السياق التاريخي لنزول سورة البروج
أنزل الله -عز وجل- سورة البروج لتقديم العزاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- في مواجهة الإيذاء الذي تعرضوا له من قِبل الكافرين. تبرز السورة الدروس المستفادة من معاناة المؤمنين، موضحة أن ما أقدمت عليه قريش من أذى للمؤمنين ورفض لدين الله -عز وجل- ليس بالأمر الجديد، فقد شهدت الأمم السابقة حالات مشابهة من الكفر والمعاناة.
تتضمن السورة سردًا لقصة أصحاب الأخدود، الذين شهدوا فصولًا من الألم والفتنة في دينهم. فقد قادهم الملك ذي نواس، المعروف باسم زرعة بن تبان أسعد الحميري، إلى خيار صعب: إما التخلي عن إيمانهم أو مواجهة الموت حرقًا. ورغم قسوة هذا التخيير، بقي المؤمنون ثابتين على إيمانهم، فقام جنود الملك بحفر أخدود وإضرام النار فيه، وألقوا هؤلاء المؤمنين فيه حتى استشهدوا بسبب تمسكهم بدينهم.
ترتيب نزول سورة البروج
تعتبر سورة البروج من السور المكية، حيث نزلت بعد سورة الشمس التي تناولت مسائل متعددة بما في ذلك عواقب الظلم والطغيان. تشير السورة إلى الصراع بين المؤمنين والكافرين، إذ يبرز فيها كيف اختار بعض الناس التمسك بدين الحق، بينما انجرف آخرون في الغي والضلال، ممارسين الأذى ضد الدعاة المؤمنين بسبب جهلهم وحقدهم.
ثم جاء نزول سورة البروج ليفصل مصير الطغاة الذين يعارضون الدعوة الإلهية، مثل الملك الذي عذب أصحاب الأخدود، بالإضافة إلى ذكر فرعون وثمود. تلتها سورة التين، التي أكدت على يوم الحساب الذي يُحاسَب فيه الظالمون على أفعالهم، ويتم إنصاف المظلومين.
مكان نزول سورة البروج
تعد سورة البروج من السور المكية، وتحتوي على اثنتين وعشرين آية، تشتمل على مئة وتسعة كلمات و465 حرفًا. في سياق ترتيبها الزمني لنزول السور في القرآن الكريم، تأتي في المرتبة السابعة والعشرين. اُشتُق اسم سورة البروج من الافتتاح بالقسم بالسماء ذات البروج، مما يشير إلى منازل الكواكب وأماكنها في الفضاء.
الدروس المستفادة من سورة البروج
تتضمن سورة البروج العديد من العبر والنصائح، منها:
- تسليط الضوء على عظمة الله -عز وجل- وكمال صفاته.
- تحديد مصير المؤمنين الذين اتبعوا دين الحق، حيث بشروا بالجنة، بينما يعاني الكافرون من الهلاك وعذاب الآخرة.
- إبادة الأمم الطاغية التي تمارس الفتنة ضد المؤمنين هي عقوبة إلهية حتمية.
- رفعة القرآن الكريم كونه كلام الله -عز وجل- وما يحمله من مضامين سامية.
أنزل الله -عز وجل- سورة البروج لتخفيف الأعباء عن رسول الله وأصحابه إزاء معاناتهم نتيجة العداء من الكفار. تروي السورة قصة أصحاب الأخدود الذين صمدوا رغم الفتنة، وقد نزلت هذه السورة في مكة بعد سورة الشمس وقبل سورة التين، مبرزةً توعّد الله -عز وجل- للأمم الظالمة بالإبادة والدمار.