قصيدة قارئة الفنجان
جلست والخوف يملأ عينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تحزن
فالحب مكتوبٌ لك
يا ولدي،
قد رحل شهيدًا
من مات على دين المحبوب
فنجانك عالمٌ مخيفٌ
وحياتك مغامرات وخصومات..
ستحب كثيرًا وكثيرًا..
وتموت كثيرًا وكثيرًا
وستعشق كل نساء الأرض..
وستعود كالملك المنهزم
في حياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها.. سبحان من خلقها!
فمها كالعنقود في جماله
وضحكتها أنغام وورود
لكن سماءك تمطر..
وطريقك مسدود.. مسدود
فحبيبة قلبك.. يا ولدي
نائمة في قصرٍ محاصر
والقصر كبيرٌ يا ولدي
تحرسه كلاب وجنود
وأميرة قلبك نائمة..
من يطرق باب حجرتها مفقود..
من يسعى لنيل يدها..
من يقترب من سياج حديقتها.. مفقود
من حاول فك ضفائرها..
يا ولدي..
مفقود.. مفقود
قد رأيت وقرأت كثيرًا
ولكنني لم أرَ أبدًا
فنجانًا يشبه فنجانك
لم أعرف أبدًا يا ولدي..
أحزانًا تشبه أحزانك
مقدورك أن تسير دائمًا
في الحب على حافة الخنجر
وأن تبقى وحيدًا كالأصداف
وأن تبقى حزينًا كالأشجار
مقدورك أن تتقدم دائمًا..
في بحر الحب بلا زوارق
وتحب ملايين المرات…
وترجع كالملك المقصى..
قصيدة التصوير في الزمن الرمادي
أحاول منذ طفولتي
أن أتصور شكل الوطن.
رسمت بيوتًا،
ورسمت أسطحًا،
ورسمت وجوهًا،
ورسمت مآذن مطليةً بالذهب
ورسمت شوارع مهجورةً
يستريح فيها التعب..
رسمت بلادًا، تُسمى مجازًا،
بلاد العرب..
أحاول منذ الطفولة رسم بلادٍ
تسامحني..
إن كسرت زجاج القمر
وتشكرني.. إن كتبت قصيدة حب
وتسمح لي أن أعيش الحب
ككل العصافير، فوق الشجر..
أحاول رسم بلادٍ..
بشرٌ فيها يضحكون.. ويبكون كالبشر
أحاول أن أتحرر من مفرداتي
وأن أخلص نفسي من لعنة المبتدأ والخبر..
وأنظف عقلي من الغبار
وأغسل وجهي بماء المطر..
أحاول أن أستقيل من سلطة الرمل…
وداعًا قريش..
وداعًا كليب..
وداعًا مضر..
لها برلمان من الياسمين..
وشعب رقيق من الياسمين..
تنام حمائمها فوق رأسي..
وتبكي مآذنها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ..
تكون صديقة شعري
ولا تتدخل بيني.. وبين ظنوني
ولا يتجول فيها الجنود
فوق جبيني..
أحاول رسم بلادٍ
تكافئني.. على ما حرقت من ثيابي
وتغفر لي..
إذا تدفق نهر جنوني…
أحاول رسم مدينة حبٍ
فلا تذبح فيها الأنوثة..
ولا تقمع الجسم..
سافرت جنوبًا..
وسافرت شمالًا..
ولكن لا فائدة..
فقهوة كل المقاهي لها نكهة واحدة..
وكل النساء لهن، إذا تعرّين..
رائحة واحدة..
وكل رجال القبيلة، لا يمضغون الطعام.
ويلتهمون النساء..
بثانية واحدة..
أحاول منذ البدايات..
أن لا أكون شبيهًا بأي أحد
رفضت عبادة أي وثن
أحاول إحراق كل النصوص التي أرتديها
فبعض القصائد قبرٌ
وبعض اللغات كفنٌ.
رسمت نزيف المقاهي
ورسمت سعال المدن
وواعدت آخر أنثى
ولكنني.. جئت بعد مرور الزمن…
أحاول رسم بلادٍ
سريري فيها ثابتٌ
ورأسي فيها ثابتٌ
ولكنهم.. أخذوا علبة الرسم مني
ولم يسمحوا لي..
بتصوير وجه الوطن…
ورأسي فيها ثابتٌ
لكي أعرف الفرق بين البلاد والسفن ..
ولكنهم.. أخذوا علبة الرسم مني
ولم يسمحوا لي..
بتصوير وجه الوطن…
قصيدة اغضب
اغضب كما تشاء..
واجرح أحاسيسي كما تشاء
حطم أواني الزهر والمرايا
هدد بحب امرأة سوايا..
فكل ما تفعله سواء..
كل ما تقوله سواء..
فأنت كالأطفال يا حبيبي
نحبهم… مهما أساؤوا..
اغضب!
فأنت رائع حقًا عندما تثور
اغضب!
فلولا الموج ما تكوّنت بحور..
كن عاصفًا.. كن ممطرًا..
فقلبي دائمًا غفور
اغضب!
فلن أجيب بالتحدّي
فأنت طفل عابث..
يملؤه الغرور..
وكيف تحمل الطيور..
ثقل صغارها؟
اذهب..
إذا مللت مني..
واتهم الأقدار واتهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمت كبرياء
والحزن كبرياء
اذهب..
إذا أجهدك البقاء..
فالأرض فيها العطر والنساء..
والعيون الخضراء والسوداء
وعندما تريد أن تراني
وعندما تحتاج كالطفل إلى حناني..
فعُد إلى قلبي متى تشاء..
فأنت في حياتي الهواء..
وأنت.. عندي الأرض والسماء..
اغضب كما تشاء
واذهب كما تشاء
واذهب.. متى تريد
لا بد أن تعود ذات يوم
وقد عرفت ما هو الوفاء…
قصيدة طوق الياسمين
شكرًا لطوق الياسمين
وضحكت لي.. وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين
وجلست في ركن هادئ
تتأملين
وتقطرين العطر من قارورة وتدمدمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
قدماك في الخف المقصب
جدولان من الحنين
وقصدت دولاب الملابس
تقلعين.. وترتدين
وطلبت أن أختار ماذا تلبسين
هل تتجملين لي؟
ووقفت.. في دوامة الألوان وتمتلكني النار
الأسود المكشوف من كتفيها
هل تترددين؟
لكنه لون حزين
لون كأيامي حزين
ولبسته
وربطت طوق الياسمين
وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين..
هذا المساء
بحانة صغيرة رأيتك ترقصين
تتألقين على أذرع المعجبين
تتراقصين
وتدمدمين
في أذن فارسك الأمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
وبدأت أكتشف اليقين
وعرفت أنك لغيري تتجملين
وله ترشين العطور
وتقلعين
وترتدين
ولمحت طوق الياسمين
في الأرض.. مكتوم الأنين
كالجثة البيضاء
تسحبها جموع الراقصين
ويهم فارسك الجميل بأخذه
فتمنعين
وتقهقهين
“لا شيء يستدعي انحنائك
ذاك طوق الياسمين”
قصيدة اسألك الرحيلا
لنفترق قليلاً..
لخير هذا الحب يا حبيبي
وخيرنا..
لنفترق قليلاً
لأني أريد أن تزيد في محبتي
أريد أن تكرهني قليلاً
بحق ما لدينا..
من ذكرى غالية كانت على كِلينا..
بحق حب رائع..
ما زال منقوشًا على شفاهنا
ما زال محفورًا على أيدينا..
بحق ما كتبته.. إليّ من رسائل..
ووجهك المزروع كزهرةٍ في داخلي..
وحبك الباقي على شعري وعلى أناملي
بحق ذكرياتنا
وحزننا الجميل وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبر من كلامنا
أكبر من شفاهنا..
بحق أحلى قصة للحب في حياتنا
أسألك الرحيلا
لنفترق أحبابًا..
فالطائر في كل موسم..
يبتعد عن الهضاب..
والشمس يا حبيبي..
تكون أجمل عندما تحاول الغياب..
كن في حياتي الشك والعذاب..
كن مرة أسطورة..
كن مرة سراب..
وكن سؤالاً في فمي
لا يعرف الجواب..
من أجل حب رائع
يسكن قلوبنا والأهداب..
وكي أكون دائماً جميلة
وكأنك أكثر قربًا
أسألك الذهاب..
لنفترق.. ونحن عاشقان..
لنفترق برغم كل الحب والحنان
فمن خلال الدمع يا حبيبي
أريد أن تراني
ومن خلال النار والدخان
أريد أن تراني..
لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
فقد نسينا
نعمة البكاء منذ زمن
لنفترق..
كي لا يصبح حبنا اعتيادًا
وشوقنا رمادًا..
وتذبل الأزهار في الأواني..
كن مطمئن النفس يا صغيري
فلم يزل حبك ملء العين والضمير
ولم أزل مأخوذة بحبك الكبير
ولم أزل أحلم أنك لي..
يا فارسي وأميري
لكنني.. لكنني..
أخاف من عاطفي
أخاف من شعوري
أخاف أن نمل من أشواقنا
أخاف من وصالنا..
أخاف من عناقنا..
فباسم حب رائع
أزهر كالربيع في أعماقنا..
أضاء مثل الشمس في أحداقنا
وباسم أحلى قصة للحب في زماننا
أسألك الرحيلا..
حتى يظل حبنا جميلا..
حتى يكون عمره طويلا..
أسألك الرحيلا..