الذهب
إنّ ما واجهته من أصدقاء وأحباء كثير
وكم من مرة تخليت عني في شدتي
ورغم أنني كنت أعتمد عليهم كسترة وحجاب
فقد هجرتني في أصعب الأوقات
عندما أصبح الإخاء مجرد ثمن لحفنة من التراب
وأولئك الذين كانوا ينصحونني نسوني سريعًا
ومن دون الحاجة إلى ذكر الفروق والنسَب
تعاملوا بثلاثة، ولقد تركوني في حالة الوحدة
وعلمتهم كيف تتحقق الأهداف
لكن عندما اعتمدت على قوتهم، انقلبوا عليّ
لأنني الأصغر فيهم، أصبحوا أحزابًا تتشرذم
بسبب صدقي، ظلمتني كلماتهم
بينما شهدوا على نجاحي وكأنه غدر
حتى النصيحة لم يودوا أن يقدموها لي
طالما كانت العطايا لديهم مرتبطة بالدين والحقوق
والله، لو سألتهم عن ذنبهم، لم يعطوني شيئًا
طالبت بنصيحة، كأنني أستجدي الأعراض
فما بالك بنصيحة أو حتى إذا زوجوني؟
لكنت أكتب لنفسي أحلامي وتراتيبي
ولا أدري إذا كان من يقرؤوني سيقرأوني بصدق
تضاربت الآراء في غيابي
وكم من الناس أرادوا غيري، وكم أرادوا ليّ
أقفلت لنفسي الآمال وبدأت أحلامهم تغمرني
كأنني حبستُ ليلهم في جفوني
فسواء رأوني أم لم يروني، كنت حاضرًا في البال
من حيث لا يحتسبون، وجودي بينهم مثل النار بقراب
وبعضهم زعلوا من بعض عند طرقي
يا ليت كبريائي عيني وأنا في ريعان الشباب
يا للأدب، حتى مؤلفو الشعر تقدّموا ضدي
حتى لو سقط شهاب على نجمه، لا زلت أرفع رأسي
يكفيني أن يحمل اسمي مكانته في قلوبهم
كما قال والدي: عندما تهب، قُل: ما هاب
لو كانوا يقدرونني لقاموا بتقديري
ولا يزال قبري يحتضن رأسي في صبرٍ صعب
طوالما كان هناك من قدرني، فليدفنوني
حتى إن كان ذئب قضم عظمي، كالعظام في عتاب
إذا لم أعلم كيف أُثبت وجودي، سأغيب إلي الأبد
وإذا لم أستطع محو علاماتهم، صرت الأصعب بينهم
جننتهم كطريقة جنوني
فما جئت لأحرق قلوبهم بشعري وكلماتي
حتى صاروا يشعرون بألمي كما شعرت بهم
يا ويلي وجهتم كأنّ الدمع محل ذراعين
لم يجف ولا استحوا من طعني
كلما ظهرت لي صورة غامضة، زادت حيرتي
كان الوحيد الذي يحرك شجوني
أصلي، ذكري، خشوعي، وكتبي
وأمي على سجادة النور تدعوا لي
لتفتح لي باب السعادة والنجاح
تتوسل له أن يكون عونًا لي
بسبب حرصها وعزمها في الدعاء، شعرت بالذوبان
أصبحت تشعر أن زملائي يكرهونني
أخبرتها: يا أمي، معي أصدقائي وإخواني
لا أشعر بالوحدة، من صباح لقب واسع
دعوتهم بالكلمات، أحببتهم وأخذوا بيدي
الله وهبني إخوان وأصهار
منذ أن دخلت عليهم، نمت محبتهم في قلبي
وتعجبتهم بجمالي ولم يكن الأمر مجرد إعجاب
من أسلوبي، وشروحي، وألواني
إذا قلت عن نفسي (بشر) كذبت
وإذا قلت: (دمي من ذهب) صدقوني
وهم لو أرادوا، كانوا زرعوا لي أعشابًا في طريقي
ولكن لو بشّرهم يتشابهون بي، لأصبحوا في مقيد
حتى في زيهم أخذوا يقلدوني
كثيرون دعاوني وأغلقوا الأبواب أمامي
وكم من الأشخاص بكيت لأجلهم، وأصبحوا جزءًا مني
لو طالوا عليّ في هدم مباني وأساسات
يا عزيزي، بودي أعبر لك قبل أن يهدموني
طالما أوجدوا لي عيوبًا وشتائم
ابتعدت عنهم كما ابتعدوا عني
طوالما بقايانا في بعضنا عذابي مذهل
جعلتهم في قسوتي كما رأيتوني
قبل أن تُذبحني، أكون الشاهد على قضيتي
لا تعودت على أن التفت إليه لرؤية غضبه
كل ما زاد غيابي زاد شغفي بوجوده
إذا أتيت، سأرفع الأيدي لتشكرته
ولا لقبلت لي تفضل أو دعوتني للترحاب
ينطوي العذر حين أعود إن لقيت دعوة قد أصحبت
فالإثم لو عدت إن دعوني!
حاول أن تعود لمكانك مطمئنًا.
غدر الخناجر
عفى الله عن ذنوب غدر الخناجر والقلوب الأبطال
سأتركك في الظلام، تخيل أنك في ضياعك
إبقاء الدموع عمل بلا جدوى
لا أحد يحتمل ما سببه لي صبره في ظلام مظلم
يسيء أملاً أن أعود بيدي للعمل
إذا ندمت قلت سأقطع حبالك
كي أكسب تعاطفك، أوجهت الألم
تتسم بالتجاهل، كأنك لا تعرفني
أثمان شرفي كان كمن يتحدث بلا اهتمام
الكثيرون يسيرون بسيرتك الغامطة، وينقصهم التعقل
استمررت في إثراء حياتي، لكن لم ألقَى مما يليق بي
أتحمل الألم لأجل عينيك ولم يقدر ذلك الزمن
كل المعاناة التي تحمّلتها لأجلك لا تعني شيئًا
كيف أنتهي بالتواضع كلما ذُكرت في المناسبات
متى تتذكرني بعد التفاخر على جرح الزمان؟
احذر أو أنذرني أنه احتملة معك على كل حال!
أنا لا أطلب ما هو متاح أدنى من العاطفة
إن صدقك مرة، فلا تتراجع حتى لا يفوتك العطاء
تذكر كم يبني الثقة في النفس، لأجل عينيك
كل شيء تعيشه، يعيش معنا بطيبتي
لا تجعل مدار الشك يتلاعب على سيرتي
إن وعدت في طريقٍ مغطاة بأخطاء كثيرة
فتضيع خطاي، وقد انفتحت مسارات النار والظلال!
الماجد الجميل يستحق ما يزرع النجوم في مشاعره
البديل لا يزيد على غيره الذين يتمنون الفراق.
الأم
قصيدتي تحمل في عينيها جمالها
صاغتها مشاعري في معنى السعادة
كتبتها لأمي، لأنني أصغر أبنائها
خلال غربتي واختفائها لحظاتي
لما دخلت الذي أعدم أن أصبح كل شيء قليل
إذا لم أحكي لها عن حبي، لم يكن قلبي مرتاحًا!
أمي تمتاز بمكانتها في صدري ومكانتها
لا يوجد مثلها بين البشر أجمعين
أغلى شخص في ضوء قلوب الناس
أكثر كرمًا من أي إنسان موجود
تتمنى دوماً لقائي وتجتمع بحضنها
والصدق أبوابها والأشواق بحارها
وأشعر فيما بينها، فلو تاه شعاع القلب يناديها
وإذا طلبتني، دوماً أستجيب لندائها
إن عشت لأجلها، أتحمل التعب والمشقة
وأعيش لأعي جميع ألامها وصدماتها
لا أعاني إلا لأرفع رأسها، استدعي سعادتي جاعلة لها أفضال
وتربية والدي، تعلمني الخير في المعاملة
أتطلع لها، لأني إنسان شغوف بها
لي حياة ستظل مزدهرة بسبب مكرها
والله يعلم مقدار قدرتنا وتحملنا
أرضي الشوق، هي أغلى من كل شيء
يا روحي، يا شمس حياتي الباقية
أسعى لأحقق كل ما يتطلبه الأمر لتحقيقها
هي شجرة ظلها في غربتي وذكراه
من لا يرغب في لقائها، كيف يفكر في قلبي!
هي كل ما أشتاق إليه وما أعيش من أجله
يا أرض عزيزة، لن يمنعني أحد من الذهاب إليها!
أول الغيث
بسم الله الرحمن الرحيم، أول الغيث هم الفرسان
جادت الغيوم بفيضٍ وفاض وارتفعت الجدران
كأن الأرض تنبت مباني وأسوارًا بجمال
كأن السماء تمطر شيوخاً وسلاطينًا على قلب الدار
نوِّر الله على قصر العطاء بإحسانكم
امطري، أيها الغيث، على من كتب لكم الفضل
يا شيخ جابر، يا سليل العطاء والإغاثة
لقد أنتم ويشهد لك الفعل الكريم
وكما حصدت مصاعب وتنقل بين البلدان
أنت فخر لكل أبناء الوطن المترابطين
كيف لم أرَ مثلك في كل زمن مضى!
جمع الله طيب هذه الأرض فيك وحدك
كرم مختار وكريم، وبصيرة ذو جوهر
سبلُ الأمن، تتوجه إليك بأحلام المعادن
مثل الملوك العظماء، أنت مثلهم بل أكثر
لم ترى أعيننا مثلك من قبل
فلتقدّر العطاء كما علمناك أنك تعرف الخير وكانك شجاع
الله يكتب لك النجاح، يا طيب القلب والعقل
لنا وللأرض ماعندنا خلفك شيئ نبحّ به
إن كان بإمكانك توصل الحكمة العظيمة لأرضنا
أنت الأمل، وأنت الوحدة، وأنت العطاء المميز
بهذا المجد، تبقى في الذاكرة عائشة في روحنا
فراق الأكابر
اللهم ثبت العقل، واهد قلوبنا
في حزن لا تنساه القلوب ولا تطاله الأزمان
لبسنا طعونًا تُبرز الألم والشجن
ففي العيون ينعكس كفنان داخل مقابر
نحن نحزن لو فقد شيوخ ازدحموا بالمحبة
كيف لا نحزن على شيخ مثل جابر!
الأغلى عزيز القلب ثمو ينسى حبه العين
عندما تبكي، تتجلى بينهم القيم والنبل
يظهر الطيبة في شموخ الأنساب
حتى لو اتفق الأمر علينا القلوب الشامخة
فقد أكرمتنا بك، فصادق في حبك لك
أننت الدروس لفراق الأكابر
يا سيدي، ماذا نرى كمال طيبتك!
الجريمة
عندما اشتعل في داخلي شعاع الجاهلية
عاتبتني حتى دعوت الله في شراييني ليثبتها
استفزتني وأثرت وجودي بنقم عقلي
وفجأة، ضاقت بي عباراتك المكروسة
فلم يبق لي مكان آخر في حرمك
دمع سيل من محاجر العين ينهمر عندما أتذكرها
والله لم أطمح لغرابتي الفظيعة
لكن هو أبدًا ما تجاوز حدها في غلوائها
فكنت أظن أنني صادق في عتابي
لكن المباحة كانت خطاياها مرضية
لا أريد أن ألام على قسوتي بطيفك
قد قسيت على أحاسيسها، لكن آلامَها تفوق كل شيء
صرعاتها زرعتني بكافة شراييني
ولا شغل ولا عمل منعني من دخول بحور محبتها
والمرة الوحيدة التي أحببت قدرك فيها
لم يفتعل لي أعتاب أو برود الجهل!
فكيف لا تمسح عطفها عندما تدفع لأجل ذاتك
فأعاودها غيابًا، فلا تعود مرة أخرى
بتردد ضمن ذاك المكان المظلم
اهرب لها اتحاشى ذنب ضرّاها
كل ما أمضيت في محاور أرهقتني الهزيم
لم أملك إلا العيد وراء حرائق التخفيض
وأعود لأحثّ في الظلام الهائل هنا!
لأعيش المعاناة
والجريمة كانت لي إنها معاناة أكبر من ألمي.