “لا”.
- تستخدم “أم” أيضًا لنفس الغرض الذي تستخدمه الهمزة.
- كأن نقول: (أم تريدون دراسة المادة كاملة؟)، حيث استخدمت بنفس معنى “أ” في (أتريدون دراسة المادة كاملة؟).
- يمكن أن تأتي “أم” منفصلة في بداية الجملة، أو بين جملتين، أو متصلة، كما في قوله تعالى “أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه”.
أسماء الاستفهام
تتطلب أسماء الاستفهام تحديدًا دقيقًا في الإجابة عليها، وهي تستخدم مع الجمل سواء كانت فعلية أو اسمية، ومن بين أسماء الاستفهام نجد ما يلي:
أسماء الاستفهام للعاقل وغير العاقل
-
من:
وهو اسم استفهام خاص بالعاقل، مثل: (من كسر الكوب؟)، حيث يكون الجواب عن الشخص الذي قام بالفعل. -
أيُ:
وهو اسم استفهام يصلح للعاقل وغير العاقل، مثل: (أي نوع من الخضراوات اشتريتَ؟)، وهنا الجواب يحدد نوع الخضراوات، وهي غير عاقل. -
ما:
اسم استفهام يستخدم لغير العاقل، كما في: (ما الأمر الذي تعارضتم فيه؟).- وفي هذه الحالة يكون الجواب بتحديد الأمر الذي جرى التنازع عليه، وهو شيء غير عاقل.
- يمكن أن تتصل “ما” بحرف الجر، كما في (عمَّ)، أو أن ترتبط بـ”بــ”، فتصبح (بمَ)، أو تتصل بوصل (ذا)، فتتحول إلى (ماذا).
أسماء الاستفهام عن الزمان والمكان
-
متى:
اسم استفهام يستفسر عن الزمان المطلق، مثل: (متى تعود أمي من بيروت؟). -
أيّان:
اسم استفهام يستخدم للاستفسار عن الزمن المستقبلي، كمثال: (أيّان الموعد النهائي؟). -
أين:
للسؤال عن المكان، مثل: (أين ستجلسون غداً؟). -
أنّى:
يستخدم للسؤال عن الزمان أو المكان أو توضيح الحال، مثل: (أنّى تذهبون؟) بمعنى متى، وعند السؤال عن المكان نقول: (أنّ لك هذا الكرسي؟) تعني من أين لديك هذا الكرسي.
أما للإجابة عن الحال وكيفية حدوثه، نقول: (أنّى يكون له هذا الجهاز؟) أي كيف يحصل له هذا الجهاز.
أسماء الاستفهام عن العدد والحال
-
كم:
اسم استفهام يُستخدم للإشارة إلى العدد، كالسؤال: (كم قلماً لديك؟).
-
كيف:
اسم استفهام يستفسر عن الحال أو الحالة، مثل: (كيف حالك؟).
أنواع الاستفهام في اللغة العربية
ينقسم الاستفهام إلى قسمين: استفهام حقيقي واستفهام مجازي:
-
استفهام حقيقي:
يعني طلب المتحدث من السامع معرفة شيء ما لم يكن في علمه من قبل. -
استفهام مجازي:
لا يتطلب إجابة مباشرة، بل ينقل معاني أخرى للمستمع، مثل الاستفهام التوبيخي، كقوله: (مرته تذاكر ومرته لا تذاكر؟).
يمكن أن يتضمن الاستفهام التنبيهي، مثل (أين تذهب من عاقبة فعلتك؟)، والاستفهام التعجبي، كما في (هل هذا معقول؟) أو (مالي لا أرى الهدهد؟).
أو الاستفهام الإنكاري مثل (أغير الله اتخذ ولياً؟)، والاستفهام التحكمي كقوله: (أصلاةُك تأمرك بأن نترك ما يعبده آباؤنا؟).
يشمل أيضًا الاستفهام التحقيري كما في (ولقد نجينا بني إسرائيل من عذاب فرعون المهين؟) والاستفهام التقريري كما في (أأنت رميتَ الكرة؟).
تتواجد معانٍ أخرى عديدة للاستفهام لا تطلب فيها إجابة محددة، مثل: الافتخار، والتقرير، والتمني، والدعاء، والترغيب، والنهي.
غرض الاستفهام
يمكن أن يكون للاستفهام في اللغة العربية غرض بلاغي يتجاوز المعنى الحرفي، ليصل إلى أغراض لا تتطلب إجابة من المخاطب.
- (المساواة بين أمرين كلاهما واحد)، كما ورد في قوله تعالى (سواء علينا وعظت أم لم تكن من الواعظين).
- (النفي)، أي نفي الجملة، كما في: (هل جزاء المعروف إلا معروف؟) مما يعني أن جزاء إحسان الخير هو الإحسان.
- (الإقرار) أي التأكيد والإثبات لمعنى الجملة، كما في (ألست أكبرهم سناً وقدراً؟).
- (التشويق)، الذي يُشعل حماسة المخاطب، كما في: (هل أخبرتك بخبر سار؟).
- (التعجب) لإثارة دهشة المستمع، كما في: (ظلمت وكأنك نسيت أن الله بالمرصاد؟).
- (التهويل وإثارة الرعب)، كما في: (القارعة ما القارعة؟ وما أدراك ما القارعة؟).