تُعد قضية المعرفة الإنسانية من الموضوعات الجوهرية في الفلسفة، فما المقصود بالبراغماتية والوجودية؟ يشير النقاش حول المعرفة إلى تباين الآراء حول مصادرها؛ إذ يرى البعض أن البراغماتية هي أساس المعرفة، بينما يرى آخرون أن الوجودية تمثل المصدر الحقيقي للمعرفة. وبالتالي، سنقوم من خلال هذا الموقع بتقديم مقارنة شاملة بين كل من البراغماتية والوجودية.
تعريف البراغماتية
ثمة وجهات نظر تشدد على أن البراغماتية، التي تُعتبر نزعة فلسفية تُعلي من شأن النتائج العملية في مجال المعرفة، تشكل قاعدةً للمعرفة. من الناحية الأخرى، تعتبر الوجودية، التي تُعبر عن القيم الإنسانية كجوهرها، أساسًا للمعرفة الحقيقية. وفي هذا السياق، يحق لنا طرح تساؤلات مثل: ما الفروقات الجوهرية بين هذين الاتجاهين؟ وما الذي يميز البراغماتية عن الوجودية؟
عند دراسة هذين الاتجاهين، نجد فروقًا جوهرية تتضح في العديد من النقاط. فبينما تُعد البراغماتية تيارًا فلسفيًا يُشدد على أهمية تحقيق المعرفة من خلال التجربة العملية، تركز الوجودية على فهم الذات الإنسانية كجزء من معرفتنا بالعالم.
تعتمد البراغماتية على مقاربة تدعو إلى التركيز على العمل بدلاً من الفكر، وذلك استجابة لمتطلبات الحياة وتطلعات المستقبل. بينما تركز الوجودية على أهمية الفرد كمشروع حي، حيث تُدرك المعرفة من خلال استكشاف عمق الذات. كما يستند البراغماتيون إلى معايير تشمل (الصدق، العمل، النهج، المنفعة) كأسس للمعرفة.
تعريف الوجودية
في المقابل، يقوم الفلاسفة الوجوديون بتصنيف معايير المعرفة بناءً على (الوجود لذاته في ذاته، الشعور أو الحدس، وغيرها). ويعتبرون أن البراغماتية تقيس المعرفة وفق معيار العمل الكفيل بإنتاج النتائج. أي أن الفكرة تمثل خطة عمل وليست مجرد معرفة كما في حالة الوجودية، إذ تركز هذه الأخيرة على الشخص بوصفه موجودًا حسيًا وليس مجرد فكرة تجريدية.
من جانب آخر، يؤكد البراغماتيون على أن أي فكرة أو بحث لا يمكن أن تلبي معايير مشروعات عملية يمكن أن تُحدث تأثير علمي نافع يُعتبر بمثابة أسطورة تُشبه الخطب التي تفتقر إلى المعنى.
أما المبادئ التي تستند إليها الوجودية فتفترض أن “الوجود يسبق الماهية”، حيث تشدد على أن الوجود الحقيقي لا يتجلى في وجود الأشياء التي لا قيم لها، بل في الوجود الإنساني الذي نختبره ونعيشه بشكل ملموس.
مقارنة بين البراغماتية والوجودية
عند محاولة تسليط الضوء على أوجه التشابه بين البراغماتية والوجودية، نجد نوعًا من التقارب في بعض النقاط. فقد نتج عن البحث المستمر للإنسان عن أسرار محيطه، الذي يشكل مصدر المعرفة الإنسانية، تكامل بين الفلسفتين. حيث يسعى كلاهما إلى تقديم حقائق نسبية بدلاً من مطلقة.
كما أن كلا الفلسفتين مهتمتان بفهم المعرفة والوعي حول هذا الكون، مع ممارسة النشاط الفكري بهدف محدد. وكلاهما يمثلان مصدرًا للحقيقة، ويعكسان إرادة ودافع الإنسان في مواجهة التحديات.
في هذه المقالة، قمنا بمقارنة بين الفلسفتين البراغماتية والوجودية، من خلال إبراز نقاط التشابه والاختلاف، بالإضافة إلى استكشاف كيفية تفسير كل منهما للوجود الإنساني والصراع القائم بينهما حول ما هو أساس المعرفة الحقيقية.