أحمد شوقي
اختلاف النهار والليل يُنسى،
اذكر لي الصبا وأيام أُنسِي.
وصف لي ملاوةً من شبابٍ،
صوِّرت من تصوُّراتٍ وممس.
عصفت كالصبا العليل ومرت،
سنةً حلوة، ولذة خلس.
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها،
أو أسا جرحه الزمان المؤسّي؟
كلما مرت الليالي عليه،
رقَّ والعهد في الليالي تقسي.
مستطارٌ إذا البواخر رنَّتْ،
أول الليل، أو عوت بعد جرس.
راهبٌ في الضلوع للسفن فطْن،
كلما ثُرْنَ شاعهن بنقس.
وطني لو شغلت بالخلد عنه،
نازعتني إليه في الخلد نفسي.
وهفا بالفؤاد في سلسبيل،
ظمأ للسواد من (عين شمس).
شهد الله لم يغب عن جفوني،
شخصه ساعةً ولم يخل حسي.
رفاعة الطهطاوي
يا صاح، حب الوطن،
حلية كل فطِن.
محبة الأوطان،
من شعاب الإيمان.
في أفخر الأديان،
آية كل مؤمن.
يا صاح، حب الوطن،
حلية كل فطن.
مساقط الرؤوس،
تَلذُّ للنفوس.
تُذهب كل بؤس،
عنا وكل حرن.
إيليا أبو ماضي
وطن النجوم… أنا هنا،
حدّق… أتذكر من أنا؟
ألمحت في الماضي البعيد،
فتى غريراً أرعنا؟
جذلان يمرح في حقولك،
كالنسيم مدندنا.
المقتنى المملوك ملعبه،
وغير المقتنى!
يتسلّق الأشجار بلا ضجر،
يحسّ ولا ونى.
ويعود بالأغصان يبريها،
سيوفاً أو قنا.
و يخوض في وحل الشتاء،
متهلّلاً متيمّنا.
لا يتّقي شرّ العيون،
ولا يخاف الألسِنة.
معروف الرصافي
لقد سمعوا من الوطن الأنين،
فضجوا بالبكاء له حنيناً.
وأنبأه بصارمه اليقين،
جميعاً للدفاع مسلّحينا.
وثاروا من مرابضهم أسوداً،
بصوت الاتحاد مزمجرين.
شبابٌ كالصوارم في مضاء،
يُروْن وكالشموس منوِّرين.
سلانيك الفتاة حوت ثراءً،
بهم فقضت عن الوطن الديون.
لقد جمعوا الجموع فمن نصارى،
ومن هود هناك ومسلمينا.
فكانوا الجيش ألف من جنود،
مجندة ومتعاطفين.
وشاهت أوجه المتمردين،
وما هم فيه متحدين دينا.
ابن الرومي
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَهُ،
وألا أرى غيري له الدهر مالكًا.
عهِدتُ به شرخ الشباب ونعمةً،
كنعمة قومٍ أصبحوا في ظلالكَ.
فقد ألفتْه النفسُ حتى كأنه،
لها جسدٌ إن بان غودِرْتُ هالكًا.
وحبَّب أوطان الرجال إليهم،
مآرب قضّاها الشباب هناكَ.
إذا ذكروا أوطانهم ذكّرته،
عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلك.
وقد ضامني فيه لئيمٌ وعزّني،
وها أنا منه مُعصمٌ بحبالكَ.
وأحدث أحداثًا أضرّت بمنزلي،
يريغُ إلى بيعَيْهِ منه المسالكا.
وراغمني فيما أتى من ظلمتي،
وقال ليجهد فيّ جهدَ احتياالك.
فما هو إلا نسجك الشعرَ سادِرًا،
وما الشعر إلا ظلة من ضلالكَ.
مقالة وغدٍ مثله قال مثلها،
وما زال قويًا خلافَ مقالك.