تعتبر أبيات الشعر عن الصبر من المصادر الهامة التي يلجأ إليها الأفراد في أوقات الأزمات والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم. حيث يسعى الكثيرون لاستقاء الإلهام من هذه الأبيات لتعزيز ثقتهم بقدرتهم على التحمل، وكذلك لبث الطمأنينة في نفوسهم. من خلال هذا المقال، سوف نستعرض بعضاً من أبرز أبيات الشعر حول الصبر وكيف تم تناول هذا الموضوع من قِبَل الشعراء في قصائدهم.
تعريف الصبر
قبل الخوض في أبيات الشعر، دعونا نتناول معنى الصبر. فالصبر في اللغة العربية يشير إلى حبس النفس عن الاعتراض أو الامتعاض. كما عبّر ابن تيمية قائلاً: “الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه”، بينما عرّفه مجاهد بأنه “الصبر الذي لا جزع معه”.
ينقسم الصبر إلى ثلاثة أنواع: الصبر على البلاء، الصبر على الطاعة، والصبر على ترك المحرمات. لذا، فإن ضبط النفس عن المعاصي والالتزام بالطاعات يتطلب صدراً واسعاً.
الصبر في القرآن الكريم
لقد بشر الله سبحانه وتعالى الصابرين في قوله: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون”.
رغم صعوبة مواجهة الصبر، فإن ثمرته تنتج جزاءً طيباً وفوزاً، وهناك آيات أخرى في القرآن الكريم تناولت جزاء الصابرين، مشجعةً المؤمنين على التحلي بالصبر. ففي الحياة، إذا لم يشعر الإنسان بمعنى الصبر ويطبقه، قد يجعله ذلك عرضة للجنون عند وقوع أي مصيبة. ولكن عندما يستشعر أن ما قدره الله هو خير له، ويستجيب بقوله “إنا لله وإنا إليه راجعون”، يجد أن في الحياة أملًا متجددًا.
أبيات شعر عن الصبر
تناول العديد من الشعراء العرب موضوع الصبر في قصائدهم وأبياتهم. وفيما يلي سنستعرض بعض أبيات الشعر عن الصبر ومؤلفيها:
ابن الرومي يقول في الصبر
اصبري أيتها النفس، فالصبر هو الأحجى
ربما خاب رجاء وأتى ما ليس يُرجى
أبو العتاهية يتحدث عن الصبر
ما أكرم الصبر وما أحسن الصدق وما أجمله للفتى
الخرق شؤم والتقي جنة، والرفق يمن والقنوع غنى
الشيخ السابوري في الصبر
من يعتصم بالصبر عند الحادث، فالحبل في يديه غير ناكث
إن أتى ما لا يطيق دفعه، فالصبر أولى ما اقتنيت نفعه
وحلول ما حل من البلاء كالضيف يوماً حل في الفناء
فاصبر لضيف بك يوماً نزل، لا يلبث النازل أن يرتحل
الشاغوري يحث النفس على الصبر
يا نفس، صبراً على ما قد منيت به
فالحر يصبر عند الحادث الجلل
أحمد بن حميدس وجزاء الصابرين
فصبراً، فليس الأجر إلا للصابر
على الدهر، إن الدهر لم يخل من خطب
أسامة بن منقذ في الحث على الصبر
اصبر إذا ناب خطب وانتظر فرجاً يأتي به الله بعد الريث واليأس
إن اصطبار ابنة العنقود إذا حبست في ظلمة الغار، أداها إلى الكأس
اصبر على ما كرهت تحظ بما تهوى، فما جازع بمعذور
إن اصطبار الجنين في ظلم الأحشاء، أفضى به إلى النور
اصبر تنل ما ترتجيه، وتفرد من جارك شأو العلا سبقاً وتبريزا
فالتبر أحرق بالنيران مصطبراً على لظاها، إلى أن عاد إبريزا
تحدث الشريف المرتضى عن الامتثال للصبر قائلاً:
إن لم تستطع للرزية دفعاً، فصبرا للرزية واحتساباً
فما نال المنى في العيش إلا غبي القوم أو فطنٌ تغابى
هي الدنيا نغراً بها خدوعاً، ونوردها على ظمأ سراباً
وهل أحياؤنا إلا تراب بظهر الأرض ينتظر الترابا
عبارات جميلة عن الفرج والصبر
من المقولات الشهيرة أن “الصبر مفتاح الفرج”، وأن له نتائج إيجابية. وهذا ما تناولته العديد من الأبيات الشعرية التي تسلط الضوء على أهمية الصبر.
محمد بن زنجي عن كون الصبر حل لكثير من الأمور
إن الأمور إذا انسدت مسالكها
فالصبر يفتح منها كل ما ارتجى
لا تيأسن وإن طالت مطالبة
إذا استغنت بصبر أن ترى فرجاً
جميل الزهاوي في انتهاج الصبر
تمسك بحبل الصبر في كل كربة، فلا عسر إلا سوف يعقبه يسر
ترى المرءَ في بعض الأحيان راضياً، وبعد قليل شاكياً يتذمر
إذا استيقظت في المرء روح لطف، فعندئذ أخلاقه تتغير
محمد بن بشير عن جزاء الاعتماد على الصبر
اخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجى
خراش بن مرة واصفاً شعور الصبر
إذا عيل صبر المرء فيما ينوبه
فلا بدّ من أن يستكين ويجزعا
ابن الدهان الموصلي عن أن الصبر مرتبط بالوصول
وما يبلغ الإنسان فوق اجتهاده
إذا لم يملك لما جاء مدفعاً
صبرا لما تحدث الأيام من حدث
فالدهر في جورٍ جارٍ على سنن
فالصبر أجمل ثوب أنت لابسه
لنازلٍ والتعزي أحسن السنن
وهون الوجد، إني لا أرى أحدا
بفرقة الألف يوماً غير ممتحن
أبيات شعر جميلة عن الصبر
كلما كان معنى بيت الشعر واضحاً للجميع، زادت شعبيته وانتشاره. وفيما يلي بعض من هذه الأبيات:
عبد القاهر الجرجاني يوصي بالصبر
ادرع الصبر وكن آخذاً بالرفق والإشفاق والخوف
ولا تكن أعجل من فيشة عنانها أطلقت في الجوف
ابن النقي عن الشخص الصابر
وحسب الفتى إن لم ينل ما يريده
مع الصبر أن يُلفى مقيماً على الصبر
أبو فراس الحمداني
أنفق من الصبر الجميل، فإنه
لم يخش فقراً منفقٌ من صبره
واحلم وإن سفه الجليس وقل له
حسن المقال وإن أتاك بهجره
والمر ليس ببالغٍ في أرضه
كالصقر ليس بصلئدٍ في وكره
أبيات للشافعي عن الصبر
كتب الإمام الشافعي العديد من الأبيات الشعرية حول الصبر، ومن بينها:
- اصبر على مر الجفا من معلمٍ فإن رسوب العلم في نفراته
- ومن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته
- ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه أربعاً لوفاته
- أيضاً وذات الفتى والله بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
- دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء
- كذلك لا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
- أيضاً كن رجلاً على الأهوال جلداً وشيمتك السماحة والوفاء
- كذلك إن كثرت عيوبك في البرايا وسرّك أن يكون لها غطاء
- أيضاً لرب نازلة تضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج.
- كذلك ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
أبيات للمتنبي عن الصبر
المتنبي، أحد أعظم الشعراء العرب، تناول الصبر والتفاؤل في العديد من أبياته، ومن بين هذه الأبيات:
- أجد الجفاء على سواك مروءةً، والصبر إلا في نواك جميل
وأرى تدللَكِ الكثيرَ محبباً، وأرى قليلَ تدللٍ مملولا
- كيف الرجاء من الخطوب تخلصاً، من بعد ما أنشبن في أظافرها
أوجدتني ووجدت حزناً واحداً متناهياً، فجعلتن لي صاحبا
كذلك نصبنني غرض الرماة، تصيبني محن أحدٍ من السيوف مضاربا
أظمأتنني الدنيا فلمّا جئتها مستسقياً، مطرت علي مصائباً