دموعي تتكرر في أسفار وظلمات
للشاعرة الهيفاء بنت صبيح القضاعية:
أبكي وأبكي في ظلام وإشراق
على شابٍ من قبيلة تغلب، بأسدٍ عتيد
أفخر عليه لكن لا فائدة
إلا معارك الأبطال وأعراقهم
قل للحُجَيب إن الله حماك من إنسانٍ
أنت من تحمل عار الجميع من سام
أَيقتُل ابنُك بعليّ يا ابن فاطمة
ويشرب الماء كأحلامٍ مختلطات
والله لا زلتُ أُبكيه وأندبه
حتى يأتيك أخوالي وأعمامي
بسمرٍ يتسم بشموخ الكعب
وبكل أَبيضٍ صافٍ كالماء العذب
البعد يعوضني عن قربه
للشاعر ابن سناء الملك:
عوضني البعد عن قربه
ومن سهر معي أنا في سباتٍ
إني من ذكراه في جنانٍ
ومن دمعي بعده في أنهارٍ
بين حزني وجماله اليوسفي
للشاعر ابن الساعاتي:
بين حزني وجماله اليوسفي
نسبٌ كالصباح لا يستأذن
لم تنسَ عينيه نظرته الغادرة
التي لم تبق من صبر الوفي
بابلي العيون ترتوي من غليل
من شدة شغفه به من فمه
يتألم من دقة الخصم بينما
الضعيف يشكو جور القوي
أيها الحزينة من ضاحكٍ وشجي
بخليلٍ ومحسنٍ بمسألة
وغني الهوى فقيرٌ من الأمل
فمن العجب أن يكون الفقير غنيًا
لن يجيب النداء إلا بهاء الدين
ترب الندى هلال الندى
ذي نجارٍ ينزل مدحنا
العلوي عن مثله في المجد
وثناءٍ يزين المظاهر والمال
وعرضٌ يسقط على المندلي
قائلٌ فاعلٌ وتلك خصالٌ
كانت في السابق في النبي
صادق الوعد ثابت العهد ساري
الذكر ثابت الحياء غزير الحبي
فله دون وفده يقظة اليقظ
فيه أو هزة المشرفي
حزب الحزن
للشاعر نزار قباني:
إذا كان الوطن منفياً مثلي
يفكر في شراشف أمه البيضاء مثلي
وفي بقعة البيت السوداء، مثلي
إذا كان الوطن ممنوعاً من الكتابة مثلي
ومن الثقافة مثلي
فلماذا لا يدخل إلى المصحة التي نحن فيها
لماذا لا يكون عضواً في حزب الحزن
الذي يضم مئة مليون عربي
عندما يرحل القلب
للشاعر عبد الرحمن العشماوي:
رحلت؟ كلا، ولكن قلبي ارتحل
فمن يقول إذا أقبلت حيهلا؟
ومن يسافر في قلبي يرى أملاً
عذبا ويبصر في أطرافه أملاً؟
ومن يصفف شعر الليل، لا رقصت
نجومه بعد غيابنا ولا احتفلت؟
ومن يتحدث ضوء البدر بأغنية
كنا نكتمها عن الآخرين خجلاً؟
ومن يطمئن نفسي بعد وحشتها
ومن يجفف دمعي بعد انهماله؟
ومن يعيد لي صبري كرامته
بعد أن تضيق عن جراحي وما احتمل؟
رحلت؟ كلا، ولكن بسمتي رحلت
وكل ما يجلب الأفراح لي رحل
كم من شجن في قلبي لأجلك
للشاعر ابن علوي الحداد:
كم من شجن في قلبي لأجلك
يا مصدر الروح والجسد
ما طوا في اليوم في المحن
واغتراب النفس في الوطن
غير شوقي ولهفي إليك
يا روح الحياة ويا زهرة
صار عقلي فيك كالمجنون
وتلوى بالأسى زمني
غبت عني يا مدي أملي
فامتلى قلبي من الوجل
وجرى دمعي من المقل
كالمطر الهاطل من السماء
يا عذيب اللفظ والشجن
أنت ما ترثي لمكتئب
ذائب الأحشاء من اللهب
هو والأسقام في زمان
يا جميل الحلية والحلل
ولطيف الدلال والقبل
أنت ترياقي من الآلام
ومن المآسي والمحن
يا غزال الكثيب والخيم
عن يمين الضال والسلم
هل تواصلون دائم الألم
أنا مشغول ببعيدكم
لقاؤكم أقصى مطالبي
واللقاء ألم مآربي
بين الأنين وغلظة الذكرى
للشاعر مصطفى التل:
بين الأنين وغلظة الذكرى
أبعد عمراً ينقضي عمرًا
وانفض يديك من الحياة، إذا
يوماً أطقت عن الهوى صبرًا
ما قيمة الدنيا وزخرفها
إن كان قلبك كالصخر القاسي
نغض إذا حيت أنيسة
ويهشُّ إن نظرت له شزراً
وضلوعه قفراء موحشة
تتجشأ الكفران والغدر
فكأنه وكأنها شبح
قبرٌ يلوك بشدقه قبراً
هل نفرت ظبيّات وادي السير
من سربكن الظبية السمراء
فهي التي خطّت أناملها
في سفر حبي آية غرا
وتلت عليّ من الهوى سورًا
رتلتها مترنماً شعراً
ومضيت أسأل كل فاتنة
كرماً وجوداً نظرة شزرًا
ونشرت أحلامي وقلت لها
في نفسك ويحك البشرى
بكت مثلما أبكي وفاضت دموعها
للشاعر القاضي الفاضل:
بكت مثلما أبكي وفاضت دموعها
ولم تكشف أسرارًا كفيض دموعي
إشارة مظلوم وعبرة عاشق
وغصة ما بين مأسور ولون مفزع
أقامت إلى بحر الظلام أسنّةً
فلم تلقاها إلا بخلع دروع
عجبت لها والليل مملوء بنورها
وما منه بل منها مسيلٌ نجيع
كيف تأوبتني الأحزان والسهر
للشاعرة الخنساء:
كيف تأوبتني الأحزان والسهر
فالعين مني هدوء دمعها درر
تُبكي لصخر وقد راب الزمان به
إذ غاله حدث الأيام والقدر
سمحٌ خلقه جزيلٌ عطاؤه
وفي الذمام إذا ما مَعشرٌ غدروا
مأوى الضرير ومأوى كل أرملة
عند المحول إذا ما هبت القرر
ما بارز القرن يوماً عند معركةٍ
إلا له يومٌ تَسمو الكرة انتصار
هل يأس الكبير بالأطلال
للشاعر الأعشى:
ما بكاء الكبير بالأطلال
وسؤالي فهل ترد على سؤالي
دمنةٌ قفراء تعاورها الصيادان
بريحين من صبا وشمال
لا تهنَا ذكرى جبيرة أو من
جاء منها بطائف الأهوال
حلَّ أهلي بعقر الغميس فبادوا
لي وحَلَّت علويّة بالسخال
ترتع السَفح فالكثيب فذاكا
فَروض القهط فذات الرِئال
ربّ خرقٍ من دونها يُخرس السفن
وميلٍ يُفضي إلى أميال
وسقاءٍ يوكى على تأق الملال
وسيرٍ ومُستقى أوجال
واددلاجٍ بعد المنام وهجاء
وقفّ وسابسٍ ورمال
وقليبٍ أجني كأن من الري
شِ بأرجائه لقط نبال
فلئن شط بي المزار لقد أغدو
قليلاً همومي نافذ بال
إذ هي الهم والحادث وإذا
سأجيب إلي الأمير ذا الأقوال
عتاب ووعيد
للشاعر عبد الله البردوني:
لماذا لي الجوع والقصف لك؟
يناشدني الجوع أن أسألك
وأغرس حقلي فتجنيه أنت؛
وتسكر من عرقي منجلك
لماذا؟ وفي قبضتيك الكنود؛
تمدّ إلى لقمتي أنملك
وتقتات جوعي وتدعى النزيه؛
وهل أصبح اللص يوماً ملكًا؟
لماذا تسود على شقوتي؟
أجب عن سؤالي وإن أخجلك
ولو لم تجب فسكوت الجواب ضجيج.. يردد ما أنذل!
لماذا تدوس حشاي الجريح؛
وفيه الحنان الذي دلّلك
ودمعي؛ ودمعي سقاك الرحيق
أتذكر “يا نذل” كم أثملك!
فما كان أجهلني بالمصير
وأنت لك الويل ما أجهلك!
غدًا سوف تعرفني من أنا
ويسلبك النبل من نبلك
ففي أضلعي، في دمي غضبة
إذا عصفت أطفأت مشعلك
غدا سوف تلعنك الذكريات
ويلعن ماضيك مستقبلُك
ويرتد آخرك المستكين
بآثامه يزدري أولك
ويستفسر الإثم: أين الأثيم؟
وكيف انتهى؟ أي درب سلك؟
غدًا لا تقل “تبت”: لا تعتذر
تحسر هنا على مألك
ولا: لا تقل: أين مني غد؟
فلا لم تسمّر يداك الفلك
غدًا لن أصفّق لركب الظلام
سأهتف: يا فجر: ما أجملك!
حزنت لما أتاها أنني
للشاعر الواساني:
حزنت لما أتاها أنني
في ليالي صوفرٍ ضيعت مالي
فقضت ليلتها ساهرةً
تسأل الرحمن أن يصلح حالي
وتلاقينا على موعدنا
كخيالٍ في الدجى إيلاف خيال
وتشاكينا فماذا سمعت؟
إن لليأس ملماتٍ ببالي
نزعت من جيدها العقد وقالت
خذ وبعه غاليًا أو غير غال
وجرى الدمع على حباته
كاللآلي ذوبت فوق اللآلي
ويح صدري كم تلقى في الهوى
من نصالٍ وقعت فوق نصالِ
يا ثريا جنبي عقدك عني
إن ذلي في الهوى أعصى مالِ
يا ثريا كلما كنت معي
فأنا في الناس من أغنى الرجال
ارجعي العقد إلى الجيد فإن عيني
لا تحب الجيد إلا وهو حالِ
إن ترومي عزلتي عن صوفرٍ
::: فاجعلي موعدنا كل الليالي
وقالوا إلا تبكِ وتلك مطيهم
للشاعر ابن بقي القرطبي:
وقالوا إلا تبكي وتلك مطيهم
على الشهب تحمل الأوانس كالدمى
أأن نفدت مني الدموع يغمرون
وقالوا سلا أو لم يكن مغرمًا قبل
فهلا أقاموا كالبكاء تنهدي
إذ مما بكى القمري قالوا ترنما
نأوا بصمت الحجل عاطرة الشذا
بمبتلة الأعطاف معسولة اللمى
الا نظرة منها فتنتفع غلة
على كبدي ما أشبه الشوق بالظما