أسباب التنمر من منظور علم النفس
يُعتبر التنمر تصرفًا يتضمن بشكل متعمد وإعادة تكرار الإساءة الجسدية أو اللفظية تجاه الآخرين، وهو يُشكل قضية اجتماعية خطيرة تتسبب في آثار سلبية مستمرة وطويلة الأمد على الضحايا والمعتدين على حدٍ سواء. وفقًا للمفاهيم النفسية، فإن ثمة مجموعة من العوامل والأسباب التي قد تسهم في وقوع حالات التنمر، ومن أبرزها:
- الرغبة في التحكم: يسعى بعض الأفراد إلى تعزيز شعورهم بالقوة من خلال السيطرة على المحيطين بهم، وقد يُخطئ البعض في فهم الطرق الصحيحة لاكتساب هذه القوة، معتقدين أن إيذاء الآخرين هو أفضل وسيلة لتأكيد وجودهم. في كثير من الحالات، يقوم المتنمر بنشر الخوف بين الآخرين كوسيلة لتعزيز سلطته.
- التعبير عن المشاعر السلبية: يُمكن أن يسعى الشخص إلى التنمر كوسيلة للتنفيس عن مشاعر الغضب أو الإحباط الناجمة عن الظروف الحياتية الصعبة، مثل المشكلات العائلية أو تحديات العمل والدراسة، وقد يكون ذلك أيضًامن نتاج غياب الدعم والرعاية الملائمة.
- سوء التربية: تلعب التربية دورًا رئيسيًا في تشكيل سلوك الأفراد، حيث إن إغفال تعليم المتنمر احترام مشاعر الآخرين يمكن أن يؤدي إلى تفشي الظاهرة. إذا لم يتعلم الشخص كيفية التفاعل إيجابيًا مع من حوله، فقد يصبح عرضة لممارسة التنمر.
- السمات السادية: يُعرف أن العديد من المتنمرين يتحلون بشخصية سادية، تهتم بإيذاء الآخرين وتستمتع بذلك.
- الرغبة في الانتقام: في بعض الأحيان، يُعتبر الانتقام دافعًا قويًا للتنمر، فقد يلجأ الأفراد إلى التنمر كوسيلة للانتقام من الآخرين بسبب أحداث سابقة، أو نتيجة للتعرض لتنمر سابق، حيث يسعون لاستعادة الشعور بالقوة.
- التأثيرات الثقافية: يُمكن أن يؤدي التعرض لألعاب الفيديو العنيفة أو الأفلام التي تروج للعنف إلى تكوين مشاعر وسلوكيات سلبية، ما يعزز من احتمالية إيذاء الآخرين.
- الاضطرابات النفسية: يعاني العديد من المتنمرين من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو سلوك عدواني، مما يؤثر على تصرفاتهم وتعاملاتهم مع الآخرين.
الأشخاص الأكثر عرضة للتنمر
بينما يعتبر التنمر ظاهرة يمكن أن تصيب أي فرد، إلا أن بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة لها، مثل:
- الأطفال الخجولين الذين يعانون من نقص في عدد الأصدقاء.
- الأفراد الذين يمتلكون سمات جسدية غير نمطية مثل الوزن الزائد أو النحافة المفرطة، أو الذين يرتدون النظارات، أو ينتمون إلى مجموعة عرقية مختلفة.
- الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية أو أمراض معينة.
- الأفراد المصابون باضطرابات نفسية مثل اضطرابات طيف التوحد أو صعوبات التعلم.
طرق الوقاية من التنمر
يعد التنمر من الظواهر المجتمعية الشائعة، إلا أنه يمكن تقليله من خلال اتباع بعض الإجراءات البسيطة، مثل:
- التوعية: نشر الوعي حول مفهوم التنمر، ووسائل منعه، وكيفية التعامل مع المتنمرين، بالإضافة إلى التعرف على السياسات المعمول بها في المدارس وأماكن العمل.
- تدريب موظفي العمل: تأهيل العاملين في المؤسسات لإدارة حالات التنمر بشكل فعّال.
- تطبيق التشريعات: إنفاذ القوانين الخاصة بحالات التمييز والتحرش وإيذاء الآخرين.
- تعليم الاستخدام الآمن للإنترنت: تعزيز المعرفة بكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وضرورة الحفاظ على الخصوصية، وتوعية الأطفال بعدم الانخراط في التنمر الإلكتروني.
- مراقبة الوالدين: متابعة ورصد استخدام أطفالهم للإنترنت لضمان ملاءمة المواقع التي يستخدمونها لأعمارهم.
- توفير بيئة أسرية هادئة: تعزيز الروابط الأسرية لتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن تجاربهم مع التنمر.
- تعزيز الثقة بالنفس: العمل على تقوية احترام الذات لدى الأطفال وتنمية القيم الأخلاقية.
- تشجيع المشاركة: دعم الأطفال للمشاركة في الأنشطة المختلفة مثل الفنون مسرحية والرياضة لتقليل شعور العزلة.
- النقاش حول التنمر: بدء حوار مع الأطفال حول آثار التنمر، وتعليمهم كيفية التعامل مع المواقف السلبية عند التعرض لها أو عند شهود تنمر آخرين.