الخيانة
تُعتبر الخيانة من أصعب المفاهيم في الحياة الإنسانية، إذ تحمل معها معانٍ عميقة من الألم والحزن. فلا شيء أشد قسوة من التعرض للخيانة، خاصة عندما تأتي من الأشخاص الأقرب إليك. لقد تناول الشعراء هذه المأساة من خلال العديد من القصائد، وفي هذا المقال سنستعرض بعضاً من تلك الأشعار التي تتناول موضوع الخيانة.
قصيدة عن الخيانة لغادة السمان
أحب خياناتك لي، فهي تثبت أنك ما زلت على قيد الحياة
لا تجيد الكذب أو التظاهر بأقنعة متعددة
فالأقنعة تؤلمني أكثر من ألم الخيانة نفسها!
أحبك لكونك متناقضاً
لأنك أكثر من رجل واحد
لأنك تجمع كل المشاعر في لحظة واحدة متأججة
أحب جراحك البريئة لي وأنيابك التي تكشف عن خبيث مصاصي الدماء
أحب طعناتك لأنها لم تأتِ أبداً من الخلف
ومع شاعر بارع مثلك، أنام دون قلق حول جنونك
فأنت لا تزال طفلاً نقياً
في عالم يبدو فيه الناس وكأنهم يرتدون القفازات البيضاء بينما تخفي أظافرهم خناجر
أحبك لأنك تهرب من مجدك
ثم تعود متسولاً على أبواب الشوق
أحبك لأنني أشاركك رحلة استكشاف كواكب الخرافة والدهشة
أحبك لأنك تجعلني قادرة على فهم الحوار بين الطيور والبحر
رجل مثلك
لا يمكن أن يعبر عن احتواءه عشرات النساء
فكيف يمكنني أن أكون لهن جميعاً في آن واحد، يا حبيبي؟
شعر عن الخيانة
كم كان أسهل لي أن أموت ممزقاً
مشتتاً بين الرياح والنوء
أو أكون غريقاً في بحر هائج
تحمل ثنايا موجه أشلائي
لكنني لا أريد أن تُكتب صفحات حياتي
بلحظة غدر الحبيب وذبحه لوفائي
لقد خان الحبيب عهود الحب الصادقة
يا من اهتز له قلبي في أجزائه
كم عاشت روحي تحت ظل سمائه
وفاءً بكل حقوق الحب العليا
أنت من أنت، أنت الألم
يجري في دمي ويؤذي أعضائي
أنت الوهم الذي رضيت به عقلي
وصدقت ألوان الأحلام والأماني
أنت الوجه الذي يخفي خلف صفائه
غياب مره تجده أحشائي
هل نسيت حبي أم كنت تعاني
عن نور قلبي الساطع الوضاء؟
حب لم تدرك حدوده
عجزت عن وصف لهيبه الأسماء
حب، إذا ما مس بحراً مالحاً
حلى خرير مياهه الزرقاء
يا ناكر الجميل، الغرير وفيضه
ورعاية قلبي وعطاءي
كنت أظن أن مجرد مرارتي
ستكون أنت طبيبي ودوائي
وأن تكون درعاً حامياً عند المصاعب
وأن تكون ذخيرتي وفدائي
وأن تكون صدراً حنوناً أستنجد به
في وقت الشدائد وعبر الأوقات الحالكة
وأن تكون نوراً يمحو الظلام والخطايا
لكن غدرت بكل معاني الحب
واحتوت من قلبي بقايا وفائي
اذهب، فإنك خنتني، خنت الهوى
فلا ترجع، فهذا هو قضاء حياتي
واتركني في عالمي أكتَم حسراتي
أكتب وأغني قصتي ورثائي
شعر عن الخيانة للمتنبي
رثت الأمانة للخيانة حين رأت
موقف أحمد بن علي من الشمس
من ذا يؤمل للأمانة بعده
لا ولَيّ سلطانٍ مُكرماً
بدرٌ أشرقت الشمس يوماً كاملاً
فبكت هناك الجليلة للبطولة
من يَخْلُ من جزع لفقدان الحرمة
من مثله فإنا المجد لغير خالٍ
يا شامتاً أبدى الشماتة، لا تزل
ستراك عيناه بمثل مقامه
وإذا أبو عيسى حامى متحرماً
أضحى يحل بمقر وعليّ
أبقى الإله لنا العلاء ممتعاً
بعلائِه القولي والفعل
فاللّه يعلم والبشر بعده
وكفى بعلم الواحد الأزلي
ما ضرّ دنيا كان فيها مثله
أن لا يُحلّى غيره بحُلي
ذو منظرٍ صافٍ الجمال ومخبرٍ
وافي الكمال ومنطقٍ فصيح
جمع الشباب والسداد فلم يبع
فوز الحكيم بلذة الغزل.
قصيدة عن الخيانة لحامد زيد
تخونين، وتظهرين الرضا؟ أي واحد يرضى تخونينه
أنا لو كنت أخونك مع حبيبه، هل ستقبلين ذلك ثانية؟
منذ أن عدتُ من السفر، لم أجدك بين الناس
وأنا من كنتُ أظن أنكِ ستكونين أول من تحتضن عينيه حين أدوس أرض المطار
كنت أتصور أنكِ، من شدة فرحتي، ستبكين
وأرى في دمعتك حديثك وأعرف ما تقولينه قبل أن تتحدثين
وأجلب لكِ أجمل مما تخبرين وأترك لك المجال لتتحدثين
تقولين: الوطن نور، وأنا أقول: بنور مضاء
أنت تقولين لي: أصبحتُ أجمل وأقول: عيونك الحلوة
حديثك غارق في العواطف، لكن أخشى أن تُفسدي ذلك
كأنكِ قد خزنتِ عواطفك لهذا الغرام الذي ينام ويترككِ تستيقظين
تغانمتِ غيابي حتى عادت موازين الأمور
تعلمين من يدي كيف تتركين الأثر، وعلمكِ أن تتجاهلين
وليتك تشعرين بأنه لا شيء فيني لا تلاقينه
لا أقول غروراً، لكنك تعلمين أنكِ لا تجدين ما ترغبينه
تغافلين بحب، وإلا الجمال ليس بجمالكِ
تلمع في الصور، لكني لست نادماً عندما أقول إن ابن الحلال زين
أنا لست في نقصان، خاصة يوم أن أظهرتين
قدري هو قدري، حتى لو جاء من الأضداد
أنا راضٍ بمظهري، والسم لا يقتلكَ ثعابينك
كما يقول المثل: أنا لست جميلاً، ولكني لست قبيحاً
إذا أهديتكِ الزهور، فأنا أهديتكِ بساتيني
وإذا شغلتكِ بفرح، فإنني أضعت سنين من البكاء
وإذا استضعفتكِ ثروته وشتتكِ الملايين
أنا حتى فتات الخبزة أوزعها معك نصفين
طموحي هو أن أعود وأظفر بما تستحقينه
أخذته، استدنت، أو حتى سرقته، ليس مهماً من أين
كأني قد رضيتُ بكل ما تتمنينه
ولو طلبتي من الله أن يعنيني، سأقول آمين
أنا لا أساوم على الحبلين، سواء في الشغف أو السنين
ترينني، وأنتِ الآن، قد كبرت ولم أعد ألعب على الحبلين
عند الحضارة بالذات، هذا عيب من الأعمال
جمالك متى أحببتيني، أرجو أن تعشقيني حتى نهاية الأيام
حبنا يحيا في الأضلاع، وخجل من جنوننا
لم نتمكن من الجفاف، وهذه المعزّة الحب
لقد تحداني الكثيرون وقالوا إنك تحبيني
أمانةً لا تتركيني صغيراً في عيونهم
لأن كلما رأوا أني خنت فهم يقولون: مسكين
عليك الله وأمانة، علميهم من هو المسكين
أنا خائف من أن تكثر البنادق عند تهاوي الجمل
وأنا لم أعد أملك مساحة لطعنة خنجر
مثلما قيل: المكتوب واضح من عنوانه
لو رحلت عنك إلى الغربة، سأبتعد عن ظلامك إلى أين؟
يكفي، كل حلم يمر في منامي تكرر
يكفي من الفراق، وأنا لم أنم بعيون بدونك
قبل يومين، رأيتك في المنام، واستيقظت عندها
ونمت أمس لأعود إلى نفس المنام السابق.