أهمية الطهارة
يعتبر التطهُّر من المتطلبات الأساسية قبل الشروع في تلاوة القرآن الكريم. وقد قال الله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، مما يدل على أهمية الطهارة في هذا السياق. وتنقسم الطهارة إلى ثلاثة جوانب رئيسية:
- طهارة المكان: يجب أن يكون مكان تلاوة القرآن طاهراً ومناسباً، حيث لا يليق القراءة في الأماكن غير النظيفة مثل دورات المياه.
- طهارة الملابس: من الضروري أن تكون الملابس نظيفة خالية من الأوساخ، فتعظيم كتاب الله يتطلب ذلك، بالإضافة إلى أن تكون ذات رائحة طيبة.
- طهارة البدن: وينبغي للمسلم أن يحرص على الوضوء قدر الإمكان قبل قراءة القرآن وأن يتأكد من نظافة بدنه.
استخدام السواك
من المستحب أن يقوم من ينوي قراءة القرآن بتنظيف فمه بالسواك، فهو يعتبر من آداب الحديث بأشرف الكلام. وقد ذكر الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: “أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك.” تعتبر نظافة الفم بالسواك أو بأي وسيلة أخرى ضرورية، حيث أن الملائكة تقترب من قارئ القرآن، فإذا كان فمه طيب الرائحة، فإنها تقبل عليه؛ بينما قد تبتعد إذا كان هناك روائح كريهة.
ستر العورة
يجب أن يكون لباس القارئ مناسباً عند مخاطبة الله -تعالى-، حيث إن الشخص الذي يريد مخاطبة أي ملك في الدنيا يحرص على ارتداء أفضل الملابس. لذا، فمن المستحسن أن يظهر المسلم بمظهر لائق أثناء تلاوة القرآن. إذا كانت هناك صعوبة في ارتداء الحجاب في المنزل، فلا حرج في ذلك، ويجب أن تحرص القارئة على ستائر باقي جسدها مع الحفاظ على مظهرها العام.
استقبال القبلة
من المستحب عند الجلوس لتلاوة القرآن الكريم أن يستقبل القارئ القبلة إذا كان ذلك ممكناً، خاصةً في المساجد.
القراءة بصوت معتدل
حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على قراءة القرآن بصوت جميل، حيث قال: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ). وتختلف أصوات الناس في جماليتها، لكن يجب على القارئ ألا يكون هدفه من تلاوة القرآن هو مدح الناس لجمال صوته، بل يجب أن تكون نيته خالصة لله -تعالى-. فإذا كان غرضه إسعاد الآخرين قد يؤدي إلى تحوله إلى فتنة، حيث يجب أن يكون الهدف الرئيسي هو تنبيه الناس إلى ما يمليه القرآن عليهم.
مراعاة هيئة الاحترام أثناء التلاوة
يجب أن يظهر القارئ أدباً واحتراماً في جلوسه أثناء تلاوة القرآن. لا بأس أن يقرأ المسلم القرآن وهو متكئ في منزله، ولكن يفضل أن تكون جلسة الخشوع هي الأجمل. فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجلس بعد صلاة الفجر ويستقبل القبلة ويذكر الله حتى تشرق الشمس.
التقيد بأحكام التجويد
قال الله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)، كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الماهرُ بالقرآن مع السفراء الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌّ، له أجران). من المهم على المسلم أن يتعلم أحكام تلاوة القرآن وأن يلتزم بها، ليحقق المنزلة التي ذكرها النبي، وليكون مع الملائكة المكرمين.
في الختام، تُعتبر تلاوة القرآن الكريم من أسمى الأعمال وأعظمها عند الله -تعالى-، حيث أشار الرسول إلى أن أجر تلاوة كل حرف من القرآن عشر حسنات. لذا، يجب أن يقابل هذا الأجر العظيم بالتعظيم، ومن آداب التلاوة هي مظاهر التقدير، حيث يجب على القارئ تطهير ثوبه وبدنه ومكانه وفمه، واستقبال القبلة وسترة العورة، والحرص على صوت جميل أثناء القراءة، بالإضافة إلى تعلم أحكام التجويد وتطبيقها؛ ليتمكن من قراءة القرآن كما أنزل، وفق ما علمنا رسول الله.