أحكام صلاة القصر وكيفية أدائها في السفر

أحكام صلاة القصر

تعتبر صلاة القصر من السنن المؤكدة للمسافر، حيث يُستحب له عند السفر أن يُقصر الصلاة ولا يُكملها إلا لسبب. يُصرّح الشافعية والحنابلة بجواز الإتمام، بينما يُعدّ الحنفية القصر واجبًا وليس جائزًا. في نظرهم، القصر يعادل السنة المؤكدة، ويستحب للمسافر عدم الإتمام. وإذا صلّى الصلاة كاملة فتكون صحيحة، لكنه يُعتبر مُسيئًا إذ ترك الجلوس الأول، كونه فرضًا في حقه. أما المالكية، فيرون أن القصر من السنن المؤكدة، وهو أرجح من صلاة الجماعة، وتركه لا يُعد إثمًا، لكن يفقد المُسافر ثواب السنة. بذلك، يعتبر القصر رخصة جائزة حسب معظم المالكية والشافعية والحنابلة، بينما يُعتبره الحنفية عزيمة واجبة تحظر الإتمام.

شروط قصر الصلاة

تقتصر الصلوات التي يمكن قصرها على الصلوات الرباعية، وهي: الظهر، العصر، والعشاء، ولا يُعمل بقصر في صلاتي الفجر والمغرب. هناك عدة شروط لقصر الصلاة، وهي كما يلي:

  • مسافة السفر: لم يُحدد الشرع مسافة معينة للقصر، لكن بعض الفقهاء يقدرونها بمسافة يومين أو ما يعادل ثمانين كيلومتراً، وهو الرأي الأكثر شيوعًا بين المالكية والشافعية والحنابلة. ويرى آخرون أنها قد تمتد لثلاثة أيام، بينما يعتبرا البعض الآخر بأنه لا حد لمسافة سفر؛ فكلما جاز أن يُطلق عليه لفظ السفر في العرف فهو مُعتبر سفرًا يبيح القصر.
  • أن يكون السفر مباحًا: لا يجوز القصر في السفر الذي يُقصد به المعصية، لكن المالكية والشافعية أباحا القصر في السفر المكروه، بينما حظر ذلك الحنابلة.
  • مغادرة المسافر لبيوت قريته: وفقًا للآية الكريمة: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ). يجب بدء السفر فعليًا ليكون المسافر مُعتبرًا ضاربًا في الأرض، كما يوضح فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عند صلاة الظهر في المدينة أربعًا، وفي ذي الحليفة ركعتين. ويشترط أن يكون قد تجاوز بيوت قريته، ويكون هذا بمغادرة خيام القبيلة في حالة البادية، وفي حالة الجبل بمغادرة مكان إقامته، بينما يبدأ القصر عند الخروج من السفينة في البحر.
  • عدم حضور الصلاة في الحضر: إذا حضرته الصلاة بينما كان في الحضر فيجب عليه الإتمام.
  • عدم الاقتداء بمقيم: على المسافر الذي يقتدي بمقيم أن يُتم صلاته.
  • سماحية مدة الإقامة للقصر: سيتم توضيح فترة الإقامة المسموح بها لاحقًا عبر الفقهاء.
  • نية السفر: يجب أن تكون هناك اتجاه أو خطة محددة للسفر.
  • استقلال الرأي: يُحظر القصر على المسافر التابع لغيره، مثل الزوجة أو الجندي، إذا لم يعرف وجهته.
  • نية القصر عند إحرام الصلاة: هذا شرط مهم بحسب الشافعية والحنابلة، بينما يكتفي الحنفية بنيّة السفر قبل الصلاة.
  • بلوغ السن: يُعتبر هذا شرطًا عند الحنفية بينما يُقبل القصر للصبيّ عند الجُمهور.
  • استمرار السفر منذ بداية وقت الصلاة حتى آخره، وهو شرط بحسب الشافعية.

مدة قصر الصلاة أثناء السفر

تعددت آراء العلماء في المدة التي يسمح خلالها للمسافر بقصر الصلاة، وهي كالتالي:

  • رأي المالكية والشافعية: يرى هذان المذهبان أن المسافر يمكنه قصر الصلاة إذا نوى الإقامة لأربعة أيام أو أقل، وإذا كانت نية الإقامة أكثر من ذلك، فعليه أن يُتم الصلاة كاملة من اليوم الأول.
  • رأي الحنفية: يُمكن للمسافر قصر الصلاة إذا أقام في بلد مدة خمسة عشر يوماً أو أقل، وإذا نوى أكثر من ذلك فعليه الإتمام، ويُستدل على ذلك بقاعدة مُدة الطهر للمرأة حيث يُعود الشخص بعد هذه المدد إلى الأصل. وإذا لم يكن متأكدًا من مدة سفره، يستمر في القصر حتى لو طالت المدة لسنوات، خلافًا للشافعية الذين قيدوه بثمانية عشر يوماً، غير يومي الدخول والخروج.
  • رأي الحنابلة: يدلّ بعض الحنابلة على أن المسافر يجب عليه الإتمام إذا نوى الإقامة أربعة أيام.
  • رأي ابن تيمية: يرى ابن تيمية أن المسافر يستمر في قصر الصلاة ما دام مسافرًا حتى يعود.

الحالات التي يمتنع فيها القصر

هناك عدة حالات حيث لا يجوز للمسافر قصر الصلاة وفقًا للفقهاء، وهي كما يلي:

  • الحنفية: لا يسمح لهم بالقصر إذا نوى الإقامة نصف شهر في بلد واحد مع العودة لوطنه، وعند الاقتداء بمقيم، وعدم الاستقلال بالرأي، أو عدم الاتجاه لهدف معين، وأي نية للعودة، حتى لو لم يرجع.
  • المالكية: تمنع القصر عند دخول المسافر إلى البلد الذي ينوي العودة إليه، حتى لو لم يكن موطنه، أو العودة إلى موطنه الأصلي، أو المرور بموطنه، وكذلك عند نية الإقامة أربعة أيام.
  • الشافعية: يمنع القصر عند الاقتداء بمقيم، أو بشخص غير مُتاكد من سفره، وعند عدم وجود جهة معينة للسفر، وعدم الاستقلال بالرأي، أو إذا كان السفر في معصية، وعند انقطاع السفر أثناء الصلاة، وعدم نيّة القصر عند الإحرام.
  • الحنابلة: يُمنع القصر عند المرور بمسكنه، أو بلد له فيها زوجة، أو بلد تزوج فيه، أو عند الإحرام كمقيم ثم السفر، أو إذا دخل عليه وقت الصلاة وهو في الحضر، أو أحرم في سفر ثم أقام، أو إذا أراد قضاء صلاة نسيها في الحضر أثناء السفر، أو عند الاقتداء بمقيم أو المشكوك في سفره. كما يجب عليه إعادتها كاملة إذا أحرم بالصلاة ثم قطعها لسبب وكان قد نواها تامة بعد الاقتداء بمقيم، بالإضافة إلى حال تركه الصلاة عمدًا في السفر بعد خروج وقتها، فيلزم عليه الإتمام، وأيضًا إذا أظهر عزمه على تغيير نيته في السفر من طاعة إلى معصية، أو تاب في السفر من نية السفر المعصية، أو نوى الإتمام عند بدء الصلاة، أو نوى إقامة مطلقة في البلد المراد السفر إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top