التثاؤب أثناء قراءة القرآن
إن التثاؤب الذي يصدر من الإنسان ليس فعلاً مذموماً يستوجب الإثم، حيث إنه يحدث بشكل لا إرادي، ولا يستطيع الفرد التحكم فيه. ورغم ذلك، يُفضّل كظمه وعدم إظهاره قدر الإمكان، وفي حال عدم القدرة على ذلك، يُستحب وضع اليد على الفم مع تجنب إصدار أي أصوات. وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطاسَ، ويَكْرَهُ التَّثاؤُبَ، فإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يُشَمِّتَهُ، وأَمَّا التَّثاؤُبُ: فإنَّما هو مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطاعَ، فإذا قالَ: ها، ضَحِكَ منه الشَّيْطانُ).
أسباب التثاؤب عند قراءة القرآن
يُعتبر التثاؤب أثناء قراءة القرآن أو في الصلاة من وسائل الشيطان التي يسعى من خلالها لإشغال فكر القارئ وعدم تحقيق الخشوع المطلوب في تلك اللحظات. إذ يرمي الشيطان إلى تفتير الهمم وكبح النشاط الروحي للمسلم، ما يدفعه للشعور بالكسل والرغبة في الاستراحة بعيدًا عن العبادات. يجدر بالذكر أن الشيطان لا يُسبب التثاؤب بشكل مباشر، ولكن كثرة التثاؤب أثناء العبادة تُعد من مكائده. علاوة على ذلك، يجب التنويه إلى أن ربط التثاؤب بظواهر مثل الحسد أو السحر ليس له أصل شرعي أو روحاني.
طرق معالجة التثاؤب عند قراءة القرآن
نظرًا لأن التثاؤب يُعتبر من مكائد الشيطان، فإن معالجته تكون عبر تقليل أسبابه. لذلك، ينبغي للمسلم الالتزام ببعض الأمور، من أبرزها:
- الإيمان بالله -عز وجل- والمواظبة على الأذكار المأثورة، حيث أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأذكار تعد حصنًا وحماية من الشيطان. قراءة الرقية الشرعية تساهم أيضًا في توفير الحماية والعافية من المواقف الشائكة.
- الاستعاذة بالله من الشيطان.
- محاولة كبح التثاؤب بقدر المستطاع.
- وضع اليد على الفم عند حدوث التثاؤب. فقد قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِكْ بيَدِهِ علَى فِيهِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ).
- التوقف عن قراءة القرآن عند استمرار التثاؤب، ثم العودة إليه بعد توقفه.
- بدء قراءة القرآن بنشاط وحماسة وعزيمة قوية.
- التوجه إلى الله -تعالى- بالدعاء العاشق للعافية، مع إظهار الرغبة في التخلص من أسباب التثاؤب. كما جاء في قوله -تعالى-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾.