قصيدة وعشقتُ غيري
يستعرض الشاعر فاروق جويدة في قصيدته “وعشقتُ غيري” تساؤلات في الحب وأثره العميق على القلب:
لقد جئتَ تسأل، يا حبيبي، عن مشاعري:
هل لا يزال الحب يسكن قلبي ويعيش في أعماقي؟
هل استمر في النمو داخلي ويتجلى.. في دمي؟
الحب يا عمري.. تشوهه الخطايا
كنتَ يوماً حب حياتي قبل أن أتعلق.. بسواك.
لقد ذبلت أيامُك الخضراء وانتهى ربيعها،
تساقطت أزهارها في خيالي.
يا من زرعت الحب في أعماقي,
وامتلكت قلبي وغمرتني بمشاعرك.
لقد جَمعت بقايا ذاكرتي بعد أن مزقت
ساعات العمر بحلم زائل.
لو كنت تستطيع سماع نبض حبك في دمي،
لكان كالشعور بالنبض في أعماقي.
كم غارت نبضات قلبي من همساتك،
كم عانقت أحلامي طيفك الجميل.
قلبي تعلم كيف يتجاهل.. من تجاهلني،
واخذت درب النسيان بعيداً.
كان حبك في قلبي حديقة،
ملأت حياتي بالفرح والأغاني.
لكن الخريف جاء، وماتت كل زهورها،
وأصبح الربيع.. ممزقاً بالأغصان.
لا يزال بقلبي رحيق لقائنا،
فمن تذوق حباً، لا ينساه.
رغم أنني فقدت لذة الشوق،
إلا أنني أعيش.. بذكراك.
قلبي يعود إلى الدرب، ولا يرى
في عمره شيئاً.. سوى بلقائنا البعيد.
تلك الأيام التي كان فيها الدرب كقلوبنا،
نجتازها.. بلا ملل.
قصيدة حب نرجسي
تدعو الشاعرة غادة السمان في قصيدتها “حب نرجسي” إلى رحلة داخل النفس:
هل هو الدم الذي يسري في عروقك حقاً أم هو العسل؟
حينما يشتعل شغف الكتابة إليك، يتفاعل الحبر في المحبرة
كما يغلي في القدر، ويتحول القلم في يدي إلى شعلة.
يناديني الفجر: يا نرجس،
أقرب وجهي من مياه البحيرة الصافية،
وأحدق جيداً لأرى صورتك.
قصيدة أغنية حب من معقل المنسيين
يقول الشاعر محمود البريكان في قصيدته “أغنية حب من معقل المنسيين”:
يا سلوى،
لم نلتقِ من قبل، ولم أرَ فيك إلا خيالك،
حكايات تحكي لي عن طيبتك ومرحك.
لم نلتقِ أبداً، لكنني
أستمع لأخيكِ، صديقي وشريكي في عزلتي،
يتحدث عنكِ كأجمل إنسانة.
كأجمل روح مبتسمة..
عن ضحكاتكِ التي تملأ الصباح والمساء.
حبكِ للرسم والتفصيل والأزياء،
ومقصك، والصحف البيضاء،
وثيابك بالألوان المتناغمة!
أعرف حتى ما في درجك من أسرار!
أعرف كل ما قرأته من كتب،
وحتى كلماتك في الغضب أو اللوم!
حتى بعض الأغاني التي أحببتها بشغف!
يا سلوى،
يا حلمي في صمتٍ مكتئب،
يا سراً في أعماقي، وخيالاً مضيئاً
يضيء في أقصى التعب!
يا حباً لا يُعقل، يا شعراً لا يُنسى!
يا زنبقة تتفتح في أحلك الأوقات
وتفوح في صمتي.
يا مرقصة بين الحزن كأسطورة.
أقسم لو أنني رأيتك ذات يوم في أي مكان،
لأعرفك! إذا صافحتك بعد زمن،
لبكت أعماقي من الفرح!
أتصور شعركَ يرقص بمرح،
أتصور وجهك، صوتك، ولون عينيك،
ومعالم الابتسامة على شفتيك.
أتصور.. لا أستطيع تجسيد الخيال!
أتصور إخوتك الأطفال، وأي حنان
تضفينه على البيت الفارغ،
وأفكر: ما أروعك كأم في المستقبل..!
في أقبية المنسيين،
لا صوت هناك، وما في الليل سوى الحزن!
نام السجناء، ونام أخوك، ولكنني
أشعر بالأرق، أتأمل أغلالي
وأصارع أبعد آمالي،
وأفكر فيك.. وفيما سأفعله بعد سنوات
عندما أتحرر من قيود السجن.
أأحبك كثيراً أم كان مجرد هوى..؟
ثم، هل ستظلين كما أريد،
وكما أتصور، يا سلوى!؟
قصيدة الشباب والحب
يدعو الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته “الشباب والحب” إلى تأمل مسألة الفراق:
بكيت الصبا قبل أن يزول،
فيا ليت شعري، ماذا ستقول إن مضى؟
كنتُ أتمنى أن يبقى إن أنتَ حرصتَ عليه
عن الشفاه الحمراء والعينين السود;
كنت أخشى عليه أن تطيح به الأشواق،
فإنك بهذا الخوف تلقيه في قعر السقوط.
هل سيكون كالأنهار ساكناً دون جريان؟
خوفاً من الفناء؟ إذن، فاشرب من الحياة!
طريق الصبا مهما سعيتم له،
فدعه يتذوق الحب قبل أن يفقده.
كما أن المطر لا تهطل على الحجر،
فلا يثمر الزهور أو ينبت الأعشاب.
لذا فإنني أضيع في نعيم الشباب،
إن كان لذته تغذي الروح وتبعدها عن الألم.
فلا تكن مثل الأقحوانة التي راعها
قبل أن تجني الثمار فتكون في الحقل.
قد أحببت هذا الوادي، فوجدته حزينا،
فجرفه السيل في ليلة حالكة.
لم أعانق نور النجوم في ظلام،
ولا قمت بتقبيل الفجر، أو ارتشفت من الخرير.
ومضت الأيام دون أن أشعر بالشعاع والندى
على فقدانها كأنها لم تكن يوماً.
ولا تكن كالطائر الذي يظن أنه
إذا احتفظ بالألحان يكسب العظمة.
فقد خسرها والشمس تشرق به؛
والأرض تنبض بالفرح.
فبمضي نور الربيع عن الربى،
تسرب الموت إلى زهوره.
كان يجتهد ليشدو، فلم يجد حوله
سوى أوراق خريف كأحلام ملتاعة.
قصيدة يا حُبَّ إِنَّ دواءَ الحُبِّ مفْقُودُ
يتناول الشاعر بشار بن برد في قصيدته “يا حُبَّ إِنَّ دواءَ الحُبِّ مفْقُودُ”:
يا حبّ، دواء الحب مفقود،
إلا لديكِ، فهل ما أريد موجود؟
قالت: عليكَ بمن تهوى، فقلتُ لها:
يا حب، لا تلعبي بحياتي واقطعي أملي.
صبرًا على الموت، إن الموت موعود.
رؤياك تدعو المنايا قبل موعيدها،
وإن تليني، فنيلك مني مخلود.
أنتِ الأميرة في روحي وفي جسدي،
فابري وريشي بكفيكِ الأكاليل.
لا تتسرعي بقبول الموت وانتظري
يوماً كأنه قد طويتني البيض والسود.
قد عاتبني فيكِ قومٌ، فقلت لهم:
ما ذنب من قلبه هاجس مجهود؟
ما كنت أول مجنون بجاريةٍ،
تسقطت لبه والمرء صنديد.
أغراني باللوم أذن غير سامعةٍ،
وأحور العين في سمطين رعديد.
أحببت حبّي وما حبّي بمطلبٍ،
من ليس لي عنده إلا الجلاميد.
بئس العطية من حبّي، لنا حجرٌ،
بل ليس لي حجرٌ منها ولا عود.
تغدو ثقالاً وتمسي في مجاسدها،
كأنها صنمٌ في الحي معبود.
نامت ولم ألق نوماً بعد رؤيتها،
وهل ينام سخين العين معبود؟
يا حسن حبي إذا قامت لجارتها،
وفي الرواح هضيم الكشح أملود.
كأنها لذة الفتيان موفيةً،
وسكرة الموت إن لم تواف موعود.
تؤتيك ما شئت من عهدٍ ومن عدة،
فالوعود دائمة وباب النيل مسدود.
كم صادرت هامتي حبّي ببخلها،
ما خير عيش الفتى والكأس مصدود.
إنّي لأحسد مولوداً مشى قدماً،
وبلي من الداء ما لم يلق مولود.
أرى الإزار على حبّي فأحسده،
إن الإزار على ما ضمّ محصود.
يا داما كنتِ لحاجاتي وصاحبتي،
حتى اشتكيتِ وغالَ النومَ تسهيل.