ما هو الفرق بين الاتساق والانسجام في لسانيات النص؟ وما هي الأدوات المستخدمة من قبل علماء النص في كل منهما؟ يُعتبر الاتساق والانسجام من العناصر الأساسية التي تساهم في تماسك النص على المستوى الهيكلي، حيث يتعاون الانسجام النصي مع الاتساق النصي لتحقيق تماسك النص بالكامل. في هذا المقال، سنستعرض الفروق بين مفهومي الاتساق والانسجام في مجال لسانيات النص.
الفرق بين الاتساق والانسجام في لسانيات النص
يختلط على العديد من علماء النص مفهوم الاتساق والانسجام نظرًا لتداخل هذين المفهومين ودورهما الفعال في تعزيز التماسك الشامل للنص. ومع ذلك، هناك اختلافات واضحة بينهما من حيث التعريف والأدوات المستخدمة. دعونا نتناول الفروق بين الاتساق والانسجام في سياق لسانيات النص فيما يلي:
أولًا: الاتساق في لسانيات النص
يشير الاتساق في لسانيات النص إلى الروابط التي تربط بين أجزاء النص، مما يسهم في تحقيق المعنى المقصود منه. بناءً على ذلك، نجد أن الاتساق يتضمن جوانب دلالية وشكلية، ولهذا تم تقديم العديد من التعريفات للاتساق، نستعرضها كما يلي:
1- مفهوم الاتساق
- يعرف الاتساق على أنه العلاقات أو الأدوات الشكلية والدلالية التي تساعد في الربط بين العناصر الداخلية للنص، وأيضًا البيئة الخارجية المحيطة به.
تظهر هذه التعريفات الأدوات التي تضمن الاتساق على المستوى الداخلي للنص، من خلال عناصر الإحالة الداخلية، بينما تشير أيضًا إلى العناصر المرتبطة بسياق النص.
- عرف فان دايك الاتساق بأنه: خاصية سمانطقية للخطاب تعتمد على تفسير كل جملة مفردة بارتباطها مع أخرى.
وبذلك، يُعتبر الاتساق عند فان دايك شاملًا، حيث يجمع بين الترابط الشكلي والمفاهيمي لتحقيق اتساق الخطاب.
- كما عرّف هاليداي ورقية حين فيريان الاتساق كونه: مفهوم دلالي يشير إلى العلاقات المعنوية التي تحدد النص.
2- أدوات الاتساق عند علماء النص
حدد علماء النص مجموعة من الأدوات التي تسهم في الربط بين أجزاء النص وتعزيز اتساقه، ومن أبرز هذه الأدوات ما يلي:
- الإحالة: تستخدم مع الألفاظ التي لا تحمل دلالة مستقلة وتساعد في ربط العناصر التي تشير إليها، وتنقسم إلى قسمين:
- إحالة مقامية: تتعلق بسياق المقام، حيث تربط بين الجانب اللغوي للنص والسياق الذي أُنتج فيه.
- إحالة نصية: تضمن الاتساق على مستوى البنية اللغوية للنص، وتظهر بشكل سطحي، وتنقسم إلى: إحالة قبلية وإحالة بعدية.
- الاستبدال: يتم داخل النص ويعوض عنصرًا بعنصر آخر، ويشبه الإحالة، ولكنه يتم على المستوى النحوي، ويظهر في ثلاثة أشكال: اسمي، فعلي، وعبارات.
- الحذف: يتشابه مع الاستبدال، ولكن يتم تعويضه بالصفر.
- الربط: يحدد العلاقة التنظيمية بين العناصر السابقة واللاحقة.
ثانيًا: الانسجام في لسانيات النص
يكتسب الانسجام أهمية خاصة في مجال اللغة النصية، ويعد من العناصر الأساسية التي ناقشها فان دايك في دراسته للعلاقة بين النص والاتساق. فهو يُظهر كيف تُربط الأفكار داخل النص. يمكننا فهم مفهوم الانسجام وأدواته كما يلي:
1- مفهوم الانسجام
عند الحديث عن الفرق بين الاتساق والانسجام في لسانيات النص، نجد أن الانسجام يشير إلى العلاقات التي تربط معاني الجمل في النص، وتركز على الروابط الدلالية التي تتحقق في نطاق النص.
2- أدوات الانسجام النصي
توجد العديد من الأدوات التي تتعلق بمفهوم الانسجام، ومن أبرز هذه الأدوات ما يلي:
- الوصل: يستخدم أدوات العطف (و، ف، أو، ثم) للربط بين جملتين، مما يسهل تكوين جمل مركبة.
- الاستدراك: يعتمد على استخدام الأداة “لكن” للإشارة إلى الاستدراك.
- العلاقات التعليلية: تُستخدم الأدوات مثل “لكي” و”اللام” لتوضيح علاقات السبب والنتيجة.
- علاقة الخصوص والعموم: تشمل الأدوات التي تفيد الخصوص والعموم مثل: جميع، وخاصة، وبعض، وكل، ولكل، وبكل.
- الاستمرارية والقطيعة: تتجلى من خلال أدوات الضمائر وأسماء الإشارة والمُوصلات.
إن الاتساق والانسجام هما من أهم المعايير لتحقيق تماسك النص. يساهم كل من الاتساق والانسجام بفعالية في ضمان التماسك الشامل للنص، وهما عنصران لا يمكن الاستغناء عنهما في دراسات علماء النص.