الخطوبة وفقًا للإسلام
الخطوبة في اللغة تأتي من “الخطب”، والذي يعني الشأن أو الأمر، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا. وهناك تعبير “خطب المرأة” بمعنى أنها تُخطَب، بينما تُعتبر كلمة “الخطوبة” من المصطلحات الحديثة التي لم تكن مستخدمة بين العرب في العصور السابقة. وقد أقر مجمع اللغة العربية في مصر مشروعية استخدامها، وفي السياق الاصطلاحي تعني طلب الزواج من المرأة.
أسباب فسخ الخطوبة في الإسلام
يُستحب ألا يُفسخ الرجل خطبته لامرأة أعجبته من دون سبب مقنع، حيث تُعتبر الخطوبة وعدًا بالزواج وفسخها يعد إخلافًا لهذا الوعد. يعتبر فسخ الخطبة مُباحًا للمرأة أو وليها، وفيما يلي بعض الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فسخ الخطوبة في الإسلام:
الفسخ بسبب الإعسار بالمهر
فيما يلي توضيح آراء الفقهاء بشأن فسخ الخطبة بسبب الإعسار:
- رأى المالكية أن الخطبة تُفسخ إذا كان الخاطب معسرًا بالمهر.
- حسب الشافعية، إذا تم إثبات إعسار الخاطب أمام القاضي فإن القاضي يمنحه فرصة لمدة ثلاثة أيام، وفي صباح اليوم الرابع، يحق للمرأة المطالبة بفسخ الخطبة.
- في مذهب الحنابلة، يحق للمرأة فسخ الخطبة إذا كان الخاطب معسرًا بالمهر.
- أما الحنفية، فلم يعتبروا الإعسار بالمهر سببًا لفسخ الخطبة أو التفريق بين الزوجين.
الفسخ بسبب وجود العيوب
الأراء بين المذاهب الأربعة: الحنفية، المالكية، الشافعية، والحنابلة تتفق على جواز الفسخ بسبب وجود العيوب. حيث قام الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة بتصنيف العيوب إلى ثلاثة أنواع: عيوب تقتصر على الرجل، وأخرى تخص المرأة، وبعضها مشترك بين الطرفين. كما اتفقوا على ضرورة تضييق نطاق العيوب وعدم التوسع فيه.
يمكن إثبات العيب بطريقتين: إما من خلال اعتراف الشخص بوجود العيب الذي أشار إليه الطرف الآخر، وفي هذه الحالة يتحمل المسؤولية، أو عن طريق إنكار ذلك، وعندها يكون من واجب القاضي تكليف مختص لفحص هذا الأمر، شريطة ألا يكون الطرف الآخر على علم بالعيب عند العقد.
الفسخ بسبب عدم الكفاءة
تُعتبر الكفاءة بين الزوجين من الأمور التي أشار إليها الفقهاء حيث يُمكن أن يؤدي نقص الكفاءة إلى صعوبة في العيش المشترك. إذ إنّ الاستقرار في الزواج يتطلب مراعاة الكفاءة كشرط أساسي، وقد اشترطها الحنفية والمالكية والحنابلة كشرط لعدم فسخ الخطبة. في حين أن الشافعية اعتبروا الكفاءة حقًا للمرأة ووليها، ولهما الخيار في التخلي عن شرط الكفاءة إذا رغبوا بذلك.
الفسخ بسبب الغيبة أو الحبس أو الفقد
تواجه المرأة الحق في رفع أمرها إلى القاضي في حالات الغيبة أو الحبس أو الفقد كما أشار المالكية، حيث يحق لها ذلك في حال احتجاز الزوج أو فقده لمدة سنة أو أكثر. وفي حالة الغيبة، إذا كان القاضي على علم بمكانه، يمكنه أن يأمر بالحضور، أو يُنقل أمرها إليه، أو يُفسخ الخطبة أو الزواج.
الفسخ بسبب الردة
تتفق آراء الفقهاء على أن الردة قبل الدخول تتيح فسخ الخطوبة، حيث ذهبت الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن ردّة أحد الطرفين تتسبب في فسخ العقد على الفور. وتم استثناء المالكية من هذا الحكم إذا كان الهدف من ردّة المرأة هو فسخ العقد. أما بالنسبة للشافعية، فلا يُفسخ العقد حتى تنتهي عدتها، والتي لا تُطبق على المخطوبة اتفاقًا، مما يجعل رأيهم متوافقًا مع رأي الجمهور.