بر الوالدين
إن بر الوالدين يعكس مفهوم الطاعة والإحسان لهما، ويعني التعبير عن الاحترام والحب، وخفض الصوت عند الحديث معهما. يشمل البر القيام بالأفعال والأقوال الجميلة تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، بينما يُعرف العكس بالعقوق. ولا يقتصر مفهوم البر على حياة الوالدين فقط، بل يمتد ليشمل الدعاء والاستغفار لهما بعد وفاتهما. فالبر في الحياة يُظهر من خلال طاعتهما في كل ما لا يتنافى مع الشريعة، وخفض الصوت أمامهما، وعدم التحفظ عند طلبهما، والإصغاء لحديثهما، بالإضافة إلى استشارتهم. أما بعد وفاتهما، فيتمثل البر في الدعاء لهما، وسداد ديونهما، وتنفيذ وصاياهما، وصدقة جارية عليهما، وصلة أقاربهما.
أحاديث حول بر الوالدين
هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تشير إلى أهمية بر الوالدين وفضله العظيم، ومنها:
- روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟” فقال: “الصلاة لوقتها”، فقال: “ثم أي؟” فأجاب: “ثم بر الوالدين”، ثم سأل: “ثم أي؟” فقال: “الجهاد في سبيل الله”.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رغب أنفه، ثم رغبت أنفه، ثم رغبت أنفه”، قيل: “من؟ يا رسول الله”، قال: “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة”.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما”.
- جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إذناً للجهاد، فقال له: “أحيا والدَاك؟” قال: “نعم”، فقال: “ففيهما فاجهد”.
- سأل رجل يُدعى جاهمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “يا رسول الله، كنت أريد الجهاد معك ابتغاء وجه الله والدار الآخرة”. قال: “أحيت أمك؟” قال: “نعم”، قال: “ارجع فبرها”. وعاد إليه عدة مرات بنفس السؤال، وكل مرة كان يرد عليه: “أحيت أمك؟” حتى قال له: “لزِم رجلها فهناك الجنة”.
- سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟” فقال: “أمك”. قال: “ثم من؟” قال: “ثم أمك”. قال: “ثم من؟” قال: “ثم أمك”. قال: “ثم من؟” قال: “ثم أبوك”.
آيات قرآنية تتحدث عن بر الوالدين
القرآن الكريم يحتوي على العديد من الآيات التي تبين فضل بر الوالدين وتحث عليه، ومنها:
- قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا”.
- قال تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
- قال تعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
- قال تعالى: “يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا”.
- قال تعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”.