أجر الصلاة على الميت
تتميز الصلاة على الميت بأجر عظيم كما ورد في الأحاديث النبوية، حيث ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من يصلي على الميت يحظى بقيراط من الأجر، وهو مقدار يعادل جبل أحد. ومن يصلي على الميت ويبقى حتى يتم دفنه، فله من الأجر قيراطان. كما تحمل الصلاة على الميت الدُعاء له بالرحمة والتثبيت عند السؤال. وقد أشار الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه إلى ذلك من خلال ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، حيث قال: (من يتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط).
كما عرّف المفسرون القيراط على أنه جزء من الدينار، وتختلف مقاديرها من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال، يعادل القيراط في مكة ربع سدس الدينار، بينما في العراق يمثل نصف عشر الدينار. وقد حُدد القيراط من قبل الفقهاء على أنه جزء من عشرين جزءاً من الدينار، ويُعتبر القيراط المذكور في الأحاديث بمثابة مقدار معلوم من الأجر من الله -تعالى- شُبّه بجبل أحد.
حكم الصلاة على الميت
تُعتبر صلاة الجنازة أو الصلاة على الميت حقاً من حقوقه، مما يجعلها فرض كفاية على المسلمين. فإذا أدى جماعة من المسلمين هذه الصلاة، سقطت عن الباقين استناداً إلى حديث ابن عباس -رضي الله عنه- الذي قال: (إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقولُ: ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا، إلَّا شَفَّعَهُمُ اللّهُ فِيهِ). وقد واظب النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصلاة على أموات المسلمين، حيث روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل عن الميت الذي عليه دين، ويقول: (هل ترك لدينه فضلاً؟ فإذا قيل بأنه ترك وفاءً، صلى عليه، وإلّا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم. وعندما فتح الله عليه الفتوح، قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين وترك ديناً، فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً، فلورثته).
الحكمة من مشروعية الصلاة على الميت
شرع الله -تعالى- الصلاة على الميت لعدة حكم، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- توفير الشفاعة للميّت، استناداً إلى حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
- مواساة أهل المتي وتخفيف مصيبتهم، من خلال أداء حق الميت في الصلاة عليه والدعاء له بالمغفرة والرحمة.
- انتفاع الميّت من دعاء الأحياء له، حيث تتمحور صلاة الجنازة حول الدعاء بأن يُكرم الله -تعالى- نُزل الميت ويفتح له بركات في قبره ويغفر له.
- شُرعت الصلاة على الميت للدعاء له، وقد رواه عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه-، حيث قال: (صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة وذكر دعاءه بالرحمة والمغفرة).
صفة الصلاة على الميت
تُقام الصلاة على الميت في المسجد، ويُفضل أن يتم الصلاة عليها في جماعة ليتمكن أكبر عدد من المسلمين من الدعاء للميت. وتتمثل صفتها وترتيبها في الأمور التالية:
- الطهارة؛ حيث لا تُقبل الصلاة إلا بطهارة، كما قال ابن عمر -رضي الله عنه-.
- استقبال القبلة ووضع الجنازة في المقدمة، بحيث يقف الإمام عند رأس الجنازة إذا كان الميت رجلًا، وعند وسطها إذا كانت امرأة.
- اصطفاف المصلين خلف الإمام، كما هو موضح في السنة.
- تكبيرة الإحرام: يبدأ المصلي بتكبيرة الإحرام بنية صلاة الجنازة، رافعاً يديه عند أذنه.
- تتكون صلاة الجنازة من أربع تكبيرات، مع إمكانية زيادة العدد إذا كان الميت شخصية ذات مكانة.
- التعوذ من الشيطان الرجيم، البسملة، ثم قراءة سورة الفاتحة سرًا.
- التكبيرة الثانية، مع الدعاء للميت بالأدعية المختلفة.
- التكبيرة الرابعة تُختتم بالتسليم عن اليمين فقط، أو عن اليسار أيضاً إذا كان ذلك مناسبًا.