لقد عذبتني يا حب لبنى
يقول قيس بن ذريح:
لقد عذبتني يا حب لبنى
فاقع إما بموت أو بحياة
فإن الموت أروح من حياة
ندوم على التباعد والشتات
وقال الأقربون: تعز عن …
فقلت لهم: إذن حانت وفاتي.
أجمل حب
يقول محمود درويش:
كما ينبت العشب بين مفاصل صخره
ووجدنا غريبين يوماً
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً ونجماً
وكنت أؤلف فقرة حب…
لعينيك… غنيتها!
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلاً
كما انتظر الصيف طائرًا
ونمت كـ نوم المهاجر
فعين تنام لتصحو عين… طويلاً
وتبكي على أختها
حبيبان نحن إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق، وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر
على الدرب يوماً جديداً!
صديقان نحن، فسيرى بقربيَ كفاً بكف
معًا، نصنع الخبز والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق… لأي مصير
يسير بنا؟
ومن أين لملم أقدامنا؟
فحسبي، وحسبك أنا نسير…
معًا… للأبد
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعر قديم؟
ونسأل: يا حبنا! هل تدوم؟
أحبك حب القوافل، واحة عشب وماء
وحب الفقير الرغيف!
كما ينبت العشب بين مفاصل صخره
وجدنا غريبين يومًا
ويبقى رقيقين دوماً.
مختارات من شعر جميل بثينة
يقول جميل بن معمر:
أرى كل معشوقين غيري وغيرها
يلذان في الدنيا ويغتبطان
وأمشي وتمشي في البلاد كأننا
أسيـران للأعداء مرتهنان
أصلي فأبكي في صلاتي لذكرهـا
لي الويل مما يكتب الملكان
ضمنت لها أن لا أهيـم بغيرهـا
وقد وثقت مني بغير ضمان
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا
خصومة معشوقين يختصمان
وفي كل عام يستجدّان مرة
عتابا وهجرًا ثم يصطلحان
يعيشان في الدنيا غريبين أينما
أقاما وفي الأعوام يلتقيان.
تذكر أنساً من بثينة ذا القلب
يقول جميل بن معمر:
تذكر أنسًا، من بثينة، ذا القلب
وبثنةً ذكراها لذوي الشجن، نصبُ
وقد حنت قلوصي، فاستمعت لسا جريها
برملة لد، وهي مثنية تحبو
أكذبت طربي، أم رأيت بذي الغضا
لبثنةَ، نارًا، فارفعوا أيها الركبُ
إلى ضوءِ نارٍ ما تبوخ كأنها
من البعد والإقواء، جيبٌ له نقب
ألا أيها النوام، ويحكم، هبوا!
أسائلكم: هل يقتل الرجل الحب؟
ألا ربّ ركبٍ قد وقفت مطيهم
عليكِ، ولولا أنتِ، لم يقف الركبُ
لها النظرة الأولى عليهم، وبسطة،
وإن كرّت الأبصار، كان لها العقبُ.
زدني بفرط الحب فيك تحيرا
يقول ابن الفارض:
زدني بفرط الحب فيك تحيُّراً
وارحم حشًا بلظى هواك تسعُّراً
وإذا سألتك أن أراك حقيقةً
فاسمح، ولا تجعل جوابي: لن ترى
يا قلب! أنت وعدتني في حبهم
صبراً فاحذر أن تضيق وتضجرا
إن الغرام هو الحياة، فمت به
صبًا، فحقك أن تموت، وتُعذرا
قل للذين تقدموا قبلي، ومن
بعدي، ومن أضحى لأشجاني يرى؛
عني خذوا، وبي اقتدوا، ولي اسمعوا،
وتحدثوا بصبابتي بين الورى
ولقد خلوتُ مع الحبيب، وبيننا
سر أرق من النسيم، إذا سرى
وأباح طرفي نظرةً أملتها
فغدوت معروفًا وكنت منكراً
فدهشت بين جماله وجماله
وغدا لسان الحال عني مخبرًا
فأدرْ لحاظك في محاسن وجهه،
تلقَى جميع الحسن فيه، مصوّرا
لو أن كل الحسن يكمل صورةً،
ورآه كان مهللاً ومكبراً.
أحبك جداً
يقول نزار قباني:
أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديل
وأعرف أن زمان الحنين انتهى
ومات الكلام الجميل
…
لست النساء، ماذا نقول
أحبك جداً…
…
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنتِ بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدٌ
وثلجٌ ونار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك انتحار
ويسعدني
أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك للمرة الثانية
…
أيا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً
…
وأعرف أني أسافر في بحر عينيك
دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض
أركض خلف جنوني
…
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني
فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً
وجداً وجداً
وأرفض من نار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيلا…
وما همني
إن خرجت من الحب حياً
وما همني
إن خرجت قتيلاً
رمت الفؤاد مليحة عذراء
يقول عنترة بن شدّاد:
رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ
بسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دوا
مَرَّت أَوانَ العيدِ بَين نواهِدٍ
مثل الشُموس لِحاظُهُنَّ ظباءُ
فاغتالني سَقَمي الذي في باطني
أخفَيتُهُ فأذاعَهُ الإخفاءُ
خطرَت فقلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت
أعطافَهُ بعد الجَنوبِ صباءُ
ورنت فقلتُ غَزالَةٌ مَذعورةٌ
قد راعَها وَسط الفَلاةِ بَلاءُ
وبَدَت فقلتُ البدرُ لَيلةَ تِمِهِ
قد قَلَّدَتهُ نُجومَهَا الجوزاءُ
بسمَت فلاحَ ضياءُ لؤلؤِ ثغرِه
فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ
سَجَدَت تُعظِمُ رَبَّها فتمايلت
لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ
يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أضعافُهُ
عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ
إن كان يُسعدني الزَمانُ فَإِنَّني
في هِمَّتي بِصُروفهِ إِزراءُ
ذكرت عشية الصدفين ليلى
يقول قيس بن الملوح:
ذكرت عشية الصدفين ليلى
وكل الدهر ذكراها جديد
إذا حالَ الْغُرَابُ الْجَوْنُ دُونِي
فمن قلبي إلى ليلى بعيد
عليَّ ألِيَّةٌ إن كنت أدري
أيُنقصُ حبُّ لَيْلى أم يزيدُ
لها في طرفها لحظات حت
فتُميت بها وتُحيي من تريد
وإن غضبت رأيت الناس هلكى
وأن رضيت فأرواح تعود
فقُلْنَ لَقَدْ بَكَيْتَ فَقُلْتُ كَلاّ
وهل يبكي من الطرب الجليد
ولكن قد أصاب سواد عيني
عُويد ندى له طرف حديد
فقُلْنَ فَمَا لِدمعِهِمَا سَوَاءٌ
أكلتا مقلتيك أصاب عود.
هل غادر الشعراء من متردم
يقول عنترة بن شدّاد:
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عَبلَةَ بالجَواء اسلمي
وعّمي صباحًا دار عَبلَةَ وَاِسلَمي
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
فدْنٌ لأقضِيَ حاجةَ المُتَلَوِّمِ
وتحلّ عَبلَةُ بالجَواء وأهلُنا
بالحزن فالصمان فالمتثلم
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ قد قادَمَ عَهدُهُ
أقوى وأقفَرَ بعد أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّتْ بِأرْضِ الزائرينَ فَأصبَحَت
عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عرضًا وأَقتُلُ قَومَها
زعمًا لَعَمْرُ أَبيكَ لَيسَ بمَزعَمِ
وَلَقَد نَزَلْتِ فلا تَظنّي غيْرَكَ
مِنّي بمنزلة المُحبّ المُكرمِ
كيف المزَارُ وقد تَرَبَّعَ أهلُها
بِعُنَيزَتَينِ وأهلُنا بالغَيلَمِ
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
زُمَت رِكابُكُم بِليلٍ مظلمِ
ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها
وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبي الخِمخِمِ
فيها اثنتان وأربعون حَلوبَةً
سودًا كخافيةِ الغُرابِ الأسحمِ
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح
عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأنَّ فَارَةً تاجرٍ بقسيمَةٍ
سبقتْ عوارضَها إليكَ من الفم
أو روضةً أنفًا تضمّن نبتَها
غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ
جادت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ
فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدِرهَمِ
سَحًّا وتسْكابًا فكلّ عشيَّةٍ
يجري عليها الماء لم يتصرَّم
وخلا الذُبابُ بها فلَيسَ بِبارِحٍ
غَرِدًا كفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ
هَزِجًا يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ
قدحَ المُكِبِّ على الزنادِ الأجذمِ
تمسي وتصبح فوق ظهر حشيةٍ
وأبيتُ فوق سرَاةِ أدْهم مُلْجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى
نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ
هل تبلغنى دارها شدنية
لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصَرّم
خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ
تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ