أحكام وفضائل عيد الأضحى المبارك

أحكام عيد الأضحى

يترقب المسلمون سنويًا حدثًا مهمًا يتعلق بمناسباتهم الدينية، وهو عيد الأضحى المبارك، الذي يأتي بعد انتهاء مناسك الحج، وتحديدًا بعد انتهاء أعمال يوم عرفة. يرتبط بعيد الأضحى عدد من الأحكام التي يجب على المسلم الالتزام بها.

أهم هذه الأعمال هي: ذبح الأضحية وما يتعلق به من أحكام، بالإضافة إلى التكبير في أيام العيد عقب الصلوات المفروضة. في هذا المقال، نقدم نظرة شاملة لأهم الأمور والأحكام المتعلقة بعيد الأضحى المبارك وآراء العلماء حولها.

صلاة العيدين

العيد لغويًا مشتق من “عادَ” أي رجع، وقيل أيضًا إنه مرتبط بالعادة؛ لأن الناس اعتادوه. تجمع كلمة “عيد” على “أعياد”، وهو يوم يجتمع فيه الناس. أما عن سبب تسميته، فقد قيل إنه يرمز إلى العوائد الجليلة من الله -سُبحانه وتعالى- تجاه خلقه في ذلك اليوم، أو لأنه يتكرر سنويًا كاحتفال بالفرح. لدى المسلمين عيدان فقط: عيد الأضحى وعيد الفطر.

بالنسبة للعيد اصطلاحًا، هو يوم يخصص للاحتفال بذكرى معينة أو حدث مميز، أو هو احتفال متجدد بذكرى سارة. صلاة العيدين هي صلاة خاصة يؤديها المسلمون ضحى يومي عيد الفطر والأضحى، وفق آلية محددة.

مشروعية صلاة العيدين موثقة في القرآن والسنة وإجماع العلماء. دليل مشروعية هذه الصلاة من القرآن هو قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، حيث أن الصلاة المقصودة هنا هي صلاة العيدين لارتباطها بذبح الأضاحي.

ومن السنة النبوية، يُروى عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يصلون العيدين قبل الخطبة)، وقد توافق المسلمون على مشروعية صلاة العيدين، وداوم عليها الناس منذ عهد النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وحتى الوقت الحاضر.

حكم صلاة العيدين

تباينت آراء العلماء حول حكم صلاة العيدين مع اتفاقهم على مشروعيتها. وفيما يلي عرض لأقوالهم:

  • يرى فقهاء الحنفية أن صلاة العيدين واجبة على كل من تجب عليه صلاة الجمعة من الرجال، ولا تجب على النساء.
  • يعتبر المالكية أن صلاة العيدين سنة مؤكدة على كل من تلزمه الجمعة، فهي مؤكدة للرجال فقط، وتؤدى جماعةً مع الإمام، بينما من فاتته الجماعة تُعتبر الصلاة بالنسبة له مندوبة.
  • يعتقد الشافعية أن صلاة العيد سنة مؤكدة على كل مكلف، سواء كان ذكرًا أو أنثى، ومن السنة أداؤها بصورة جماعية، ما عدا الحاج، إذ يجوز له أداؤها منفردًا.
  • فيما يرى الحنابلة أن صلاة العيد مفروضة نوعًا على الكفاية، حيث تُفرض على من تجب عليه صلاة الجمعة، وإذا أداها جماعة من الناس سقطت عن الباقين، وتصبح سنة لمن فاتته الجماعة مع الإمام.

يبدأ وقت صلاة العيدين من شروق الشمس وارتفاعها بمقدار رمح، ويستمر حتى زوال الشمس، أي قليلاً قبل صلاة الظهر، وهو وقت صلاة الضحى.

ذبح الأضاحي

الأضحية في اللغة مصدر “ضحّى يُضَحّي” وتجمع على أضاحي وأضاحٍ. أصل تسميتها مرتبط بوقت الضحى. الأضحية هنا تشير إلى ما يذبح من البهائم والأنعام وفق شروط محددة وفي أوقات معينة.

يهدف ذبح الأضاحي إلى التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- من خلال شعيرة تُؤدى في أيام عيد الأضحى، كنوع من شكر الله وإحياءً لوقائع حدثت مع سيدنا إبراهيم -عليه السلام-.

حكم الأضحية

الأضحية جائزة ومشروعة باتفاق العلماء، وقد دلت القرآن والسنة على مشروعيتها. فقد ذُكر في القرآن: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ).

كما ورد في سورة الكوثر: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر). وفي السنة، أُثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يذبح كبشين أملحين أقرنين بنفسه.

أما عن حكم الأضحية فقد اختلف الفقهاء حولها، وأبرز آرائهم كما يلي:

  • رأي جمهور الفقهاء: الشافعية، الحنابلة، والمالكية يرون أن الأضحية سنة مؤكدة على القادرين عليها، مستدلين بما روي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث أم سلمة، الذي ينص على عدم مس الشعر أو البشرة لمن أراد الأضحية، مما يفسر رغبة المسلم بين الفعل والترك.
  • رأي الحنفية والإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية: يرون وجوب الأضحية على كل مسلم بالغ عاقل قادر، حيث استدلوا بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر) باعتبار أن الآية جاءت بصيغة الأمر.

التكبير

يستحب التكبير في ليلتي عيدي الفطر والأضحى بإجماع الفقهاء، ولا يقتصر التكبير على الصلوات بل هو مستحب في المجامع مثل المساجد والأسواق والمنازل. ودليل مشروعيتها مأخوذ من قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

يتسم عيد الأضحى بخصوصية في التكبير تختلف عن عيد الفطر، حيث التكبير فيه ينقسم إلى قسمين:

  • التكبير المقيد: وهو ما يردده المسلمون بعد الصلوات المفروضة، يبدأ من صبيحة يوم عرفة وينتهي بغروب شمس اليوم الرابع من أيام التشريق.
  • التكبير المطلق: يكون في أوقات النهار جميعها، يبدأ من رؤية هلال ذي الحجة وينتهي بغروب شمس اليوم الرابع من أيام التشريق.

تباينت آراء الفقهاء حول صيغ التكبير، وبرز قولان رئيسيان:

  • يرى فريق من العلماء أن التكبير يكون ثلاثًا متتابعة قائلاً: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر). ويوافق هذا الرأي فقهاء الشافعية، حيث يفضلون صيغة (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد).
  • فيما يرى بعض العلماء أن الأفضل في التكبير أن يكون مرتين مرتين قائلاً: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد)، وهو ما يميل إليه الحنابلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top