المدح
يعتبر المدح من الفنون الأدبية التي تعبر عن الثناء والإشادة بصفات شخص ما. وهو ممارسة تتضمن وصف هذه الصفات بجمالية واحترافية، مع تسليط الضوء على مزايا الممدوح من أخلاق ومحاسن تستحق الإشادة. لقد برز العديد من الشعراء في هذا المجال، حيث كانت دوافعهم تتراوح من الطموح لكسب مكانة إلى الرغبة في التعبير عن مديح صادق. ومن أبرز هؤلاء الشعراء، أبو الطيب المتنبي، الذي تُعد قصائده في المدح من أهم ما أنتجته الأدب العربي في العصر العباسي. سنقدم فيما يلي مجموعة من أجمل الأبيات الشعرية التي تناولت المدح.
أجمل أبيات الشعر في المدح
تضم المكتبة الشعرية العربية العديد من قصائد المدح، ومن بينها الأبيات التالية:
- حَمَلُه النّاقة الأَدْماء مُعَتَجِرًا
بالبرَد كالبَدْر جَلّى لَيلة الظُّلَمِ
وَفي عِطَافَيْهِ أوْ أَثْنَاءِ بُرْدَتِهِ
ما يَعْلَمُ اللهُ مِن دِينٍ وَمِن كَرَمِ
- لو كانَ يُقعدُ فوقَ الشّمس من كَرَمٍ
قومٌ لقيل اقعدوا يا آل عبّاسِ
ثمَّ ارتقوا في شُعاع الشمس كُلّكمُ
إلى السماءِ فأنتم سادة الناسِ
- أَبَا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ عَلَيْنَا
وَانظُرْنَا نُخَبّرْكَ اليَقينَ
بِأَنّا نُوْرِدُ الراياتِ بيضاً
وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَد رُويْنَا
- خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعْتَ بِهِ
في طَلعة الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
- ولقد أُصاحِبُ صاحِباً ذَا مَأْقةٍ
بِصِحَابِ مُطَلِّعِ الأَذَى نِقْرِيس
ولقد أُزَاحِمُ ذَا الشَّذَاةِ بِمِزْحَمٍ
صَعْبِ البُدَاهةِ ذي شذاً وشَرِيسِ
قصيدة كفى بك داءً
يُعتبر أبو الطيب المتنبي من أبرز شعراء العصر العباسي، حيث قدم العديد من المدائح في سيف الدولة. وعندما غادر إلى دمشق تلقى دعوة من كافور الإخشيدي ليزوره، حيث استقبله بإكرام وحمَله إلى مصر، فألقى في مدحه القصيدة التالية في سنة ست وأربعين وثلاث مئة:
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
وَحَسْبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيَا
تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى
صَديقًا فَأَعْيا أَوْ عَدُوًّا مُداجِيَا
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسَامَ اليَمانِيَا
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيَا
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
وَلا تُتَّقَى حَتّى تَكونَ ضَاورِيَا
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأَى
وَقَد كانَ غَدّارًا فَكُنْ أَنتَ وافِيَا
وَأَعْلَمُ أَنَّ البَيْنَ يُشكيكَ بَعدَهُ
فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شَاكِيًا
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيَا
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصًا مِنَ الأَذَى
فَلا الحَمْدُ مَكسوبًا وَلا المالُ باقِيَا
وَلِلنَّفْسِ أَخلاقٌ تَدِلُّ عَلى الفَتى
أَكانَ سَخاءً مَا أَتى أَم تَساخِيَا
أَقِلِّ اشتِيَاقًا أَيُّها القَلْبُ رُبَّما
رَأَيتُكَ تُصفي الوَدَّ مَن لَيْسَ جازِيًا
خُلِقتُ أَلوفًا لَو رَحَلتُ إِلَى الصِّبا
لَفارَقتُ شَيبي مُوجِعَ القَلْبِ باكِيًا
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحْرًا أَزَرْتُهُ
حَيَاتِي وَنُصْحِي وَالهَوَى وَالقَوَافِيَا
وَجُرَدًا مَدَدْنَا بَينَ آذَانِهَا القَنَا
فَبِتْنَا خِفافًا يَتَّبِعْنَ العَوالِيَا
تَماشى بِأَيْدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا
نَقَشْنَا بِهِ صَدْرَ البُزَاةِ حَوَافِيَا
وَيَنْظُرْنَ مِن سُودٍ صَوَادِقَ فِي الدُّجَى
يَرَينَ بَعِيدَاتِ الشُّخُوصِ كَمَا هِيَا
وَتَنْصَبُ لِلْجَرَسِ الخَفِيِّ سَوَامِعًا
يَخَلْنَ مُناجاةَ الضَّمِيرِ تَنادِيَا
تُجَاذِبُ فُرسانَ الصَّباحِ أَعِنَّةً
كَأَنَّ عَلَى الأَعْناقِ مِنْهَا أَفاعِيَا
بِعَزْمٍ يَسيرُ الجِسْمُ في السَّرْجِ راكِبًا
بِهِ وَيَسيرُ القلبُ في الجِسْمِ ماشِيًا
قَوَاصِدَ كافورٍ تَوَارَكَ غَيْرِهِ
وَمَن قَصَدَ البَحرَ استَقَلَّ السَّوَاقِيَا
فَجَاءَت بِنا إِنسانَ عَيْنِ زَمانِهِ
وَخَلَّت بَيَاضًا خَلْفَها وَمَآقِيَا
نَجُوزُ عَلَيْهَا المُحْسِنِينَ إِلَى الذي
نَرى عِندَهُمْ إِحسانَهُ وَالأَيْادِيَا
فَتىً مَا سَرَينا في ظُهُورِ جُدودِنا
إِلَى عَصْرِهِ إِلَّا نُرَجِّي التَلاقِيَا
تَرَفَّعَ عَنْ عَوْنِ المَكَارِمِ قَدْرُهُ
فَمَا يَفْعَلُ الفَعْلَاتِ إِلَّا عَذَارِيَا
يُبيدُ عَدَاوَاتِ البُغَاةِ بِلُطفِهِ
فَإِن لَم تَبِدْ مِنهُمْ أَبادَ الأَعَادِيَا
أَبا المِسْكِ ذا الوَجْهِ الَّذي كُنتُ تَائِقًا
إِلَيْهِ وَذا الْوَقْتُ الَّذي كُنتُ رَاجِيًا
لَقِيتُ المَرُورَى وَالشَّناخيبَ دونَهُ
وَجُبْتُ هَجيرًا يَتْرُكُ الماءَ صادِيَا
أَبا كُلِّ طيبٍ لا أَبا المِسْكِ وَحدَهُ
وَكُلَّ سَحابٍ لا أَخَصُّ الغَوَادِيَا
يَدِلُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كُلَّ فاخِرٍ
وَقَد جَمَعَ الرَّحْمَنُ فِيكَ المَعَانِيَا
إِذا كَسَبَ الناسُ المَعَالِيَ بِالنَّدَى
فَإِنَّكَ تُعطي فِي نَدَاكَ المَعَالِيَا
وَغَيْرُ كَثِيرٍ أَنْ يَزُورَكَ رَاجِلٌ
فَيَرجِعَ مَلْكًا لِلْعِراقَيْنِ وَالِيَا
فَقَد تَهَبَ الجَيْشَ الَّذِي جَاءَ غَازِيًا
لِسائِلِكَ الفَرْدِ الَّذِي جاءَ عَافِيًا
وَتَحْتَقِرُ الدُّنْيَا اِحْتِقارَ مُجَرِّبٍ
يَرَى كُلَّ مَا فِيهَا وَحَاشَاكَ فَانِيًا
وَمَا كُنتَ مِمَّن أَدرَكَ المُلكَ بِالمُنَى
وَلَكِن بِأَيَّامٍ أَشْبَنَ النَّواصِيَا
عِدَاكَ تَراها فِي البِلَادِ مَسَاعِيًا
وَأَنتَ تَراها فِي السَّمَاءِ مَرَاقِيَا
لَبِسْتَ لَهَا كُدْرَ العَجَاجِ كَأَنَّمَا
تَرَى غَيْرَ صَافٍ أَنْ تَرَى الجَوَّ صَافِيًا
وَقُدْتَ إِلَيْهَا كُلَّ أَجْرَدَ سَابِحٍ
يُؤَدِّيكَ غَضْبَانًا وَيَثْنِكَ رَاضِيًا
وَمُختَرَطٍ مَاضٍ يُطيعُكَ آمِرًا
وَيَعْصِي إِذا استَثْنَيْتَ لَو كُنتَ نَاهِيًا
وَأَسْمَرَ ذِي عِشْرِينَ تَرْضَاهُ وَارِدًا
وَيَرْضَاكَ فِي إيرَادِهِ الْخَيْلَ سَاقِيًا
كَلَائِبَ مَا انفَكَّت تَجُوسُ عَمَائِرًا
مِنَ الأَرْضِ قَد جَاسَت إِلَيْهَا فَيَافِيَا
غَزَوْتَ بِهَا دُورَ الْمُلُوكِ فَبَاشَرَتْ
سَنَابِكُهَا هَامَاتِهِمْ وَالْمَغَانِيَا
وَأَنْتَ الَّذِي تَغْشَى الأَسِنَّةَ أَوَّلًا
وَتَأنَفُ أَنْ تَغْشَى الأَسِنَّةَ ثَانِيًا
إِذا الْهِنْدُ سَوَّت بَيْنَ سَيْفَي كَرِيهَةٍ
فَسَيْفُكَ فِي كَفٍ تُزيلُ التَسَاوِيَا
وَمِن قَوْلِ سَامٍ لَو رَآكَ لِنَسْلِهِ
فِدَى اِبْنِ أَخِي نَسْلِي وَنَفْسِي وَمَالِيَا
مَدًى بَلَّغَ الأُسْتَاذَ أَقْصَاهُ رَبُّهُ
وَنَفْسٌ لَهُ لَم تَرْضَ إِلَّا التَّنَاهِيَا
دَعَتْهُ فَلَبَّاهَا إِلَى الْمَجْدِ وَالْعُلَا
وَقَد خَالَفَ النَّاسُ النُّفُوسَ الدَّوَاعِيَا
فَأَصبَحَ فَوْقَ العَالَمِينَ يَرَاهُ
وَإِن كَانَ يُدْنِيَهِ التَّكَرُّمُ نَائِيَا
قصيدة ولد الهدى فالكائنات ضياء
أحمد بن علي بن أحمد شوقي، يُعتبر من أشهر شعراء العصر الحديث. وُلد في القاهرة، وقد لُقِّب بأمير الشعراء. عُرف بقدرته على تناول مختلف فنون الشعر من الغزل والمدح والوصف والرثاء، وكذلك تناوله للأحداث الاجتماعية والسياسية.
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكَ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُّنْيا بِهِ بُشَرَاءُ
وَالْعَرْشُ يَزْهُو وَالحَظِيرَةُ تَزْدَهِي
وَالمُنْتَهى وَالسِّدْرَةُ العَصْمَاءِ
وَحَدِيقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُّبَى
بِالتُّرْجُمَانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
والوَحْيُ يَقْطُرُ سلسلاً مِن سَلَسَلٍ
وَاللَّوحُ وَالقَلَمُ البَدِيعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسَامِي الرُّسُلِ فَهِيَ صَحِيفَةٌ
في اللَّوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَرَاءُ
اسمُ الجَلَالَةِ في بَدِيعِ حُروفِهِ
أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ
يا خَيْرَ مَنْ جَاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِن مُرْسَلِينَ إِلَى الهُدى بِكَ جَاؤوا
بَيْتُ النَّبِيِّينَ الَّذِي لا يَلْتَقِي
إِلَّا الحَنَائِفُ فِيهِ وَالحُنَفَاءُ
خَيْرُ الأَبُوَّةِ حَازَهُمْ لَكَ آدَمٌ
دُونَ الأَنْامِ وَأَحْرَزَت حَوّاءُ
هُم أَدْرَكُوا عِزَّ النُّبُوَّةِ وَانتَهَت
فِيهَا إِلَيْكَ العِزَّةُ القَعِساءُ
خُلِقَت لِبَيْتِكَ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهَا
إِنَّ العَظَائِمَ كُفُؤُهَا العُظَمَاءُ
بِكَ بَشَّرَ اللَّهُ السَّمَاءَ فَزُيِّنَت
وَتَضَوَّعَت مِسْكًا بِكَ الغَبرَاءُ
وَبَدَا مُحَيَّاكَ الَّذِي قَسَمَاتُهُ
حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَيَاءُ
وَعَلَيْهِ مِنْ نُورِ النُّبُوَّةِ رَوْنَقٌ
وَمِنَ الخَليلِ وَهَدْيِهِ سِيمَاءُ
أَثْنَى المَسِيحُ عَلَيْهِ خَلْفَ سَمَائِهِ
وَتَهَلَّلَت وَاهْتَزَّتِ العَذْراءُ
يَوْمٌ يَاتِي عَلى الزَّمَانِ صَبَاحُهُ
وَمَسَاؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضَّاءُ
الحَقُّ عَالِي الرُّكْنِ فِيهِ مُظَفَّرٌ
فِي الْمُلْكِ لا يَعْلُو عَلَيْهِ لِوَاءُ
ذُعِرَت عُروشُ الظَّالِمِينَ فَزُلْزِلَت
وَعَلَت عَلَى تِيَجانِهِمْ أَصْدَاءُ
وَالنَّارُ خَاوِيَةُ الجَوَانِبِ حَوْلَهُمْ
خَمَدَت ذَوَائِبُهَا وَغَاضَ المَاءُ
وَالْآيُ تَتْرَى وَالخَوَارِقُ جَمَّةٌ
جِبْرِيلُ رَوَّاحٌ بِهَا غَدَّاءُ
نِعْمَ الَيتيمُ بَدَت مَخَايِلُ فَضْلِهِ
وَالْيَتْمُ رِزْقٌ بَعْضُهُ وَذَكاءُ
فِي المَهْدِ يُسْتَسْقَى الحَيَا بِرَجَائِهِ
وَبِقَصْدِهِ تُسْتَدَفَعُ الْبَأْسَاءُ
بِسِوَى الأَمَانَةِ فِي الصِّبَا وَالصِّدْقِ لَمْ
يَعْرِفْهُ أَهْلُ الصِّدْقِ وَالأُمَنَاءِ
يَا مَن لَهُ الأخلاقُ ما تَهوى العُلَى
مِنْهَا وَمَا يَتَعَشَّقُ الْكُبَرَاءُ
حزت الزمان بتسطيري مديحك
ابن الساعاتي هو أبو الحسن علي بن محمد بن رستم بن هَرذوز، المعروف بهذا اللقب لأن أباه كان يعمل في الساعات. وقد لُقِّب ببهاء الدين وبعين الشعراء، وبرز كأحد الشعراء المتميزين في مدح الملوك. عاش في مصر وقد كتب شعراً بديعاً.
حزتُ الزمانَ بتسطيري مديحك فاحـ
ـتوى كتابي على الدنيا وما فيها
مداده الليلُ والطرسُ النهارُ وأفـ
ـكاري البحارُ وألفاظي لياليها
وهو الجبال ثباتاً والزمان ثناً
لا بل سماءٌ على أَنتُم دَرَاريها
لقد علمت وعلم المرء أصدقه
همّام بن غالب بن صعصعة، المعروف بالفرزدق، ينتمي إلى قبيلة بني دارم. وُلد في البصرة ونشأ فيها، وقد بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة، حيث كان يميل إلى أسلوب الهجاء والشعر الفاحش. وقد عاش حياته متنقلاً بين الأمراء، يمدحهم ثم يهجوهم، ومن أشهر قصائده القصيدة التالية:
لَقَدْ عَلِمْتُ وَعِلْمُ المَرْءِ أصْدَقُهُ
مَنْ عِنْدَهُ بالَّذِي قَدْ قَالَهُ الخَبَرُ
أَنَّ لَيْسَ يُجزِئُ أَمْرَ المُشْرِقَيْنِ مَعًا
بَعْدَ ابْنِ يُوسُفَ إِلَّا حَيَّةٌ ذَكَرُ
بَلْ سَوْفَ يَكْفِيكَهَا بَازٌ تَغَلَّبَهَا،
لَهُ التَقَتْ بِالسُّعُودِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
فَجَاءَ بَيْنَهُمَا نَجْمٌ إِذَا اجْتَمَعَا
يُشْفَى بِهِ القَرْحُ وَالأَحْدَاثُ تُجْبَرُ
أغَرَّ، يَسْتَمْطِرُ الهُلاَّكُ نَائِلَهُ،
فِي رَاحَتَيْهِ الدَّمُ المَعْبُوطُ وَالمَطَرُ
فَأَصْبَحَا قَدْ أَمَاتَ الله دَاءَهُمَا،
وَقَوَّمَ الدَّرْءَ مِنْمِصْرَيْهِمَا عُمَرُ
حتى اسْتَقَامَتْ رُؤُوسٌ كَانَ يَحْمِلُهَا
أَجْسادُ قَوْمٍ وَفِي أَعْناقِهِمْ صَعَرُ
إنَّ لَآل عَدِيٍّ أثْلَةً فَلَقَتْ
صَفَاةَ ذُبْيَانَ لا تَدنُو لَهَا الشَّجَرُ
مِنْهُم الثَّرَى وَحَصَى قَيْسٍ إِذَا حُسِبَتْ
وَالضَّارِبُونَ إِذَا مَا اغْرَوْرَقَ الْبَصَرُ
فَلا يُكَذَّبُ مِنْ ذُبْيَانَ فَاخِرُهَا،
إِذا القَبَائِلُ عَدَّتْ مَجْدَهَا الكُبَرُ
أَبَى لَهَا أَنْ تُدَانِيَهَا إِذَا افْتَخَرَتْ
عِندَ الْمَكَارِمِ، وَالأحْسابُ تُبْتَدرُ
إنَّ لَآلِ عَدِيٍّ، فِي أَرُومَتِهُمْ،
بَيْتَيْنِ قَدْ رَفَعَتْ مَجْدِيَهُمَا مُضَرُ
بَيْتٌ لِآل سُكَينٍ طَالَ فِي عِظَمٍ،
وَآلِ بَدْرٍ هُمَا كَانَا إِذَا افْتَخَرُوا
بَيْتَيْنِ تَقْعُدُ قَيْسٌ فِي ظِلالِهُمَا
حَيْثُ التَقَى عِندَ رُكْنِ الْقِبْلَةِ الْبَشَرُ
اسْمَعْ ثَنَائِي فَإِنِّي لَسْتُ مُمْتَدِحًا
إِلَّا امْرَأً مِنْ يَدَيْهِ الْخَيْرُ يُنْتَظَرُ
وَأَنْتَ ذَاكَ الَّذِي تُرْجَى نَوَافِلُهُ
عِندَ الشَّتَاءِ إِذَا مَا دُوْخِلَ الْحُجَرُ
وَكَمْ نَمَاكَ مِنَ الآبَاءِ مِنْ مَلِكٍ
بَهِ لِذُبْيَانَ كَانَ الْوِرْدُ وَالصَّدَرُ
يَا ابْنَي سُكَينٍ إِذَا مَدَتْ حِبالُهُما
حَبْلَيْنِ مَا فِيهِمَا ضَعْفٌ وَلا قِصَرُ
حَبْلَيْنِ طَالَا حِبَالَ النَّاسِ قَد بَلَغَا
حَيْثُ انتَهَى مِنْ سَمَاءِ النَّاظِرِ النَّظَرُ
يَا بَني كَرِيمَيْ بَني ذُبَيْانَ إنَّ يَدًا
عَلَيَّ خَيْرُ يَدٍ، للدَّهْرِ تُدَّخَرُ
أَنْتَ رَجَائِي بِأَرْضِي، أَنَّنِي فَرِقٌ
مِنْ وَاسِطٍ وَالَّذِي نَلْقَاهُ نَنْتَظِرُ
وَمَا فَرِقْتُ وَقَدْ كَانَتْ مَحَاضِرُنَا
مِنْهَا قَرِيبًا، حِذَّرِي وِرْدَهَا هَجَرُ
اسْأَلْ زِيَادًا ألَمْ تَرْجِعْ رَوَاحِلُنا،
وَنَخْلُ أفْإنَّ، مِنِّي بُعْدُهُ نَظَرُ
آل الرسول مصابيح الهداية
دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، المعروف بأبو علي، هو شاعر هجاء من أصل كوفي، وكان صديقًا للبحتري. صنّف كتابًا في (طبقات الشعراء)، وله قصائد في مدح الرسول وآل بيته مثل هذه القصيدة:
آلِ الرَسُولِ مَصَابِيحِ الهِدَايَةِ لا
أَهْلِ الغَوَايَةِ أَرْبَابِ الضَّلَالَاتِ
قَد أَنزَلَ اللَّهُ في إِطرَائِهِم سُوَرًا
تُثْنِي عَلَيْهِم وَثَنَّاها بآيَاتِ
مِنْهُم أَبُو الحَسَنِ السَّاقِي العِدَا جُرَعًا
مِنَ الرَّدَى بِحُسَامٍ لا بِكَلَاسَاتِ
إِن كَرَّ في الجَيْشِ فَرَّ الجَيْشُ مُنْهَزِمًا
عَنْهُ فَتَعثُرُ أَبْدَانٌ بِهَمَاتِ
صِهْرُ الرَّسُولِ عَلَى الزَّهْرَاءِ زَوَّجَهُ ال
لَهُ العَلِيُّ بِهَا فَوْقَ السَّمَواتِ
فَأَثْمَرَت خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ بَعْدَهُمَا
أَعْنِي الشَّهِيدَيْنِ سَاداتِ الْبَرِيَّاتِ
إِذا سَقَى حَسَناً سُمًّا مُعَيَّةً أَوْ
عَلى حُسَيْنٍ يَزِيدٌ شَنَّ غَاراتِ
لَذَاكَ مِمَّن بَدَا فِي ظُلُمِ أُمِّهِمَا
حَتَّى قَضَت غَضَبًا مِن ظُلْمِهَا الْعَاتِي
وَقَادَ شَيخَهُما قَسْرًا لِبَيْعَةِ مَنْ
قَد كانَ بَايَعَهُ فِي ظِلِّ دَوحاتِ
ظُلْمَةٌ لَم تَزَل تُستَنُّ إِثرَهُمُ
لَم تُثْنَ عَنْ سَالِفٍ مِنْهُم وَلا آتِ
يَا رَبِّ زِدْنِي رُشْدًا فِي مَحَبَّتِهِم
وَاشْفِ فُؤَادِيَ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَاتِ
قصيدة يا ابن الوزير والوزير أَنتا
عبد الله بن محمد المعتز بالله بن الرشيد العباسي، أديب شهير، حيث كان يسعى للقاء فصحاء الأعراب لاكتساب المعرفة. ومن مؤلفاته الكثيرة، قصائد في المديح، ومن بينها هذه الأبيات:
يَا ابْنَ الوَزِيرِ وَالوَزِيرُ أَنتَا
لِذَا رَجَاؤُكَ فَكَيْفَ كُنتَا
أَغْرَاكَ بِالجَرِيِ فَمَا وَقَفْتَا
وَلَا إِلَى غَيْرِ العُلا اِلتَفَتَّا
حَتَّى بَلَغْتَ الآنَ مَا بَلَغْتَا
فَرَاحَ فِينَا سَالِمًا وَدُمِتَا
قصيدة وأحسن منك لم تر قط عيني
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، هو شاعر النبي وأحد المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام. عُرف بمنافحته عن النبي ردًا على إساءات المشركين بإبداعه الشعري، ومن تلك القصائد:
وَأَحْسَنُ مِنْكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيْنِي
وَأَجْمَلُ مِنْكَ لَم تَلِدِ النِّسَاءُ
خُلِقْتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيْبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقْتَ كَمَا تَشَاءُ