أبو حنيفة النعمان: حياته وإسهاماته في الفقه الإسلامي

الإمام أبو حنيفة النعمان

يعتبر الإمام أبو حنيفة النعمان واحدًا من أبرز الفقهاء والعلماء المسلمين، ومؤسس المذهب الحنفي. عُرف بكثرة عبادته، حتى يُقال إنه كان ينام فترة قصيرة فقط في الليل.

والد الإمام هو ثابت، الذي كان تاجرًا ثريًا، وأسلم إسلامًا حسناً، ويقال إنه التقى بالإمام عليّ بن أبي طالب -كرم الله وجهه- الذي دعا له ولذريته بالبركة والخير. مما لا شك فيه أن أسئلة مثل من هو أبو حنيفة، وما هو اسمه الحقيقي، وما هي قصة حياته وعلمه الواسع، ومن هم شيوخه، هي مواضيع تجيب عنها هذه المقالة بإذن الله.

تعريف الإمام أبو حنيفة

الاسم والنسب

الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- هو النُعمان بن ثابت بن المرزبان، وكُنِيته هي أبو حنيفة. ينحدر من أصول فارسية، حيث يعود أصله إلى أسرة نبيلة وعريقة. وتعود جذور عائلته إلى مدينة كابل، التي تُعتبر عاصمة أفغانستان حاليًا.

جدّ الإمام، المرزبان، اعتنق الإسلام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وانتقل بعد ذلك إلى الكوفة حيث استقر هناك. يُعرف الإمام بشكل كامل بأنه النُعمان بن ثابت بن زوطي التيمي الكوفي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة.

مكان وتاريخ الولادة

وُلِد الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله- في مدينة الكوفة بالعراق. ووفقًا للأرجح، وُلِد في عام 699 ميلادي، وهو ما يُعادل 80 عامًا هجريًا.

كان أبو حنيفة وحيد والديه، حيث لم يُنجبا سواه، وعاصر بعض الصحابة، فعلى سبيل المثال، التقى بأنس بن مالك -رضي الله عنه- الذي هاجر إلى الكوفة في ذلك الوقت.

النشأة

نشأ الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله- في الكوفة، حيث قضى معظم حياته. كان والده ثابت تاجراً ميسوراً، وتربى الإمام في بيئة دينية، حتى إنه التقى الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

يُروى أن جدّ الإمام أهدى للفالوذج إلى علي بن أبي طالب في عيد النيروز، مما يدل على ثروة عائلة الإمام، إذ كانت هذه الحلوى تُعتبر من الأطعمة الفاخرة لذلك الزمن. ووفقًا للروايات، دعا علي بن أبي طالب والد أبي حنيفة بالبركة له ولذريته، مما ساهم في نشأته في بيئة دينية ورزينة.

بسبب عمل والده في التجارة، نشأ الإمام أبو حنيفة في عالم الأسواق، وكان يتردد عليها كثيراً في البداية قبل أن يتوجه إلى مجالس العلم، حيث أصبح لاحقًا قليل التوجه للأسواق، مقتصرًا على زياراته لمتابعة أحوال تجارته.

حفظ القرآن الكريم، وكان شديد التعلق به وتعليمه، حتى يُقال إنه كان يُختم القرآن حوالي ستين مرة في رمضان. رغم أن هذا الرقم قد يبدو مبالغًا فيه، إلا أنه يعكس تفرغه الكبير لقراءة القرآن.

علوم أبو حنيفة

معارف الإمام وشيوخه

بدأ الإمام أبو حنيفة بدراسة علم الكلام والعقائد وأصول الدين، فبرز في هذا المجال في مرحلة مبكرة من حياته. ثم انتقل إلى دراسة الفقه، حيث تتلمذ على يد الفقيه حماد بن أبي سليمان –رحمه الله– وأصبح من أقرب تلامذته، حتى قال عنه حماد: “لا يجلس في صدر الحلقة غير أبي حنيفة”.

اطلع الإمام على مختلف العلوم الإسلامية، واستقر على دراسة الفقه بعدما أدرك أهميته ومكانته. تلقى معرفة وافية قبل أن يتوجه لدراسة الفقه، ولم يجد علماً أعظم من علم الفقه.

تلاميذه

تخرج على يد الإمام عدد من العلماء الذين أثروا في الفقه لاحقًا، حيث كان تلامذته هم من أسسوا المذهب الحنفي. كان يدرس لهم أثناء الحلقات العلمية، ويقوم بمراجعة ما يكتبونه لتأكيد صوابهم أو تصحيح الأخطاء.

من بين شخصياته البارزة:

  • الشيخ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم

له كتاب يُعرف بكتاب الآثار، بالإضافة إلى كتاب “اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى”.

  • محمد بن الحسن الشيباني

يُعتبر محمد بن الحسن الشيباني من أبرز تلامذته، وهو من ساهم في تأسيس المذهب الحنفي بشكل كبير، رغم أنه لم يتتلمذ على يديه لفترة طويلة، إذ أنه انتقل للدراسة تحت إشراف أبو يوسف والمالكيين وغيرها.

وفاة الإمام أبو حنيفة النعمان

توفي الإمام أبو حنيفة النعمان في عام 150 هجريًا في شهر رجب. هناك آراء متباينة حول سنة وفاته، ولكن الرأي الأكثر قبولاً هو أنه توفي في رجب 150 هجريًا، وكان حينها يبلغ من العمر 70 عامًا.

تشير الروايات إلى أنه كان يصلي الفجر بوضوء العشاء لمدة أربعين سنة. كما يُقال إنه قرأ القرآن في المكان الذي وافته فيه المنية حوالي سبعة آلاف مرة؛ مما يعكس شغفه بكتاب الله. تمت الصلاة عليه في بغداد عدة مرات، ويُقال إن عددها بلغ ست مرات بسبب الزحام الكثيف في جنازته، ودفن هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top