تعتبر التنشئة الاجتماعية عنصراً أساسياً في تربية الأفراد، حيث تساهم في تشكيل ميولهم واستقرارهم في البيئة والمجتمع الذي يتفاعلون معه. إن أهمية التنشئة الاجتماعية لا تقتصر على ما سبق فحسب، بل ترغب العديد من الجهات في استكشاف أهدافها في حياة الأفراد من خلال هذه المقالة.
تعريف التنشئة الاجتماعية من وجهات نظر متعددة
يختلف مفهوم التنشئة الاجتماعية باختلاف وجهات نظر العلماء والتخصصات الأكاديمية، سواء كانت علم النفس، الأنثروبولوجيا، أو علم الاجتماع، وغيرها من المجالات. ورغم هذا الاختلاف، يتفق العديد من هؤلاء العلماء على أن إعادة تشكيل الكائن البيولوجي ليصبح كائنًا اجتماعيًا هو الهدف الرئيسي لعملية التنشئة الاجتماعية.
تشمل التنشئة الاجتماعية مجموعة من الأطراف، مثل الأسرة والمدرسة، التي تساهم في تشكيل شخصية الفرد. من خلال هذه الأنشطة، يتعلم الأفراد قيمًا وأنماط سلوك مختلفة، مما يسهم في تطوير صفاتهم ومهاراتهم الاجتماعية.
تعتبر عملية التشكيل ديناميكية ومتطورة، حيث لا يمكن تثبيت أساليب معينة، فالفرد دائمًا في حالة تفاعل وتأثر، مما يؤثر بشكل مباشر على شخصيته. ومن بين التعريفات التي قد تُعتبر شاملة، يتميز تعريف العالم إميل دوركايم، الذي وصفها بأنها “عملية استبدال الجانب البيولوجي بأبعاد اجتماعية وثقافية، والتي تصبح بالتالي مؤشرات رئيسية لسلوك الفرد داخل مجتمعه.”
أهمية التنشئة الاجتماعية
تتوزع أهمية التنشئة الاجتماعية على أربع نقاط رئيسية، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- التكيف: تساهم في انسجام الفرد مع أسرته ومدرسته وأصدقائه، مما يعزز استقراره في مجتمعه.
- اكتساب الإنسانية: يساهم التفاعل مع المجتمع في تعزيز صفات الأفراد، مما يؤدي إلى تحولهم إلى كائنات اجتماعية.
- تحقيق التطبيع الاجتماعي: هناك قيم وسلوكيات تفرضها المواقف الاجتماعية، مما يلزم الأفراد باتباعها في أدوارهم الاجتماعية.
- إشباع احتياجات الفرد: يسعى الأفراد دائماً لتلبية احتياجاتهم وطموحاتهم، لتجنب الانعزال أو الانطواء.
الأهداف من التنشئة الاجتماعية
الهدف الأساسي لعملية التنشئة الاجتماعية هو تحويل الفرد العادي إلى فرد قادر على التفاعل بشكل اجتماعي وينفذ الأدوار المحددة له وفقًا للمعايير الثقافية السائدة. ومن أبرز الأهداف المرتبطة بها:
- تكوين الشخصية الاجتماعية السليمة.
- توافق الفرد مع مجتمعه.
- غرس القيم والسلوكيات الأساسية في النفس.
- تحديد القيم والمثل العليا وتشكيل وجهات نظر الفرد.
- معرفة البيئة المحيطة والأفراد الموجودين فيها.
- إكساب الفرد لغة التواصل الفعالة.
- تعزيز الثقة بالنفس.
- تكوين علاقات الحب بين الأم وطفلها.
- تعليم الأدوار الاجتماعية للأطفال.
- توفير بيئة اجتماعية ملائمة لعملية التنشئة الاجتماعية.
- تأهيل الفرد ليكون صالحًا اجتماعيًا وقادرًا على التفاعل.
في نهاية المطاف، يمكن أن نستنتج أن التنشئة الاجتماعية ليست مجرد عملية تقتصر على فترة معينة من الحياة، بل هي عملية مستمرة ودائمة، فإذا توقفت فإن الفرد سيفقد القدرة على التفاعل والتكيف مع مجتمعه، مما قد يؤدي إلى شعوره بالانفصال والعزلة.