أسباب الغفلة عن ذكر الله
تُعَد الغفلة عن ذكر الله من المشكلات العميقة التي قد تصيب الإنسان، فعندما يتملك الغفلة قلب الفرد، فإنه يبتعد عن طاعة الله وعبادته، ويُقبل على الأمور التي تشغله وتبعده عن ذكر ربه. تعد هذه الغفلة من مسببات الفشل والخسران في الحياة الدنيا والآخرة، ومن الأسباب المؤدية إليها:
- الجهل بمعرفة الله -تعالى-، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ودينه. كما جاء في قوله -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُ الْأَلْبَابِ).
- الإعراض واتباع الهوى، حيث تسد هذه التصرفات أبواب الهداية وتفتح سبل الضلال. وشواهد ذلك تتضح في قوله -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ* مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ* لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ).
- الذنوب والمعاصي تُشكل من أعظم أسباب الغفلة، كما يوضح ذلك قوله -تعالى-: (كلا بَلْ ۜ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ).
- صحبة الغافلين وأصدقاء السوء، فقد حذر الله عن طاعة من أغفل قلبه عن ذكر الله، كما جاء في قوله -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
- التهاون في أداء الصلوات وإهمال صلاة الجماعة. كما رُوي عن عبدالله بن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ).
آيات التحذير من الغفلة في القرآن
تعني الغفلة نفسها غياب الشيء عن ذهن الفرد وعدم تذكره، وقد ذُكرت العديد من الآيات في القرآن التي تحذر من الوقوع في هذا الفخ، ومن بينها:
- قال -تعالى-: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْينٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ)، حيث تُشير هذه الآية إلى أنهم يمتلكون القدرة على الرؤية والسمع، لكنهم في غفلتهم أسوأ حالاً من الأنعام.
- قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، تبرز هذه الآية جزاء من يغفل عن ذكر الله وآياته، وهو العذاب في النار.
- قال -تعالى-: (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)، حيث توضح هذه الآية أن المعرفة الدنيوية لا تنفع إذا غفل صاحبها عن الآخرة، فالأمر الأساسي هو العلم بالله وبالآخرة.
علاج الغفلة عن ذكر الله
إن الغفلة عن ذكر الله وما يترتب عليها من تداعيات تشكل خطراً كبيراً على النفس، حيث يفقد الإنسان الروح الحقيقية لوجوده وعبوديته لله. لذا، يجب العمل على الاقتراب من الله وترك حالة الغفلة، ومن العوامل التي تساعد على ذلك:
- العلم، والذي يتمثل في معرفة الله ونبيه ودين الإسلام بالأدلة، فكلما ازداد معرفة الله، زاد حبه له وتخلى عن الغفلة.
- مجالس الذكر تعتبر علاجاً فعالاً لقسوة القلوب، كما ورد في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (إذا مررتُم برياضِ الجنَّةِ فارتعوا، قالوا وما رياضُ الجنَّةِ؟ قال حِلَقُ الذِّكرِ).
- أهمية التوبة والاستغفار.
- الالتزام بتلاوة القرآن وفهم معانيه وتدبُّره بشكل مستمر.
- الدعاء واللجوء إلى الله بالتضرع.