المرض
تتجلى لنا حقيقة ضعف الإنسانية من خلال تلك اللحظات القاسية التي نغمر فيها بالأسى، حيث تكفي شوكة صغيرة لتُشعرنا بالألم. فنتساءل في خضم هذه المعاناة: هل سيتلاشى هذا المرض بسرعة أم سيظل عالقاً بنا؟ إن مفهوم المرض بحد ذاته قد يكون حافزاً لنا للسعي نحو الأفضل، أو قد يدفعنا للانكماش والتراجع. فكل ما يحدث لنا هو من عند الله ولنا. حتى الشعراء، بعبقريتهم، وصفوا المرض بأنه فترة مظلمة وفترة طويلة من المعاناة بلا نهاية.
قصيدة عن المرض
يا عين، أين النوم وأنتِ حزينة،
أين السعادة؟ أين السعادة؟
هلي دموعك في هدوء وسكينة،
وإن زادت دموعك لأجله، خذيها عادة.
عندما وصلتني الرسائل بالغبينة،
قالوا: مريض وبالعناية رقادة،
حبيبك الذي بالوفا خابرينه،
أصبح طريح الفراش والوسادة.
ضيقت أيامي، وعفت المدينة،
ونار الفؤاد تشتعل في زيادة.
أحزان قلبي زادت في أنين،
الله أكبر، انظر إلى حالتي فإني أُبكى.
قبل يومين كنا معاً، عيني بعينه،
ويقول: عمري معك حقق مراده.
حبك في يدي كالأمانة،
أحافظه في قلبي، ولله أُبيد.
واليوم/ يتجلى في وسط غرفه وشينه،
يُرثى لحاله، والدوا لا يُجدي.
وهمومي في صدري دفينة،
أقضي دقائق ليلتي في نكاد.
ضاع الفكر والصبر، أين أنتِ، وأين؟
أظلم نهاري بعد أن غطاه السواد.
أسمع صوتي والعرب سامعة،
جمر الفرح قد خمد وبقي رماده.
عمري بدونه كالصيف الناقص،
أرى من الأفضل أن أطلب الشهادة بعده.
لكن، يا ربي، أدعوك أن تعينه،
أرجوك أن يستفيد من دعائي.
يا رب، عبدك رافع لك يديه،
يطلبك وانت المعتمد عليه.
يا الله، اشفِ من قلبه ظنينة،
وَهيّئ له، يارب، لباس العافية.
وصف الجواهري للمرض
وملني الفراش، وكان جنبي،
يتملل من زيارتي كل عام،
عليل الجسم، ممتنع القيام،
شديد السكر من دون المدام،
وزائرتي، كأن بها حياء،
فلا تزور إلا في الظلام.
بذلت لها المطارف والحشايا،
فرفضتها وباتت في عظامي.
يضيق الجلد عن نفسي وعنها،
فتوسعه بأنواع السقام.
أراقب وقتها من غير شوق،
كالمشتاق إلى ما هو محبب.
وعدها صادق، والصادق هو الشر،
إذا أوقعك في كرب العميق.
أنت زائرة الدهر، فكيف وصلت من الزحام؟
جرحتِ خير جارح، ولم يبقَ فيه،
موضع للسيوف ولا للسهام.
يقول لي الطبيب: كلت شيئاً،
وداؤك في طعامك والمحتاج.
وما في دوائه أني جواد،
أضر بجسمي طول الانتظار.
فإن مرضتُ فما مرض صبري،
وإن تساقطت، فما تزعزعت عزيمتي.
أشعار عن المرض
ما كنت ممن يدخل العشق قلبه،
لكن، من يبصر جفونك يعشق.
أغرّك مني أن حبك قاتلي،
وأنك، مهما تأمري، القلب يفعل.
يهوىك ما عشتِ القلب، فإن اُمتِ،
يتبع صداي صداك في القبور.
أنت النعيم لقلبي، والعذاب له،
فما أمرّك في قلبي وأحلاك.
وعجبي لموت المحبين في الهوى،
لكن، بقاء العاشقين عجيب.
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي،
دبيب دم الحياة إلى عروقي.
خليلَي، فيما عشتما، هل رأيتما،
قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي؟
لو كان قلبي معي، ما اخترت غيرك،
ولا رضيت سواك في الهوى بديلاً.
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة،
ليعلم ما يلقى المحب من الهجر.
عيناك نازلتا القلوب، فكلها،
إما جريح أو مصاب المقتل.
وإني لأهوى النوم في غير حينه،
لعل لقاء في المنام يكون.
ولولا الهوى، ما ذلّ في الأرض عاشق،
لكن عزيز العاشقين ذليل.
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى،
ما الحب إلا للحبيب الأول.
شعر إبراهيم بن قادر الرياحي عن المرض
ويشفي شفاء؛ ثم فيه شفاء،
وننزل يشفيني هدىً وشفاء.
فذي ست آيات إذا ما كتبتها،
لذي مرض مضنى، فهن شفاء.
يا رحيماً بالمؤمنين، إذا ما،
ذهلت عن أبنائها الرحماء.
يا إلهي، وأنت نعم اللجاء،
عافنا واشفنا، فمنك الشفاء.
إن هذا الطاعون نار تلهب،
لقلوب التوحيد منها اصطلا.
كم جموع تمزقت، وقلوب،
وسرور طارت به العنقاء.
ودموع كالدر تُنثر نثراً،
في خدود توردهن دماء.
ووجوه مثل الشمس توارت،
لو تراها إذا ازيل الغطاء.
أُكرمت بالتراب فراشاً، وكانت،
ربما ضرها الهواء والماء.
ذاك من ذنبنا العظيم، كما قد،
جاءنا عن نبينا الأنباء.
يغضب الله بالذنوب فتسطو،
حين تطغى بوخزها الأعداء.
هو لا شك رحمة، غير أننا،
يا قوي، عن حملها ضعفاء.
كم وكم رحمة لديك وتُعطي،
ها بلا محنة، إذا ما تشاء.
ربنا، ربنا إليك التجأنا،
ما لنا ربنا سواك التجاء.
بافتقار منا، وذل أتينا،
ما لنا عزة ولا استغناء.
نقرع الباب بالدعاء ونرجو،
فلنعم الدعاء ونعم الرجاء.
أبقي، يا ربنا، علينا ودارك،
باقياً قبل أن يعم الفناء.
لم نكن دون قوم يونس، لما،
آمنوا حين بالتمتع باؤوا.
قد كشفت العذاب عنهم،
لحين ثم ماتوا، وما لخلق بقاء.
ولنا سيد الأنام رسول،
دون الأنبياء والشفعاء.
ولنا عند ربنا قدم الصدق،
ونحن الخيار والشهداء.
والكتاب العزيز نور مبين،
بيننا تنجلي به الظلماء.
ولو أن العصاة فينا، فمنّا،
من إذا ما دعوا، أُجيب الدعاء.
ربنا، جاء من نبيك وعد،
في حديث رواة أمنا.
ارحموا من في الأرض، يرحمكم الله،
تعالى وتُرحَمِ الرحماء.
فلأنت الأولى بذلك، فارحم،
رحمة تنتفي بها البلاء.
فلقد زاغت البصائر منه،
وعيون الورى به عمياء.
ما للذي الحلم عنده من ثبات،
لا ولا صابر لديه عزاء.
ضاق أمر الورى، وأنت المرجى،
وسطا ذا الوباء وعز الدواء.
والكتاب العزيز بشر باليسر،
في عسرنا ومنك الوفاء.
وكفانا، سيجعل الله يسراً،
بعد عسر والوعد منك لقاؤك.
فجدير أن يأتي اليسر فوراً،
وحقيق أن تذهب البأساء.
وصلاة الإله ثم سلام،
للإمام الذي به الاقتداء.
أحمد المصطفى الشفيع، إذا ما،
قال: كل نفسي وإني براء.
إذا يقول الرسول والحمد شغل،
فيُنادى لك الهناء والرخاء.
يا له موقفاً عزيزاً تجلّت،
عن جميع الورى به الضراء.
ورضاه الأتم يُهدى لصحب،
بعد آل ومن حواه العباء.
ولكل الأتباع في كل قرن،
ما له بانقضاء الزمان انقضاء.
أيها المؤمنون، توبوا جميعاً،
أيها الناس، أنتم الفقراء.